العرب والقضية الفلسطينية.. كتابة وبحث/ إحسان بدره

بعد كل هذه السنيين والعقود من الظلم وللمعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني نتيجة النكبة والنكسة والعديد من الاعتداءات  الإسرائيلية اليومية على كل شئ اسمه فلسطيني  يحمل الشعب الفلسطيني مسؤولية نكبته ومأساته والمعاناة اليومية التي يعاني منها بسبب الاحتلال الصهيوني وهذا التحميل هو دعاية إسرائيل الأساسية بهدف تبرئة نفسها وتبرير سياستها العدوانية والعنصرية والتوسع.

لإقناع العالم أن نضال الشعب الفلسطيني للاحتلال هو إرهاب وادعاء  أن القيادة الفلسطينية عبر سنين الصراع هي من احترفت تفويت ف ص السلام  وأن كل ما يصيب الشعب الفلسطيني هو بسبب هذه القيادة وعدم قدرتها على إدراك المتغيرات. وبعد الانقسام الفلسطيني الذي حصل عام 2007، بدأ نتنياهو يستخدم عبارة من نفاوض حماس في غزة أو فتح في الضفة ليبرر تهربه من استحقاقات السلام.

ومن المؤسف أن العرب بدواء يستخدمون الدعاية الإسرائيلية نفسها ويحملون الشعب الفلسطيني المسؤولية  معا أنه هو الضحية ذلك لتبرير اندفاعهم نحو التطبيع  مع دولة الاحتلال والتحالف معها .

 وإن  الرد على دعاية “إسرائيل” يتمثل بسرد الوقائع ورفض القبول بالرواية الصهيونية من أساسها، ومع هؤلاء العرب المطبعين الذين استخدموا الانقسامات الفلسطينية سببًا نذكرهم بالأثمان الباهظة التي دفعتها القضية الفلسطينية نتيجة الخلافات العربية العربية، وهي الخلافات التي كانت في معظم الأحيان سببًا للانقسامات الفلسطينية، وسبب للنكسات والهزائم العسكرية والسياسية العربية التي أضاعت فلسطين، وبالمناسبة لم يكن الشعب الفلسطيني جزءًا منها.

محطات الخلافات العربية

— بعد الحرب العالمية الثانية وعندما أصبح المسرح الدولي جاهزًا لإقامة دولة إسرائيل في فلسطين، وبالتحديد عام 1947 عشية صدور قرار تقسيم فلسطين في شهر تشرين الأول عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعًا لمناقشة مسألة التقسيم. وفي ذلك الاجتماع منعت الخلافات العربية – العربية حضور ممثلي الشعب الفلسطيني “الهيئة العربية العليا” حضور الاجتماع، وأكثر من ذلك لم يستطيع وزراء الخارجية العرب الاتفاق على كيفية مواجهة التقسيم.

 — وخلال حرب عام 1948 كانت الخلافات العربية- العربية العسكرية والسياسية أحد الأسباب لحصول النكبة بهذه الفداحة، مع العلم أن قيادة الشعب الفلسطيني لم تكن تملك القرار بعد أخذه منها الحكام العرب في حينه.

— وفي قمة عام 1964، التي دعا اليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر اتفق العرب على تأسيس كيان فلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية) واختلفوا عليها وامتدت خلافاتهم إلى داخلها، بحيث أراد كل طرف أن يكون متحكمًا في قرارها أو على الأقل له تأثير به.

—  مرة أخرى لم يكن  الشعب الفلسطيني هو المسؤول عن هزيمة 1967 التي أفقدته باقي وطنه بعد أن احتلت إسرائيل الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية. بل على العكس هب مقاومًا لتحرير بلده.

— وبعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 التي فتحت مرحلة التسويات مع إسرائيل، لا حظنا أن العرب الذين كنا سعداء بتضامنهم الرائع في الحرب وبعدها بقليل، سرعان ما دب الخلاف بينهم ومنعهم من أن يفاوضوا إسرائيل موحدين مستغلين اللحظة التاريخية التي منحتهم بعض الأفضلية. خلافهم هذا امتد داخل الساحة الفلسطينية، فنحن نذكر أن كل نظام عربي احتفظ بتنظيم وحصة له في المنظمة ليعزز دوره ووجوده على حساب القضية الفلسطينية.

من يقرأ التاريخ سيكتشف ببساطة كم كان تأثير الخلافات العربية- العربية سلبيًا على القضية الفلسطينية، لأنه لو حافظ العرب على تضامنهم ووحدتهم لما وصلنا إلى هذه اللحظة التي لم نفقد بها فلسطين فقط بل مع الأسف أيضًا فقدنا سوريا والعراق وليبيا واليمن، ولم يعد أحد في العالم يحسب لهذه الأمة حسابًا.

 هل الشعب الفلسطيني هو من أوصل الأمة إلى ما وصلت إليه. بل العكس أن ما يقف بين الشعب الفلسطيني وأن يحقق أهدافه هو حال العرب وتمزقهم وضعفهم، وما الانقسام الفلسطيني إلا من صنعهم. في إطار محاولاتهم استخدام القضية الفلسطينية  لمصالحهم الضيقة الغبية، لأن كل طرف أراد أن يمسك جزءا من الورقة الفلسطينية، وكانت النتيجة كارثة على الشعب الفلسطيني وعليهم، ومن يريد منهم أن نسرد له تاريخية فليطل برأسه.

لم يكن الشعب الفلسطيني يومًا ناكرًا للجميل، فنحن وبالرغم من المرارة، فنحن نتذكر كل تضحيات أشقائنا  معنا، نذكر كل جندي عربي استشهد في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري. نذكر كل دعم قدمه الأشقاء العرب، دعم وسياسي لقد كان هناك صفحات مشرفة لأمتنا العربية في التصدي لإسرائيل، شعوبا وحكومات، فالشعوب العربية لم تتخل يومًا عن القضية الفلسطينية وعن دعم الشعب الفلسطيني. ولكن أردنا أن نذكر من يحاول تزوير التاريخ ويحمل الشعب الفلسطيني  كل مآسي الأمة العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com