المطران شوملي في قداس جنازة الأب شادي بدر: خسرناه على الأرض، وربحناه في السماء.. “إنّ عزاءنا الكبير هو المسيح، الذي أضاء ظلمة القبر بنور قيامته المجيدة، ووطىء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور”

جثمان الأب المرحوم شادي بدر على أكتف أحبائه في جبل نيبو،

القدس – ابو انطون سنيورة – جبل نيبو -الاردن -ترأس المطران وليم شوملي، النائب البطريركي للاتين في الأردن، بعد ظهر اليوم الاثنين، في كنيسة مزار النبي موسى، على جبل نيبو، مراسيم القداس الجنائزي للأب المرحوم شادي هاني بدر، أحد كهنة حراسة الأراضي المقدسة الفرنسيسكانيّة، وكاهن رعية قلب يسوع الأقدس بمدينة اللاذقيّة السورية.

ومراعاة للقوانين السارية في المملكة حول إجراءات السلامة الصحيّة، فقد اقتصرت مراسيم الجنازة والقداس الإلهي على حضور القائم بأعمال السفارة البابويّة المونسنيور ماورو لالي، والأهل وكهنة البطريركية اللاتينية والرهبنة الفرنسيسكانيّة، والراهبات. فيما بُثّت المراسيم الجنائزيّة عبر صفحة موقع أبونا الإلكتروني، رفع خلالها مئات المشاركين صلواتهم لكي يغدق الرب الرحيم بركته ورحمته على الأب شادي بدر، الكاهن والراهب الشاب، فيسكنه مقر الراحة والسلام.

عند بداية القداس، وجّه رئيس الدير الفرنسيسكاني على جبل نيبو، الأب رافائيلي كابوتو، كلمة قدّم فيها باسم حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، والرهبان الفرنسيسكان، أحرّ التعازي لعائلة الأب شادي بدر، وجميع الأهل والأصدقاء، طالبًا من الرب يسوع المسيح، القائم من بين الأموات، أن يبلسم الجراح، ويمنح ذويه الصبر والرجاء، ويسكن الفقيد الغالي الملكوت السماوي مع الأبرار والصديقين.

وقدّم الأب إياد بدر نبذة عن حياة الأب المرحوم. جاء فيها، أنه من مواليد الوهادنة 1 كانون الثاني 1981. التحق بالمعهد الإكليريكي التابع للبطريركية اللاتينية في بيت جالا عام 1994، ثم تابع دعوته في الرهبنة الفرنسيسكانيّة عام 1997. لبس الثوب الرهباني عام 2000، وأبرز النذور الأولى عام 2001، والنذور الرهبانية الدائمة في حراسة الأراضي المقدسة بتاريخ 9 تشرين أول 2005. سيم كاهنًا في العاصمة الأردنيّة عمّان بتاريخ 24 تموز عام 2008. خدم في روما (2008-2010)، وفي رعية اللاتين في حلب (2010-2013)، ومن ثم في رعية اللاتين في اللاذقية (2013 حتى رحيله).

طوبى للذين يموتون في رضى الرب

 وفي عظة القداس، قال المطران شوملي: “بتأثّر كبير نودّع الوداع الأخير كاهنًا وراهبًا عرفناه وأحببناه. كاهنًا وراهبًا غيورًا على كنيسته، مُحبًّا لعائلته الرهبانيّة، وناجحًا في عمله الرعوي. لقد انتقل الأب شادي إلى جوار الرب بشكلٍ لم يتوقعه أحد، وتحقّق فيه قول المعلم: ’إن الموت يأتي كالسارق، في ساعة لا تعلمونها‘. وبالرغم من فجائيّة موته، فقد كان الأب شادي جاهزًا للقاء الرب. ففي قداس الأحد السابق لوفاته، وصلتنا عظته لأبناء رعيته، وموضوعها مستمد من إنجيل وليمة عرس ابن الملك” (متى 22: 1-14).

وتابع النائب البطريركي للاتين في الأردن: “مّما قاله الأب شادي لأبناء رعيته في اللاذقية كان باعتبار وصيته الروحيّة الأخيرة. قال لهم: إن الوليمة التي يعدها الرب لنا في الحياة الأبدية، والأفراح التي تنتظرنا بعد الموت، هي أكثر بكثير مما يتصوره إنسان. وأضاف، إنّ الحياة بعد الموت أجمل من هذه الحياة الدنيا، وعلينا أن نشتاق للحياة الآخرة، لأنها الفضلى. وبعد أربعة أيام من ذلك، كان كاهننا مدعوًا إلى تلك الوليمة السماوية والأفراح الأبدية، فذهب إليها وهو لابس حلّة العرس”.

وأضاف: “نتأثّر بشريًا لأن أخانا الكاهن انتُزع من بيننا وهو صغير السن، ولم يدخل بعد العقد الرابع من عمره. وكان بإمكانه أن يعمل فترة أطول في كرم الرب. وعلى هذا السؤال، تجيب القراءة الأولى. يقول لنا سفر الحكمة (4: 7-9): ’أما البار فإنه وإن تعجّله الموت يستقرّ في الراحة، لأن الشيخوخة المكرمة لا تقوم على كثرة الأيام، ولا تقاس بعدد السنين. ولكن شيب الإنسان هو الفطنة، وسن الشيخوخة هي الحياة المنزهة عن العيب. ويلخص سفر الحكمة هذا القول: ’لقد بلغ الكمال في أيام قليلة، فاستوفى سنين طويلة‘ (4: 13)”.

وأردف: “لقد خسرت عائلة بدر ابنًا غاليًا لها، كما خسرت رهبانيّة الفرنسيسكان في فترة قصيرة كاهنين شابين. خسرناهما على الأرض، وأصبحا مواطنين في وطن القديسين. إنّ عزاءنا الكبير اليوم هو المسيح، الذي أضاء ظلمة القبر بنور قيامته المجيدة، ووطىء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور. وعلى ضوء قيامة الرب فإن كل موت هو عبور وفصح”. وخلص المطران شوملي عظته مقدّمًا التعزية الصادقة باسم عائلة البطريركية اللاتينية، ممثلة بالمدبر الرسولي والأساقفة والكهنة والشمامسة والراهبات، إلى عائلة الكاهن الفقيد وعشيرة آل البدور ومقطش، كما وإلى حراسة الأراضي المقدسة الفرنسيسكانيّة ممثلة بالأب الحارس فرانشيسكو باتون، ولرهبان كلية تراسنطة ومزار جبل نيبو”.

وقبل بدء مراسيم الجنازة، توجّه مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأب رفعت بدر، بكلمة شكر لكلّ الجهود الكنسيّة والرسميّة التي عملت على نقل الجثمان الطاهر من سورية إلى الأردن: حراسة الأراضي المقدسة، ممثلة بالحارس الأب فرنسيس باتون، والرئيس الإقليمي لإقليم القديس بولس الأب فراس لطفي، ودير جبل نيبو ودير تيراسنطة والرهبان والكهنة في الأردن وسورية. والبطريركية اللاتينية ممثلة بالمدبر الرسولي رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، والمطران وليم شوملي، والبطاركة ميشيل صباح وفؤاد الطوال، والأساقفة سليم الصايغ وبولس ماركوتسو والآباء الكهنة، وراهبات الورديّة.

كما قدّم الشكر للسفارة البابوية في عمّان ممثلة بالمونسنيور ماورو لالي، القائم بأعمال السفارة البابوية. والجهات الرسمية في سورية الشقيقة، من وزارة الصحة والطب الشرعي، ووزارتي الداخلية والخارجية، والمفتي العام، ورعية قلب يسوع في اللاذقية، العزيزة على قلب المرحوم. أما في الأردن، فقدّم الشكر لرئاسة الوزراء وإدارة الأزمات ووزارة الخارجية والداخلية والسفارة الأردنية بدمشق وإدارة الحدود والأمن العام. ولفت إلى أن جناز وقداس الثالث والتاسع والأربعين سيكون يوم الأربعاء الساعة 4 بعد الظهر، في كنيسة الحبل بلا دنس في الحصن، حيث احتفل الأب شادي بقداسه الأول عام 2008.

وبعد إتمام الصلوات الجنائزية، نقل الجثمان الطاهر ليوارى الثرى في المقبرة الفرنسيسكانية على جبل نيبو.

الراحة الأبدية أعطه يا رب، والنور الدائم فليضىء له

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com