في أول حوار له.. د/ أبو عدي أبو نحل: علماء فلسطين يعانون من التجاهل والتهميش

– هناك قصور من جامعة الدول العربية تجاههم وتجاه القضية الفلسطينية برمتها.

– نحاول من خلال الندوات وورش العمل والمؤتمرات وضع تصور لإنقاذ الساحة الفلسطينية من الانقسام .

 

القاهرةحاوره/ مصطفى عمارة:ـ على الرغم من أن الساحة الفلسطينية تعد أكبر الساحات العربية زخرا بالأدباء والمفكرين وحملة المؤهلات العلمية العليا إلا أن هؤلاء العلماء يعانون من التجاهل في الداخل وعدم اهتمام الجامعة العربية في إيجاد فرص عمل لهم ، وفي ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني من حصار وانقسام وعدم إيجاد فرص عمل أدلى د/ أبو عدي أبو نحل الأمين العام لاتحاد المثقفين والكتاب والأدباء العرب بفلسطين بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره عن مجمل القضايا الفكرية والثقافية التي تجتازها أمتنا العربية والإسلامية بشكل عام والساحة الفلسطينية بشكل خاص وفيما يلي نص هذا الحوار :

 

1- على الرغم من أن فلسطين يوجد بها أكبر نسبة من حملة الشهادات العليا والدكتوراه إلا أنهم يعانون من التجاهل في الداخل والخارج . فما هي أسباب ذلك ؟

فعلاً  فلسطين زاخرة بالعلماء وفي اكبر نسبة من حملة المؤهلات العلمية العليا من الماجستير، والدكتوراه،  نسبة لعدد السكان على صعيد الوطن العربي كله، وقد صرح بذلك قبل عدة أيام أثناء حوار  إعلامي أُجري  مع د.احمد أبو الغيط رئيس جامعة الدول العربية.

صدقت بتوصيفك الدقيق بانهم يعانون من التجاهل في الداخل صحيح، أما في خارج الوطن خاصة بالدول العربية والأوروبية فلا فهم يتقلدون أكبر وأعظم الأماكن، حيث أن أشهر جراح بجراحة عمليات القلب المفتوح بألمانيا حاليا هو دكتور فلسطيني من سكان قطاع غزة وهو د. مروان الصادق.  سأكتفي به والقائمة تطول،، أما عن سبب التجاهل بالداخل فنقول: لقد ترك د.مروان ألمانيا فترة وجاء لقطاع غزة لخدمة أبناء شعبه فتعرض لمعرفة الخلافات الحزبية بين حركتي فتح وحماس، وغزة والضفة، ولمضايقات في عمله بغزة، وتدخلات غير محمودة فقرر العودة لألمانيا،، وباقي حملة الشهادات العليا يعانون الأمرين!.

فمنهم من قضى نحبه قهرا وكمداً  ومنهم من ينتظر، ومنهم من فر  مُهاجرا  كالطيور المهاجرة المغُردة خارج الأوطان، مكرهاً أخاك لا بطل،، فالاحتلال المجرم والحصار الخانق  وبعض الساسة الفاسدون وقادة الانقسام، من القطط السمان المنتفعون من بقاء  الانقسام، والفاسدين يعملون جاهدين على تجاهل المتعلمين من حملة الشهادات العليا والمناضلين الحقيقيين،  لأنهم لو تبؤوا مناصب مرموقة فسينقلب وضع الشعب الفلسطيني الأفضل تعليمياً، وصحياً واجتماعياً، واقتصادياً، ولكن هناك فئة فاسدة طُغمة  تسيطر ولا تسمح لأحد بمنافستهم، فيتجاهلون العلماء الأجلاء.

وكذلك من الأسباب التفرقة  والخلافات بين بعض حملة المؤهلات أنفسهم من تنافس غير نزيه وإقصاء بعضهم البعض بسبب الغيرة والحسد الخ…  وكذلك لا توجد  رابطة موحدة تتحدث باسمهم، ناهيك عن الانقسام، وكذلك التنظيمات والأحزاب والفصائل شلت العلماء فلا يتم توظيف إلا لمن كان ينتمي لذلك الفصيل أو الحزب أو الحركة ويا اسفاه على ذلك .

 

2- وهل هناك قصور من جامعة الدول العربية تجاهم ؟ وما هي أسباب ذلك ؟

نعم يوجد قصور كبير من جامعة الدول العربية تجاهم، وتجاه القضية الفلسطينية برُمتها، ولماذا؟ لأنهم كان على الجامعة واجب عقدي ديني، وأخلاقي ووطني، وإسلامي بالعمل على توفير فرص عمل كريمة لأولئك العلماء وحملة الشهادات العلمية العليا ليعملوا في البلاد العربية والإسلامية، بدلاً من خبراتهم وخسران  خبراتهم  في بلاد الغرب، واضرب مثالاً واحد هنا: في عام ٢٠١٩ هاجر من قطاع غزة أكثر من ٧٨ طبيباً من خيرة أطباء قطاع غزة في كل التخصصات الطبية المميزة، أتعلم لماذا؟ فهم على حق لانهم يعملون من غير رواتب، أو بنصف راتب كل شهر ونصف ويزيد،، علماً أن ذلك الراتب لا يسمن ولا يغني من جوع، بالجامعة العربية، و كل القيادات الفلسطينية كلها، من السلطة وصولاً القادة الفصائل الفلسطينية  تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الخسارة العظيمة في هروب العقول والكفاءات خارج الاوطان .

 

3- وما هو الدور الذي تقوم به باعتبار الأمين العام لاتحاد المثقفين والكتاب والأدباء العرب تجاه تلك الظاهرة ؟

الدور الذي نقوم به كبير وصعب، فنحن ومثقفين وأدباء وكتاب ، وعلماء  واكاديمين نحفر في الصخر،  لننشر الفكر، ونحاول أن نكون كالغيث أينما حل نفع، وشعارنا زرع وغرس الرياحين محاولين قلع الاشواك ، أمين أن ينبث غراسنا اجمل الثمر، ونحاول أن نقول كلمة الحق أمام كل الزعامات والفصائل والتنظيمات ولو كان قولها مُراً، علقماً، وتسعين بكل جد للتشبيك ومجد جسور الامل والثقة بين المثقفين في كافة الشعوب العربية ليكونوا منارة للعلم ونوراً  وقناديلاً منيرة في سماء القدس.

ونحاول نشر الوعي والثقافة والفكر الإسلامي الوسطي، والتغيير نحو الأفضل، ونشر الفضيلة والأخلاق، وشعارنا حتى مع من ظلمنا: ” وقولوا للناس حسنا”، والكاظمين الغيض والعافين عن الناس.

 

4- يعد الانقسام الفلسطيني من أخطر الظواهر التي تواجه القضية الفلسطينية . فما هو دوركم لمواجهة تلك الظاهرة ؟

أحسنتم القول في وصفك يُعتبر الانقسام الفلسطيني من أخطر الظواهر التي تواجه القضية الفلسطينية،،، ونحن نقول بل إن الانقسام الفلسطيني هو النكبة الثانية للشعب الفلسطيني بعد نكبة ضياع فلسطين عام ١٩٤٨م، وهو سبب مباشر لويلات ونكبات تتواصل على الشعب الفلسطيني، حيث تغول الاحتلال الصهيوني المجرم مستغلا حالة الفرقة والانقسام بين حركتي فتح وحماس،  وكذلك دمر الانقسام النسيج الاجتماعي الوطني الفلسطيني،  وأتي على كل شيء فاهلك الحرث والنسل، وجعله كالصريم، وأخذ المطبعون الانقسام سلماً، وذريعة للتطبيع، وكذلك الشعب الفلسطيني فقد الثقة بكل القيادات، وتراجعت بسببه  القضية الفلسطينية، وأغرقت وأحرقت سفينة الجهاد والنضال الفلسطيني الطويل لدحر المحتلين، ودورها لمواجهة ذلك هو الكلمة الطيبة  بين الإخوة الأعداء، ومحاولة تقريب وجهات النظر، وكتابة المقالات التي تعمل على لملمة الصف الوطني والإسلامي، وعقد ورش عمل، وندوات وحضور مئات الندوات والمؤتمرات، وكتابة البحوث العلمية، ووضع تصوراً وحلولاً للخروج من الأزمة وعنق الزجاجة ولكن لا حياة لمن تنادي.

 

5- ما هو دوركم لمواجهة الغزو الثقافي والفكري والذي يعد أخطر من الغزو العسكري ؟

لمواجهة الغزو الثقافي والفكري والذي هو فعلاً أخطر بكثير من الغزو العسكري،، عدة أمور.

١. نشر الفكر الوسطي مع شرح سماحة الإسلام.

٢. معالجة الفكر المنحرف بالفكر المعتدل، ومقارعته بالحُجة والقرائن والبراهين.

٣. تطوير المناهج التعليمية والتربوية في كل المراحل الدراسية وفرض مساقات تدريسية من رياض الأطفال إلا وهي التربية الأخلاقية، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية.

٤.  للدعاة والوعاظ وأساتذة الجامعات، وللام والأسرة والمجتمع دور كبير في ذلك فكل منا يكمل الأخر، فعلى كل فرد أن يضيء شمعة بدل لعن الظلام، بمعني أن نكون رحمة للناس، ننشر الأمل والابتسامة والقول الحسن، فلولا الأمل لفسد العمل.

٥. دورنا كمفكرين ومثقفين، وكتاب واعلامين الخ … كبير جدا فالعلماء هم من يقودوا الأمة للنصر كما كان ابن خلدون سببا في هزيمة التتار المغول واسلامهم، وكذلك الإمام العز بن عبد السلام .

 

6- ما هي رؤيتكم لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب؟ وهل يتطلب الأمر خطاب ديني وثقافي مختلف لمواجهة دعاوى وصف الدين الإسلامي بالإرهاب ؟

أعتقد أجبت سابقا عن هذا السؤال وأكمل الإجابة بقولنا:

١. يتطلب الأمر خطاب ديني موحد ووسطي.

٢.خطاب ثقافي أخلاقي بمعني أن يفوح من الداعية والمتحدث عطر  أخلاقه، فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الدين.

٣. أن نكون كمثقفين قرائنا يمشي على الأرض، وأن يطابق قولها فعلنا.

أن نبين دوما سماحة الإسلام وان نقول أجمل الكلام وأن نُحبب  العباد برب العباد، وبرحمته بعباده، وحبه لهم.

– التركيز تاريخياً على سماحة وتفنيد الدعوات الرخيصة الكاذبة التي تشيطن الإسلام والمسلمين وتصفهم زورا وبهتانا وظلماً بالإرهاب.

فالدين الإسلامي جاء رحمةً للبشرية جمعاء.

 

7- هل يتطلب الأمر عودة الحوار الإسلامي المسيحي وما هي شروطه ؟

لابد من الحوار الهادف فكل الأنبياء إخوة وجميعهم مسلمين، وجاءوا بحقيقة واحدة هي: لا إله إلا الله  وإن الدين عند الله الإسلام، ، ولا تجادلوا  اهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن.. شروط الحوار.

١. لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق يعني لا محُاباة لأحد على حساب العقيدة.

– أن يكون المحاور ذو بصيرة،  وأخلاق حميدة وعلم زاخر كالبحر، وفهم ووعي ووسطي الفكر.

-ان يكون الحوار ليس للجدل العظيم بل لأهداف سامية هو رجاء  الخير والسلام والإسلام  للجميع.

 

8- ماذا عن قضية التعصب الطائفي والمذهبي خاصة بين السنة والشيعة وكيف يمكن مواجهتها ؟

المتعصب جاهل واعمي، ونحن ضد التعصب، المذهبي والطائفي فكل حزب بما لديهم فرحون، فنحن علينا أن نواجه  التعصب والمذهبية بان نكون دعاة للوحدة والخير وحوار الناس وحتى الفئة المنحرفة منهم فكرياً وعقدياً من الشيعة، وان نتعامل معهم بالمنطق، وبالحكمة والكياسة، والأخلاق الحسنة، والفضيلة،وندور حول ما جاء به القرآن الكريم وسنة الحبيب النبي صل الله عليه وسلم ،، وأن نكون محافظين على الشريعة الإسلامية الوسطية السمحاء  ومحاولة إصلاح ذات البين، وبالطيب من القول، وممكن مواجهتها بأن يكون كل إنسان مسلم سني قرأنا يمشي على الأرض يفوح منه عطر الأخلاق، ونور وسطية الإسلام .

 

9- هل ترى أن هناك قصور من وسائل الإعلام في مواجهة تلك الظواهر ؟

نعم هناك قصور  من بعض وسائل الإعلام  خاصة من تلك الوسائل  التي لا تنكر منكرا، ولا تقر معروفا، ولا هم لها إلا الأفلام والرقص  والغناء، والمسلسلات الهابطة،، والتي تنشر الرديئة لا الفضيلة، ومن بعض وسائل الإعلام المسموعة، والمقروءة والمكتوبة، والتي هي معول هدم لا بنا، وتدمير لا تعمير.

 

10- في النهاية كيف ترى تأثير انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على الثقافة العربية خاصة على دور الكتاب ؟

نري  انتشار وسائل التواصل الاجتماعي  على الإنترنت أمر جيد وجميل،، بحيث أصبح  العالم قرية صغيرة، وهو سلاح ذو حدين، له جوانب رائعة عظيمة منيرة شامخة راقية، أثرت واخترت الساحة العربية ببحر فاخر  عاطر، ماطر، سائر  منير، من العطاء والألق، والإبداع المعرفي، والريادي، والإبداع الفكري والأدبي الخ…،  وقد اثري  الساحة العربية كثيرا،،، وبالمقابل يوجد لمواقع التواصل الاجتماعي سلاح شرير هادم قاتل غادر  يجعل العظام نخِِّرة، من غزة فكري، وثقافي سلبي دمر الشباب والبلا، والعباد، ودمر النسيج الاجتماعي وجعل المثقف رهين المحبسين هاتفه المحمول، وزاد عند البعض الخمول والفتور، ونشر السيء من القول .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com