المصالحة الفلسطينية والتدخلات العربية.. د. كاظم ناصر

التدخلات العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ليست جديدة؛ فقد تدخل في الشأن الفلسطيني قادة عرب أوفياء كان هدفهم تحرير فلسطين كجمال عبد الناصر، وعبد الكريم قاسم، ونور الدين الأتاسي وغيرهم، وقادة تعاونوا مع الصهاينة والامبريالية العالمية لاغتصاب فلسطين وإقامة دولة الاحتلال، وتدخلت دول عربية مثل سوريا وليبيا والعراق وغيرها في حركة المقاومة، واستثمرت داخل الساحة الفلسطينية فأنبتت فصائل وجبهات وتكتلات لشحذ الانقسامات والخلافات الداخلية الفلسطينية خدمة لمصالحها وتطلعات قياداتها. ولهذا فإن تدخل بعض الدول العربية في محاولات المصالحة الفلسطينية الجارية حاليا ليس جديدا أو مستغربا، ويثير الكثير من التساؤلات والشكوك!
فمن مكة المكرمة والقاهرة وصنعاء والدوحة وأخيرا بيروت وإسطنبول تأثرت محاولات المصالحة الفلسطينية بتدخلات عربية مختلفة النوايا والأهداف، ومرت بمحطات جدية في شكلها، وباتفاقات وبيانات وتصريحات ووعود فلسطينية تبشر بقرب المصالحة وإنهاء الانقسام، لكنها للأسف الاتفاقات والوعود لم تنفذ، واستمر الانقسام، وتواصلت تدخلات بعض الدول العربية، وخاصة تدخلات قطر وبعض الدول الخليجية الأخرى.
اتفاق فتح وحماس في بيروت وإسطنبول على العمل معا لإنهاء الانقسام وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني أمر مهم، وجيد، ومرحب به فلسطينيا حتى لو كانت ثقة الشعب الفلسطيني بنجاحه مهزوزة وتظللها الشكوك وسوء الظن! إنهاء الانقسام مطلب فلسطيني ملح، وضرورة أبجدية للم الشمل الفلسطيني، ولبناء أرضية صلبة لمواجهة الاستحقاقات التي تمر بها القضية الفلسطينية، ومرحب به عربيا ودوليا لأنه يزود الدول العربية الداعمة للمقاومة والرافضة لصفقة القرن والتطبيع بموارد قوة في التعامل مع المنظومة السياسية الفلسطينية، ويعزز موقف الدول الصديقة الداعمة للحق الفلسطيني وحل الدولتين كروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها.
اللقاءات الفلسطينية الأخيرة لتحقيق المصالحة تطور مهم يجب أن يقود إلى إعادة توحيد الوطن؛ لكن الجميع متخوف من تدخلات بعض الدول العربية، خاصة الخليجية منها التي طبّع بعضها من الدولة الصهيونية، وعلى ما يبدو يعمل بعضها الآخر تحت الطاولة لإفشال المصالحة الفلسطينية وتطبيق” صفقة القرن “، ولهذا فإن تصريحات بعض المسؤولين العرب ومن ضمنها تصريح الأمير بندر بن سلطان الذي اتهم فيه القيادة الفلسطينية بهدر الفرص وإضاعة القضية لم تأتي عبثا، وان الهدف منها هو إفشال المصالحة، وتمهيد الطريق لتطبيع العلاقات بين السعودية والدولة الصهيونية وتشجيع دول عربية وإسلامية أخرى على التطبيع مع تل أبيب!
الهجمة الإسرائيلية الأمريكية المدعومة عربيا التي تهدف إلى التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية تزداد شراسة، وتشكل خطرا على الوجود الفلسطيني في الداخل والشتات؛ ولهذا يجب على القيادات الفلسطينية أن تترك خلافاتها الإيديولوجية جانبا، وترفض التدخلات العربية المشبوهة في المصالحة، وتنهي الانقسام في أسرع وقت، وتعمل مع المواطنين لتنظيم مقاومة شعبية شاملة لحماية الأرض والتصدي للاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com