هنيئاً لنا، نحن عرب “إسرائيل”!.. د. منعم حدّاد

أجل، هنيئاً لنا نحن عرب “إسرائيل”!

هنيئاً ومريئاً لنا نحن عرب “إسرائيل”!

ويا عزّنا ويا سعادتنا ويا فرحنا…!

أجل، نحن عرب “إسرائيل”…

وما لنا ولبقية التسميات والنعوت والصفات…فلا نحن “فلسطينية” ولا فلسطينيي 48 ولا عرب الداخل ولا شيء آخر…

وإنما عرب “إسرائيل” وعرب “إسرائيل” فقط…

فما يصح لنا ويتاح لنا لا يصح ولا يتاح لأحد غيرنا من “إخواننا” العرب الآخرين!

نحن نرفل في ثياب العز والمجد والكرامة…

وصحيح أنه قتل العشرات من كفر قاسم في حرب الـ – 56…

وقتل ثلاثة عشر شاباً قبل عشرين عاماً!

وقتل فرد هنا وآخر هناك، إن كان في أم الحيران أو سواها…

لكن الأعمار بيد الله تعالى، والمنية لا تتقدم ساعة ولا تتأخّر ساعة، ولو لم يكن نصيب هؤلاء القتل بهذه الطريقة وهذا التوقيت لما حدث ذلك…

لذا فلماذا نلوم هذا وذاك أو نتّهم هذا وذاك؟

وترى ألم يقتل مواطنون يهود أيضاً، مثل ذلك الفتى الأثيوبي المسكين المرحوم سولومون طكا؟

وهل القتل وقف علينا أم أنه “كأس” تدور على الجميع؟؟؟

        *        *        *

ونحن فلسطينيون وطنيون، نحن “خلقنا” الفلسطينية والوطنية، وليأت العالم بأسره ليتعلم منا أصول الوطنية!

نحن ندعم أهلنا وإخوتنا وأبناء شعبنا ليس في ربوع فلسطين المحتلة فقط وإنما أيضاً في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا وفي العراق وفي كل بلد عربي يتعرض للمكائد والمؤامرات والاستهدافات الاستعمارية التي تستهدفه ونتصدى لها حتى ولو بأرواحنا التي نبذلها رخيصة من أجله!

ونحن نؤيد وندعم ونتظاهر ونهتف من أجل رفعة هذه الشعوب الشقيقة!

ونحن هنا نقاوم ونقاوم ولا أحد يقاوم ويواجه مثلنا…

فنحن نقول للبقرة يا بقرة عينك حمراء ونواجه المخرز ونلاطمه بالكف وبإنسان العين ولا نخاف ولا نخشى في الحق لومة لائم!

لكن الظروف – وما أقساها – تضطرنا أحياناً أن نتنازل عن كبريائنا ومبادئنا و”نتفاهم” وقد نتحالف ونؤيد حتى ألدّ أعدائنا وظالمينا ومضطهدينا وهاضمي حقوقنا وسالبي إرادتنا…وكل ذلك لأن الظروف لها أحكام…

        *        *        *

ثم ألا يكفينا أننا نستطيع الطيران مباشرة إلى الخليج؟…

وهل نطمح في زيارة أم الدنيا مصر وعرين المرحوم جلالة المغفور له الملك الحسين ملك الأردن فقد كدنا ننساهما من جديد؟…

ونكاد نكون أحراراً في زيارة أي بلد عربي نريد، وحتى في السودان قريباً!

وهل تعتقدون مثلاً أن “عرب مصر” يستطيعون أن يتجولوا في كافة الأقطار العربية؟

أم هل يحلم “عرب سوريا” بزيارة دول الخليج كلها مثلاً؟

أم عرب العراق المساكين…

وعن الليبيين حدث ولا حرج!

فعرب إسرائيل من مثلهم يتمتع بالمساواة التامة والديمقراطية الحقة، وليس بديموقراطية الحاكم المستبد ومساواة عامة البسطاء!

نحن نرفل هنا في ثياب العز والبحبوحة والمجد والطمأنينة…

        *        *        *

ونحن ننعم بمنتهى الديموقراطية والحرية والمواطنة الحقة!

ننتقد حتى أعلى المناصب، بدءا” برئيس الحكومة ووزرائه وأعضاء برلمانه!

فهل من يمنعنا من ذلك؟

وهل من يعاقبنا على ذلك؟

نحن نتحدى الدول العربية في أن تسمح لمواطنيها بتوجيه الانتقادات الجارحة واللوم اللاذع لحكامها ووزرائها وكبار موظفيها…

ناهيك عن مشاركتنا الفعالة في الحياة الديموقراطية وممارسة حقنا الكامل في انتخابات البرلمان واختيار ممثلينا بمنتهى الحرية والنزاهة…

وممثلونا – من مثلهم في العالم؟

هم أحرار، يعتلون منصة البرلمان – عفواً الكنيست، حصن الديمقراطية الحصينة وقلعتها المنيعة ويتفوهون بما شاءوا منتقدين موجهين لائمين مطالبين…

وهل من يمنعهم من ذلك أو يحول دون حقهم في ذلك؟

وعندما تأزف الساعة وتشتد الحبال فقد يسارعون إلى التحالف حتى مع ألد أعدائهم السياسيين وربما مع الشيطان نفسه، لغايات لا غاية واحدة ووحيدة في نفوس بعضهم.

        *        *        *

وهنيئاً لنا ليس بسبب ظروف الضمان الصحي أو الاجتماعي واللذين يؤمنان لنا شيخوخة (شبه) محترمة، بعد أن قضينا عشرات السنين من عمرنا ونحن ندفع من عرق جبيننا رسوم الاشتراك لتأمين ذلك، علماً بأن هذه من أولويات الحياة في الدول المتحضرة والمتقدمة والمتطورة والتي تحمل هموم مواطنيها وتسهر على مصالحهم، وحتى أسلافنا العرب سبقوا كل هذه الدول بمئات السنين في ضمان صحة مواطنيهم ومجتمعهم.

ناهيك عن المنح التي نحظى بها كمنحة الكورونا وفحص الكورونا المجاني والعلاجات وما إليها…

وإن ننس فلن ننسى ما نحن فيه من عزّ وبحبوحة ومجد وهناء بفضل حكومتنا الرشيدة المجيدة والتي حققت برئاسة رئيسها العبقري الفذّ ما لم تحققه أية حكومة سابقة من معاهدات صلح وسلام مع جيرانها العرب…!

ونحن عرب إسرائيل أول من يجني ثمار هذه الجهود الجبارة: فها قد أصبحنا أحراراً في التوجه إلى عدد من الدول العربية نسرح ونمرح ونلهو ونعبث ونتاجر ونستثمر فيها والحبل على الجرار…

صحيح أنه منذ عشرات السنين ووفودنا تغزو بلاد الشام وأرض الحجار وتستظل بأرز لبنان السرمدي…وأن الأردن العظيم وأرض الكنانة وتونس الخضراء والمغرب الحبيب مفتوحة أبوابها كلها على مصاريعها أمام وفودنا وحشودنا وجماهيرنا منذ سنين بلغت عدة عقود…

لكننا من اليوم وصاعداً نستطيع أن نحل ضيوفاً معززين مكرمين على دولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة ونستمتع بما فيها ونحن بحاجة إليه، ونطوف بالبحرين مستنشقين نفحات الحرية فيها، ونميل إلى السودان الشقيق…وقد نسعد بنفحات القداسة من السعودية…

وكل ذلك علناً وعلى رؤوس الأشهاد ودون لفّ أو دوران أو مواربة أو تكتم أو سرية تامة أو متكاملة أو ناقصة.

ومن يدري فلن يكون اليوم الذي نستطيع فيه أن ننهل من مياه دجلة ونتبرد بمياه بردى ليس ببعيد!

وهذه النعم والهبات ليست من حق أحد سوانا من العرب، (وحق إخواننا اليهود)!

أفلا يحق لنا والحال كذا أن نفرح ونهنأ ونتهلل بذلك، نحن عرب إسرائيل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com