نبض الحياة.. عباس يلوح بسيف التفكيك.. عمر حلمي الغول

بات من الواضح أن القائمة المشتركة تخضع لحملة شعواء من التحريض المباشر تستهدفها بالتفكيك. وهذا الاستهداف لا يقتصر على نتنياهو وزمر اليمين الصهيوني عموما والمتطرف خصوصا، وإنما الكل الصهيوني مشترك في الحملة بأساليب وعناوين مختلفة. كما أنها تقع في عين العاصفة من داخل وخارج صفوفها، من كل المتضررين من وجودها في المشهد الإسرائيلي، ومن فلسطينيين يعتبرونها نقيضا لمصالحهم، ومواقعهم. بالإضافة للجوء نخب وقوى فلسطينية من داخل الداخل ولأسباب خاصة بحرف بوصلة الاختلاف مع ممثلي القائمة، ونقلها من الأبعاد العامة إلى الخاصة، حتى انحدروا نحو الشخصنة، والتهافت الذرائعي المرضي. وقبل هذا وذاك القوى المكونة لها تعاني من تناقضات عميقة، لم يحسنوا تحديد المشترك والمختلف عليه، وبالتالي فشل ممثلوها في صياعة رؤية عمل مشتركة، ولم يتمكنوا من وضع آليات لتنظيم الخلافات والتباينات فيما بينهم.

ورغم أن البعض يعتقد أن الخلافات نشبت في أكتوبر الماضي (2020)، بيد أن التناقضات موجودة منذ يوم تشكلها، وهي كظاهرة اجتماعية مشروع ومفهوم وجود التناقضات داخلها، لكن كل ائتلاف وتحالف تسعى قواه المنخرطة فيه إلى وضع أسس صحيحة ومنطقية لبنائه لحمايته، وفتح الأفق لتطوره مع بروز الأزمات. لكن من الواضح أن القائمة يبدو من التجربة الماثلة للعيان، أنها فشلت في ذلك، والدليل أنها تعاني من أزمة حقيقية، وليست أزمة عابرة أو طارئة، ويعود السبب إلى طريقة تشكلها العاطفي والانفعالي، وغير المدروس، والبعيد كل البعد عن التنظيم الحقيقي للائتلافات. لذا جاء تفجر الأزمة عندما لم يتمكن رموزها من تجاوز أزمة إفشال التصويت على محاكمة نتنياهو، التي مررها النائب منصور عباس في الكنيست، لا بل انه فاجأهم جميعا بموقفه، أضف إلى أن ممثل الحركة الإسلامية الجنوبية، لم يتوقف عند حدود إنقاذ رأس رئيس الحكومة الفاسد من مقصلة المحاكمة، بل ذهب بعيدا للدفاع عنه، وتبرير جرائم حربه ضد الشعب العربي الفلسطيني، وحاول تمييع صورة التناقض والصراع مع اليمين الصهيوني المتطرف عموما وزعيم الليكود الفاسد خصوصا، باعتبار أن رئيس الحكومة المتهم ب3 قضايا فساد، “رجل عقلاني وواقعي”، وهو المسؤول عن إدارة مؤسسات الدولة، وبالتالي المسؤول عن تطبيق القانون، وتامين مصالح سكان البلاد. بيد أن عباس تجاهل أن هذه الحقائق، لا تنفي وجود ألف وسيلة وطريقة للتعامل مع مجرم الحرب لانتزاع حقوق الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.

وما أن هدأت نسبيًا الأزمة، حتى عاد منصور عباس إلى صدارة مشهد أزمة جديدة، ألقى بها في وجه نواب القائمة والكتل والقوى المشكلة لها يوم الأربعاء الماضي الموافق 25 نوفمبر الحالي (2020) على قناة (20)، والتي قال فيها “إذا سارت المشتركة على الطريق التي اعرضها، فنهاك فرصة لاستمرار وجودها، وعدم تفككها. وإذا كررت المشتركة نفس الأخطاء والمواقف، التي لا تحمل البشائر للمجتمع العربي، فإنها فقدت مبرر وجودها.” ولا أريد أن أناقش لا من قريب أو بعيد موضوع اليمين واليسار الصهيوني، لأنه بالمعني الدقيق للكلمة لا يوجد يسار صهيوني، لأن الصهيونية كنظرية “فكرية”، تقع في دائرة الفكر الرجعي، والعدواني، والتباين في إطار قواها السياسية شكلي ونفعي، وليس له علاقة بمفهوم اليسار عالميا. رغم ان وصف عباس نفسه بأنه يتفق مع القوى اليمينية الصهيونية، فيها خطيئة، وتساوق مع مرجعية المشروع الكولونيالي على حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية المطلبية والسياسية والقانونية. ولا ادري أن كان النائب الإسلاموي يدرك ذلك أم لا.

وبالعودة للاقتباس أعلاه، اود ان اٍسأل الأخ منصور، من الذي منحك استخدام حق النقض الفيتو على أقرانك في المشتركة؟ ومن هو الساذج ألذي يوافق على ذلك؟ أنت جزء من ائتلاف، لا تملك حق التقرير في المسائل المشتركة، التي تهم المواطنين الفلسطينيين العرب، وإنما عليك العودة للتشاور مع ممثلي الائتلاف والاتفاق على القواسم المشتركة؟ أضف لذلك، على أي أساس تهدد بفرط التحالف؟ هل تملك التقرير عن القوى الأخرى؟ من حقك ان تقرر عن نفسك، وعن حركتك بالبقاء أو الخروج، ولكن ليس من حقك التقرير بمصير القائمة المشتركة، وليس مسموحا لك بكل المعاني السياسية والتنظيمية والقانونية التقرير نيابة عن قوى القائمة بمن في ذلك حلفاءك الأقرب في حركة التغيير. من المؤكد أنت وحركتك تمثلون قطاعا من أبناء الشعب في داخل “إسرائيل” الاستعمارية، لكن لا تمثل مواطنا واحدا لا يرتبط معك ومع حركتك بصلة تنظيمية إلآ بمقدار انسجامك مع القوى الثلاثة الأخرى المشكلة للقائمة.

النائب منصور عباس، اقترح عليك مراجعة ذاتك، وتجربتك، وعد لحاضنة الشعب ككل إذا كنت معنيًا وحريصًا على بقاء القائمة المشتركة، وعليك أن تنزل عن شجرة الاستقواء بنتنياهو أو غيره من قوى اليمين الصهيوني، وان تعود لجادة مصالح الحركة الإسلامية عموما، وليس مصالحك الشخصية والنفعية. آنت مازلت في بداية الطريق، افتح القوس لتعميق العلاقات المشتركة، لا التلويح بفرط عقد القائمة. ولا تندفع كثيرا للسباحة في مستنقع ساكن شارع بلفور، لإنه سيلقي بك إلى التهلكة. إذا كان غير عابئٍ بمصالح المشروع الاستعماري الصهيوني، ويحصر كل اهتمامه في حساباته الشخصية والنفعية للبقاء في الحكم، هل تعتقد سيسأل عنك، ويحميك؟؟؟!! بالتأكيد أنت صاحب القول الفصل فيما يتعلق بمكانتك، وبحركتك فقط.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com