نبض الحياة.. لا لسياسة الإغلاق.. عمر حلمي الغول

مرة جديدة ترتفع وتيرة الحديث عن الإغلاق الشامل في أوساط لجنة الطوارىء الوطنية المختصة بمتابعة تطورات انتشار فايروس “كوفيد 19” بعد ملاحظة زيادة واتساع نطاق انتشار الوباء في أوساط المواطنين في فلسطين. وهذا الموقف يحتاج إلى التدقيق قبل الإقدام عليه، لأنه لن يجدي نفعا، وكونه لا يقدم حلا منطقيا لمحاربة الكورونا. وبالتالي على جهات الاختصاص إعادة النظر في خيار الإغلاق من حيث المبدأ، وعدم إدراجه على جدول الأعمال، ووضع فيتو عليه.

وهنا قد يبرز سؤال من قبل أصحاب وجهة النظر المتبنية لسيناريو الإغلاق، ما العمل؟ وهل يعني ذلك تبني سيناريو “مناعة القطيع”، وتعريض حياة الناس للخطر، أو ما هو البديل العلمي والمنطقي لحماية الوطن والمواطن؟ وللإجابة على الأسئلة المطروحة وغيرها، يمكن التأكيد على بعض المحددات الأساسية للواقع الفلسطيني، كي لا ننسى، أو يسقط من حسابنا واقع الحال، ونتصرف كدولة مستقلة تملك السيادة الكاملة على وطنها وشعبها، ومنها: أولا نحن دولة تقع تحت نير الاستعمار الإسرائيلية، ولا نملك التقرير، وفرض الإجراءات التي تتخذها السلطات التنفيذية على الأرض؛ ثانيا كل القرارات والإجراءات التي تتبناها لجنة الطوارىْ يقتصر تنفيذها على مدينتي رام الله والبيرة، وليس بشكل كامل، وباقي محافظات ومدن وقرى ومخيمات وخرب الوطن لا تلتزم بشيء، وقد لا تكون سمعت بالقرارات من أصله؛ ثالثا لا تغطي أجهزة الأمن كافة المحافظات والمدن لتفرض القانون فيها، وأعدادها في المحافظات الجنوبية والشمالية محدودة، أضف إلى أنها لا تتمكن من الوصول لإطراف العاصمة القدس؛ رابعا التداخل بين تقسيمات اتفاقيات أوسلو A و B و C وما يترتب عليها من تناقض فاضح في المسائل الأمنية والقانونية والاجتماعية، وانعكاس ذلك مباشرة على الالتزام من عدمه وفقا لخصائص كل منطقة، ولمن تخضع. وأساسًا لا تعير دولة الاستعمار العنصري الإسرائيلية اهتمامًا بمستقبل المواطنين الفلسطينيين، ليس هذا فحسب، بل إن قطاعا واسعا من الصهاينة المتطرفين “يتمنى موت وانتفاء الشعب العربي الفلسطيني من الوجود.

ومع ذلك،  لا يمكن قبول سيناريو “مناعة القطيع”، لأنها سياسة عدمية، ولا إنسانية، ولا أخلاقية، ولا تستقيم مع مسؤوليات الهيئات القيادية الوطنية بمستوياتها المختلفة، وفي ذات الوقت رفض سيناريو الإغلاق الشامل، لأنه يعكس سياسة الهروب للأمام من الأزمة والمعضلة، إذا ما الحل؟ أعتقد أن الأسلوب الأنجع يتمثل في أولا التعامل مع الوباء والفايروس أسوةً بكل الفايروسات السابقة، لأنه ليس اخطر من أنفلونزا الطيور أو الخنازير أو أي وباء آخر؛ ثانيا تشديد الإجراءات في كل المحافظات بما في ذلك في المنطقة C لفرض القيود والإجراءات على المواطنين؛ ثالثا تحميل سلطات الاستعمار الإسرائيلية المسؤولية السياسية والصحية والقانونية والبيئية عن اية مضاعفات أو انتكاسات في طفرات الوباء الفايروسية، وملاحقتها أمام المؤسسات الأممية عموما، ومحكمة العدل الدولية خصوصا؛ رابعا فتح كل قطاعات العمل دون استثناء، ولكن مع وضع ضوابط في نسبة التواجد البشري في كل مكان عمل. وكون دورة الحياة الاقتصادية لا تقل اهمية عن مواجهة الكورونا، لإن الفقر كافر، وهناك مجالات عمل دمرت وأفقرت، وهذا له أبعاد اقتصادية وإجتماعية وقانونية وسيكولوجية على أصحاب العمل. فضلا عن إعتقال العشرات والمئات منهم، لإنهم لم يسددوا التزاماتهم للبنوك، أو لتسديد الديون المستحقة عليهم، وتتم ملاحقتهم من قبل السلطات التنفيذية، وفي هذا غبن واضح لأصحاب رأس المال وللعمال والمأجورين؛ خامسا فتح المدارس والجامعات ورياض الأطفال بدون استثناء شرط أن يتم تقليص عدد الطلاب في الصفوف والمدرجات وقاعات المحاضرات ورياض الأطفال، أما من خلال عمل مناوبتين على مدار اليوم، أو يتم الدوام يوم بعد يوم، ولكن لا يجوز توقف الحياة الدراسية؛ سادسا منع المهرجانات والحفلات والأفراح وبيوت العزاء؛ سابعا فرض الكمامات والتباعد بين بني الإنسان في أماكن العمل واللقاءات الاجتماعية وفي المدارس والجامعات وورش العمل المحدودة؛ ثامنا تأمين التطعيم المناسب والمكفول طبيا لجميع أبناء الشعب في مختلف المحافظات، وفي مخيمات الشتات وحيثما كان تواجد فلسطيني في دول العالم، ولم يحصل على تطعيم ضد الفايروس اللعين.

معركة المواجهة مع الوباء لا تتم بالإغلاق على الذات، لأنه لا مجال لتطبيق الإغلاق، نحن لسنا الصين ولا أي دولة مستقلة وذات سيادة في الكون. وبالتالي ليتعامل أعضاء لجنة الطوارىء مع الواقع بمسؤولية عالية دون تطير أو تطرف، ولنحارب الكورونا بالتكافل وتضافر الجهود الوطنية ومن خلال عمليات التعبئة والتثقيف من خلال المنابر المختلفة والندوات والورش.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com