في يوم المرأة العالمي .. فاطمة البرناوي: أول أسيرة في الثورة الفلسطينية المعاصرة

بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

فاطمة البرناوي: أول أسيرة و بداية الحكاية، حكاية الحركة النسوية الأسيرة التي تُعتبر جزءاً أصيلاً من التجربة الجماعية للحركة الوطنية الأسيرة وتاريخها المشرف، لكنها اكتسبت خصوصية خاصة وتميزت بصفات عديدة، ومواقف كثيرة تحتاج الى من يوثقها. وهي حكاية المرأة الفلسطينية التي ظهرت بصور متعددة وحملت الهم الوطني كما الرجل تماما، ولم تردعها التقاليد والعادات الاجتماعية، ولا إجراءات الاحتلال وأدواته القمعية. حيث تعرضت للاعتقال والتعذيب والإهانة والمعاملة اللا إنسانية والتحرشات الجنسية واللفظية، واحتجزت في ظروف قاسية.

فاطمة البرناوي: هي من أوائل الفلسطينيات اللواتي خضن العمل الفدائي المسلح منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي فجرَّت شرارتها الأولى حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في الأول من كانون ثاني/ يناير عام 1965، وهي أول من سُجلت في سجلات الحركة النسوية الأسيرة. هكذا يحفظ التاريخ.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت البرناوي في 14 تشرين الأول/أكتوبر عام 1967 بعد وضعها قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس، وحكم عليها آنذاك بالسجن المؤبد “مدى الحياة”، لكن القدر لم يشأ لها أن تقضي في الأسر سوى عشر سنوات، حيث أطلق سراحها في الحادي عشر من تشرين ثاني/نوفمبر عام 1977، لكنها أبعدت إلى خارج الوطن لتواصل نضالها ضمن صفوف حركة “فتح” وقواتها المسلحة، وتزوجت الأسير المحرر ” فوزي نمر” وهو من مدينة عكا إحدى المدن الفلسطينية التي احتلت عام 1948 بعد تحرره في إطار صفقة التبادل التي جرت في مايو عام 1985، وهو مناضل عريق أقعده المرض لسنوات قبل أن يتوفى في ابريل عام 2013. وقد عادت فاطمة الى الوطن مع قدوم السلطة الوطنية عام 1994عقب اتفاقية “أوسلو” لتؤسس وتقود الشرطة النسائية الفلسطينية.

فاطمة البرناوي: تشرفت بلقائها مراراً وتحدثت معها عبر الهاتف كثيراً وما زلت على تواصل دائم معها، وأحرص على زيارتها واللقاء بها كلما زرت القاهرة، وفي كل مرة أكتشف أشياء جديدة، وأن لديها ما يدفعك للإنصات ويُجذبك للاستماع. فهي دائمة الحديث عن التاريخ والنضال والوفاء، وهي رائعة في السرد وإنصاف المحررات الأخريات، وخلال سردها تتوقف كثيرا وكثيرا عند المحطات والمواقف التي جمعتها بالشهيد الرمز “أبو عمار”. فكم هي رائعة، وكم هي تلك الأحداث بحاجة لمن يدونها ويوثق تفاصيلها، فهي تحمل في ذاكرتها أحداث كثيرة ومحطات عظيمة، وفي إحدى اللقاءات أهدتني رواية للكاتب “توفيق فياض” بعنوان مجموعة عكا (778) والتي تتحدث عن بطولات زوجها الأسير المحرر “فوزي نمر” ومجموعته العكاوية..

فاطمة برناوي: هي عنوان للحركة النسوية الأسيرة، التي استطاعت الصمود في وجه السجان وأدواته القمعية، وتحدت ظروف السجن وقساوة السجان، وخاضت مواجهات عدة خلف القضبان منذ بداية التجربة الاعتقالية من أجل انتزاع حقوقها الأساسية، والدفاع عن مبادئها ووجودها الإنساني، وقدمت خلال مسيرتها الطويلة تضحيات جسام، فحافظت على كبريائها ووجودها، وصانت كرامتها، وسجلت تجارب رائعة بصمودها، ورسمت صور مدهشة، وخطت فصولاً من والصمود والتضحية والمواقف المشرفة شكلّت بمجموعها تاريخاً ساطعاً وعريقاً للمرأة الفلسطينية عامة والحركة النسوية الأسيرة خاصة.

وتبقى فاطمة برناوي (81 عاما)، أطال الله في عمرها، وأمدها بالصحة والعافية، مناضلة استحقت إعجابنا واستحوذت على متابعتنا، وأسيرة نالت احترامنا، ومحررة حظيت بتقديرنا، وامرأة وجب تكريمها، وتجربة تستدعي توثيقها. فكل التحية للأسيرة الأولى فاطمة البرناوي ولكل الأسيرات والأسيرات المحررات في يوم المرأة العالمي، وكل عام وأنت بألف خير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com