عمواس القبيبة: يوم الإثنين في الثمانية الفصحية يوم خاص بحراسة الأراضي المقدسة

عمواس – القبيبة  – القدس – ابو انطون سنيورة – يدعى هذا اليوم بإثنين الملاك، وهو اليوم الذي يلي أحد الفصح. وفيه، يذكر الإنجيل المقدس قصة التلميذين اللذين كانا سائرين نحو قرية صغيرة، تدعى عمواس، تقع على بعد 60 غلوة من مدينة القدس. وفي الخامس من نيسان، توجه الرهبان الفرنسيسكان، وعلى رأسهم حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، نحو المزار الفرنسيسكاني الذي يقع في قرية عمواس القبيبة، للإحتفال بذكرى هذه القصة الإنجيلية.

يُلقب المزار بكنيسة ظهور ربنا يسوع المسيح. وفيه، يكرم المؤمنون اليوم ذكرى ظهور المسيح القائم، بعد قيامته. يحدد الإنجيل للمكان اسماً، كما ويحدد المسافة التي تفصله عن مدينة القدس (60 غلوة، وهي وحدة قياس استخدمها الرومان، تعادل تقريباً 11 كيلومتراً). أما القبيبة فهي من الناحية التاريخية أحدث مكان تم فيه تحديد موقع عمواس المذكورة في الانجيل، بينما كان البيزنطيون في السابق قد حدّدوا موقع عمواس في مكان آخر يبعد عدة كيلومترات عن القبيبة، ويدعى نيكوبوليس، حيث لا يزال هناك حتى اليوم مزار مقدس. أما الصليبيون، فقد عملوا على نقل الموقع إلى أبو غوش، لأن نيكوبولوس كانت تقع على بعد 160 غلوة عن مدينة القدس، وقد بدا ذلك، بحسب الكوديكس، مبالغاً فيه.

في نهاية الحقبة الصليبية، نُقِل المكان من جديد، لأن أبو غوش لم تكن واقعة بالقرب من الطريق الروماني الذي يعود إلى تلك الحقبة.

ويبدو في الواقع أن القبيبة هي التي تفي بكافة المعايير: فهي تقع على مسافة معقولة، ليست بعيدة عما تبقى من طريق رومانية تعود إلى تلك الحقبة، ولهذا السبب، قرر الفرنسيسكان الاستقرار هناك خلال القرن الرابع عشر، آخذين بعين الاعتبار أيضاً ثبوت التقاليد الشعبية والوضع التوبوغرافي الخاص بتلك القرية.

يقسم احتفال هذا النهار إلى قسمين: أولاً، القداس الإلهي الذي يقام صباحاً، ومن ثم صلاة الغروب والسجود عقب الغداء. ترأس الإحتفال حارس الأراضي المقدسة، وشارك فيه عدد كبير من الرهبان والراهبات والمؤمنين المحليين والأجانب المقيمين في القدس.

وفي عظته، علق حارس الأراضي المقدسة قائلاً: “يبدو هذا المقطع الإنجيلي غاية في الأهمية بالنسبة لحياتنا كمسيحيين. فإننا أيضاً، مثل تلميذي عمواس، نواجه خطر الشعور بأن خبرات الألم والموت تغمرنا. علينا أن نتيح لنور الأسفار المقدسة ونور القيامة، اضاءة حياتنا وصلبانها”.

تطرق من ثم الأب باتون إلى الافخارستية، قائلاً: “هنا، في هذا اليوم، وخلال الإحتفال الإفخارستي وعند كسر الخبز، لن يبقى هذا الخبز مجرد خبز، بل سيغدو جسد المسيح. (…) هو ليس أي نوع من الخبز، بل إنه الرب الحاضر من اجلنا والذي يعطي ذاته لنا”.

وبعد العظة، تمت مباركة قطع الخبز الصغيرة، التي ستوزع لاحقاً، عقب الاحتفال، على كافة المشاركين في هذه الصلاة، في إشارة إلى المقطع الإنجيلي، وتذكيراً بحضور يسوع.

إضافة إلى الاحتفال التقليدي، أقيمت في هذا العام صلاة خاصة بارك خلالها الأب الحارس لوحتين محفورتين في الخشب تم تنصيبهما وسط الممر الذي يقع في الناحية اليسرى للكنيسة. قامت بتقديم هاتين اللوحتين احدى المحسنات للحراسة، وهما من عمل الفنان ويلي ميسنير، من فال غاردينيا (إيطاليا). ترمز اللوحتان إلى مشهدي الإنجيل اللذين يشير إليهما هذا المزار. وتُظهر اللوحة الأولى يسوع سائراً في الطريق، وهو يشرح الكتب للتلميذين بينما لا تزال أعينهما مغلقة، مشيراً إلى أحد الآيتين اللتين يصف بهما أشعيا النبي عبد الله. أما اللوحة الثانية، فتُظهر الأشخاص الثلاثة جالسين معا إلى المائدة، وتبدو أعين التلميذين مفتوحة، بينما أخذ يسوع يكسر الخبز وهو جالس في وسطهما.

من ناحيته، أوضح الأب بيرنارد تيلاغاراجا، رئيس دير عمواس الذي يأوي اليوم جماعة من الرهبان ينتمون إلى فرعين مختلفين من الرهبنة الفرنسيسكانية، قائلاً: “نحن في عزلة دائمة من الناحية الجغرافية، وذلك لأسباب مختلفة. إلا أننا في هذا العام نشعر بالفرح لإعادة فتح المزار هكذا جزئياً. لبّى الكثيرون دعوتنا إلى المكوث هنا وكسر الخبز معنا، مثلما فعل التلميذان مع يسوع. إنه فرح كبير، يقترن بأملنا في أن يغدو هذا الفرح وكذلك عدد الحجاج والمؤمنين عما قريبٍ مضاعفاً بل وثلاثة أضعاف ما هو عليه اليوم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com