بيتا في مواجهة الاحتلال والحاجة الى القيادة الفلسطينية/المحامي سمير دويكات

يعود بنا التاريخ الى بداية الانتفاضة الاولى، عند سطر تاريخ بيتا من نور وقاتل فيها اهلها كأنهم جسد واحد وهو المشهد الذي يتكرر، وحتى في عهد الاحتلال الانجليزي حيث كانت بيتا تتصدر المشهد الثوري فاحد البطلين الذين دخلا التاريخ كان من بيتا، وفي دراسة المشهد نأخذه من عقل وصلابة اهل البلد الواقعة جنوب شرق نابلس، والتي صارت حديث الناس، وهي تقع على الشارع الرئيس الرابط بين مناطق شمال الضفة ووسطها وجنوبها، وهي قرية مسالمة، لكنها لا تعترف باي احتلال او أي غريب عن الديار ان لم يكن ضيفا مرحبا به، وهي التي اخذ اسمها من المبيت قبل اكثر من الف وخمسمائة سنة، وحتى في ظل توقيع اوسلو الذي حيد المقاومة واختار فيه القادة الفلسطينيون مسار المفاوضات وجاء الرئيس الحالي ليؤكد انه لا يريد غير مسار المفاوضات، والمشاهد الاخيرة والاحداث التي حصلت ومنها وقف التنسيق الامني ورفض استلام المقاصة وصفقة القرن كلها مشاهد تبني في فهم الامور، ولماذا ينتفض اهل بيتا على الرغم من ان الاستيطان منتشر في كل ربوع فلسطين؟ هذا السؤال له جواب واحد ان بيتا تؤمن بان فلسطين كل فلسطين جزء لا يتجزأ من عقيدة وطنية لا تقبل التنازل عن أي جزء منها، واننا نؤمن باننا يوما سوف نأتي محملين ببشائر النصر وتحريرها وهي المظاهر التي تجلت في الحرب الاخيرة وانتفاض داخلنا الفلسطيني الحبيب والذي مزق دولة الاحتلال وجعلها عاجزة عن مقاومة الفكر الفلسطيني والفعل المقاوم. ويوم امس كان المشهد الاهم في معادلة الصراع في ابناء لفتا القرية المدمرة بفعل الاحتلال والمهجرة منذ سنوات وهي تهتف لبيتا واهلها.

فخلال سنوات المفاوضات العبثية، بقيت بيتا تقاوم الاحتلال واصبحت عصية عليه في اختراق جدرانها على الرغم من القتل والدمار والاعتقال، والحصار الذي يطبق عليها في معظم اوقاتها ولكنها بقيت صامدة في وجه هذا الاحتلال تقدم الشهداء والجرحى والاسرى، وهي من القرى التي استمرت في مقارعة الاحتلال طوال الفترات السابقة، والان بقيت تقاوم وتقول كلمتها وحيدة ربما في ميدان يشهده الجميع.

قبل سنتان عادت الهجمة الاستيطانية للمحاولة مع بلدة بيتا في السيطرة على الارض وهي تكرار لمشهد، حصل قبل اكثر من عشرين عاما فحاول الصهاينة ان يتقدموا للاستيلاء على الارض في بيتا ولكنهم فشلوا فشل ذريع، والان يتكرر معهم المشهد في قوة ابناء بيتا وبعض الشرفاء في فلسطين والعالم الذين يساندون شعبنا في كل مواقعه ومواقفه.

لكن، وفي ظل هذه الهجمة الاستيطانية الكبيرة على اراضي بيتا من المنطقة الجنوبية المحاذية لحاجز زعترة الاحتلالي، واصل الاهالي في كل الوقت وعلى مدار الساعة في مهاجمة الاحتلال ومستوطنيه للانتقال من مسار الدفاع الى مسار المواجهة والهجوم وهو امر قامت به غزة في الحرب الاخيرة وتلاقت معه كل مناطق فلسطين دون استثناء، وبالتالي تغيير في المعركة والياتها في مواجهة الاحتلال وتحييده عن الاستيطان نحو دحره وانتهاءه بأذن الله.

وفي ظل هذه الهجمة الكبيرة من المستوطنين على بيتا، لم نرى خطط عملية من قبل وزارات الحكومة او القيادة او الفصائل او المؤسسات لمواجهة الاحتلال ومستوطنيه وان وجد فهو ضعيف، يعتريه الخجل والتقصير، وكأن بيتا اصبحت تواجه الاحتلال لوحدها مع بعض الشرفاء المخلصين، وربما هو سببه ان اهالي بيتا يفهمون هذه المعركة على انها مصيرية تقوم على زوال الاحتلال ومستوطنيه وليس مقاومة سلمية شكلية لإرضاء البعض هنا او هناك.

لن نتهم احد ولن نعيب على احد، ولكن المطلوب من القيادة وحكومتها وكل المؤسسات الوطنية ان تمنح الاهتمام الكافي لبلدة بيتا ودعم مقاومتها في انتفاضتها الشعبية كي تعمم على جميع الاراضي الفلسطينية وتكون مثالا يحتذي نحو تحرير الارض والانسان، وبالتالي تحفيز الشباب ورعايتهم، وان كانت القيادة تخشى من نقد الاحتلال وهجومه عليهم ان يعلموا ان المواجه تقوم ضد الاحتلال ومستوطنيه الذي يسرقون الارض ويهاجمون المواطنين وهذا الجيش الجبان الذي يقتل الشباب ويجرحهم، ويعتقلهم وهم مصابون وينزفون، ويدمر الارض ويغير في معالمها ويزعج المواطنين صباح ونهار، هي رسالة مشفرة بمفهوم الوطنية لمن يعقل ان الحرب القادمة والمواجهة الحتمية سيكون فيها تغيير لكافة المسارات وعلى القيادة ان تستخدم كافة امكانياتها في دعم الاهالي ووضع حد لهذا الاحتلال البغيض.

ورسالة اهالي بيتا للجميع اننا مستمرون ضد الاحتلال واعوانه ولن يثنينا احد عن مواصلة النضال المشروع الذي كفلته لنا كل الشرائع والاديان والمواثيق نحو هدف واحد وهو ازالة الاحتلال، ولن يهربنا الاحتلال بكافة معداته وجنوده او مخابراته او سجونه او رصاصه القاتل، هي الرسالة التي يجب ان تفهم هنا وهناك دون مواربة، والبقاء دائما لمن عمل وصمد وقاتل والخزي والعار للعملاء والمندسين، وانها لثورة حتى النصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com