التحديات الاقتصادية في مصر ضمن مقترحات عملية مهمة للتنمية المستدامة.. بقلم/ الدكتور عذاب العزيز الهاشمي

تعتبر عملية الإصلاح الاقتصادي في مصر التي تحققت خلال السنوات الأخيرة  من أهم  التحديات والانجازات لبرنامج العمل الحكومي والتي عكست نفسها بشكل واضح على مرتكازات البنية الاقتصادية  الأساسية للقطاعات المهمة في الدولة  وذلك من خلال النتائج  المحققة في مجالات من أهمها قطاع البنية التحتية ( الطرق والجسور وغيرها  ) بالإضافة إلى قطاع الصناعة والتجارة والزراعية وقطاع البناء والتشييد ) حيث ان أي إصلاح اقتصادي وبصرف النظر عن مضمونه، يتطلب إعادة النظر في البنية المؤسسية لإدارة الموارد المالية للدولة التي اعتمدت عليها السياسة الاقتصادية المصرية بشقيها السياسة المالية والنقدية .

تحديات اقتصادية

⦁         البطالة

تعتبر البطالة  تحديا أساسيا في البرنامج الاقتصادية الاجتماعي الحكومي فهي تمثل أخطر مشكلة تواجه الاقتصاد المصري وتهدد استقرار الاجتماعي والسياسي. وقد ارتفعت معدلات البطالة إلى ما يجاوز 10% – وتذهب تقديرات أخرى لمعدلات أعلى من ذلك – وهى مستمرة منذ مايقرب من عقد ولايبدو أنها تتجه إلى التناقص. ولا تقتصر البطالة على فئة دون أخرى، ومع ذلك فهى تصيب الشباب وخاصة خريجى المعاهد والجامعات بشكل واضح. وتذهب المؤسسات الدولية وكذا معظم الاقتصاديين إلى أن العلاج الحاسم لقضية البطالة هو زيادة معدل نمو الاقتصاد القومى, فعلاج البطالة لا يكون بخلق وظائف حكومية غير منتجه يضيف إلى إعداد البطالة المقنعة، وإنما يتطلب زيادة الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الوطني مع الزيادة فى معدلات الاستثمار وبالتالى فى معدلات النمو, ولا يتوقف الأمر على ضعف معدلات استيعاب اليد المعاملة نتيجة لضعف معدلات النمو الاقتصادي، بل أنه مع استمرار الزيادة السكانية، يضاف كل عام أفواج من الشباب الباحثين في العمل، ولذلك فان لمشكلة البطالة جانبا سكانيا يحتاج إلى سياسة سكانية أكثر فاعلية إلى جانب العمل على زيادة معدلات النمو والاستثمار وتقدر المؤسسات الدولية حاجة الاقتصاد المصري إلى النمو بمعدلات تتراوح بين 7 – 8% سنويا ولمدة عقود حتى يمكن استيعاب هذه الزيادات المستمرة في عرض العمل. كذلك فان معدلات الادخار المحلى بالنسبة للناتج الإجمالي والاستثمار المحلى تتراوح بين 17 – 18 % في حين أن هذه المعدلات لا تقل في معظم دول جنوب شرق آسيا عن 25% وترتفع أحيانا لتجاوز 30%.

 والنتيجة أن قضية البطالة هي جوهر قضية التنمية، وأنه ليس هناك علاجا جزئيا لعلاج مشكلة البطالة بعيدا عن المعالجة لقضية التنمية برمتها، وبما يؤدى إلى زيادة معدلات الاستثمار لاستيعاب اليد العاملة في أعمال منتجه والتوسع الأفقي في عدد المشاريع ذات طاقة الاستيعابية الكبيرة والمنتجة منها مشاريع النسيج والقطن والصناعات الغذائية .

مقترحات للحد من البطالة:

1- تأهيل الباحثين عن العمل في مختلف المجالات مثل النجارة والحدادة وصيد الأسماك وغيرها من المشاريع الوطنية الهامة للمجتمع حتى يتم قبولهم في المؤسسات الخاصة أو العامة أما بالنسبة للفتيات فيتم تدريبهن في جمعيات خاصة بالمرأة حتى يتم تكوين الأسرة المنتجة .

2 – على الدولة أن تبحث عن سوق محلي وعالمي لدعم وتسويق المشاريع التي ينتجها الشباب والأسر المنتجة .

⦁         الأداء الحكومي

 من خلال البرنامج الاقتصادي الحكومي الحالي  المميز وفى ضوء التحول إلى اقتصاد السوق، فنيغبى التنويه بما تقوم به الحكومة الحالية من إصلاحات من شأنها تحسين مناخ الاستثمار وبالتالى تشجيع القطاع الخاص المحلى والاجنبى على زيادة استثمارية,  واهم ما قامت به الحكومة من إعادة النظر فى قوانين الضرائب وتخفيض معدلاتها، وتخفيض التعريفة الجمركية وترشيد تبويبها وتخفيض أو إلغاء العديد من رسوم التسجيل في الشهر العقاري, أو رسوم الدمغة, وكل هذه الإجراءات مميزة عكست نفسها في النتائج الاقتصادية , إلى جانب الاستقرار والقدرة على التنبؤ والتوقع المعقول للتغيير في الأوضاع القانونية والإجرائية .

مقترحات

 فإننا نعتقد أن الخلاص الاقتصادي لمصر يتطلب إستراتيجية للتصنيع بعيد المدى فى ظل اقتصاد مفتوح والتركيز على الصادرات الصناعية وبشكل يضمن استمرار نجاحها في عالم من المنافسة ومع مسايرة التطورات التكنولوجية والمساهمة فيها ويتطلب هذا سياسات تعليمية وتدريبية مناسبة وتوفير الحوافز الكافية للصناعات المحلية والأجنبية لولوج المجالات الصناعية المختلفة مع الحرص على تطوير مزايا تناقشيه لهذه الصناعات. وبطبيعة الأحوال فان ترجمة هذه الإستراتيجية على القطاعات المختلفة يتطلب دراسات مستقلة للأخذ في الاعتبار طبيعة كل صناعة وخصائصها الذاتية وظروفها الدولية, ولكن الهام في هذه المرحلة هو التأكيد على أنه لامناص من أعطاء التطوير الصناعي الأولية في التنمية الاقتصادية، وعلى أن يكون ذلك على أساس من المزايا النسبية وفى جو من المنافسة، وبحيث تصبح الصناعات التصديرية هي قاطرة النمو التطور الاقتصادي.

3- تحدي الاستثمار

من أهم التحديات التي يواجهها الاستثمار في مصر انخفاض الاستثمارات المحلية المصرية مما يجعلها وحدها غير كافية على الإنعاش الاقتصادي المطلوب حيث تأثرت العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة مع ارتفاع طموحات المصريين وهي أهم التحديات التي تحتاج لمواجهة من جانب الحكومة من ناحية ومن جانب المستثمرين من ناحية أخرى لتشجيع الاستثمار المحلي وتوفير عدد أكبر من فرص العمل لاستيعاب طاقة الشباب.

أما عن فرص الاستثمار في مصر في هذه المرحلة فيمكن رصدها في عدد من المؤشرات التي يرى البعض فيها الجانب المتفائل ومنها من يرى الرؤية ضبابية إلى حد كبير, فأصحاب وجهة النظر الأولى يقولون إن آفاق الاستثمار وفرصه ستزيد مع استقرار الوضع الأمني والسياسي ومع قدوم مزيد من المستثمرين الأجانب، أما الجانب الآخر فيرى أن المشهد الحالي معقد إلى حد كبير خاصة من الناحية الاقتصادية وأن التزامات مصر الحالية وارتفاع توقعات الشعب المصري إلى جانب عدم استقرار الاستثمار هذا يعني أنه يحتاج لفترة لتوضح الفرص الاستثمارية.

مقترحات

١-  أهمية إتاحة فرص أكبر للاستثمار المحلي والأجنبي في كافة المجالات وذلك بتيسير القوانين الخاصة بالمستثمرين وأن تتيح قوانين الاستثمار العديد من فرص ومجالات الاستثمار أمام كافة المستثمرين بشكل عادل ومشجع وعدم تعقيد الإجراءات .

٢-  أهمية عمل لجنة اقتصادية متخصصة تجمع خبراء ومتخصصين وتكون موازية لعمل الحكومة الحالية ومن شأنها تبني أفكار استثمارية الجديدة وعمل الدراسات الأزمة لها وترتيبها من حيث الأولويات الحالية وتقديمها للحكومة ويكون لهذه الهيئة طابع استشاري يتم الأخذ به من جانب الحكومة الحالية للعمل على تشجيع الاستثمار وزيادته وتوفير فرص جديدة وفعالة من شأنها أن تستوعب الطاقة البشرية الكامنة في الشباب واستغلالها في الإنتاج.

٣-  ضرورة العمل على تنشيط قطاع السياحة في مصر، فالسياحة هي قاطرة التنمية الاقتصادية. السياحة حينما تترجم اليوم إلى أرقام فإنها تعني ما يقرب من ٤٠% من إجمالي عائدات الخدمات، متجاوزة بذلك جميع إيرادات المتحصلات الخدمية و١٩,٣% من حصيلة النقد الأجنبي، وحوالي ٧% من إجمالي الناتج المحلي بصورة مباشرة، والذي يرتفع إلى ١١,٣% إذا ما أضفنا المساهمات غير المباشرة في قطاع السياحة والمتمثلة في الخدمات المصاحبة للسفر والسياحة حيث يمثل نصيب قطاع المطاعم والفنادق فيها فقط ٣,٥% وذلك لتشابك صناعة السياحة مع كثير من القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تزيد على ٧٠ صناعة مغذية. كما تعتبر السياحة من أهم قطاعات الدولة توفيراً لفرص العمل حيث تصل نسبة الذين يعملون بها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى حوالي ١٢,٦% من إجمالي حجم العمالة في الدولة.

٤-  ضرورة عمل الشراكات البناءة بين مصر والدول الأخرى وتدعيم ذلك من خلال تبادل الزيارات والتشجيع على عقد فعاليات جديدة ومستمرة لجذب المستثمرين الأجانب .

5-  لابد من تبني سياسات وخطط مُتقدمة وواقعية، تعمل على توفير فُرص عمل، واستثمار جيد، مع التركيز على مجال البحث والتطوير، بالإضافة إلى ضرورة العمل على قضايا الدعم والأجور، وتطوير النظام الضريبي، والتوصُل إلى كيفية الإيقاف في مُواجهة أسباب تزايُد مُعدلات التضخُم، وعجز المُوازنة العامة للدولة.

وأخيرا إن مصر والأداء الحكومي المصري يتجه نحو تنمية حقيقية في البناء المؤسسي الذي سوف يكون ضمانة في استقراره ونموه في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com