قراءة في كتاب المطارد عمرو أبو ستة.. الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت

قدمنا في الاحتفال الذي أقامته حركة فتح – اقليم غرب خان يونس لتوقيع كتاب “المطارد عمرو أبو ستة” للكاتب مصطفى لقان، قراءة في كتاب “المطارد عمرو أبو ستة”. بحضور أحمد الشيبي محافظ محافظة خانيونس، وعضوي المجلس الثوري اياد نصر، واياد صافي، وأمين سر اقليم غرب خانيونس وليد شقورة، وعائلة الشهيد وعلى رأسهم والده الحاج عبد الله أبو ستة، وجمهور غفير غصت بهم قاعة رويال بلاس في خانيونس.

*

يتناول الكتاب تسجيل حياة وتجربة الشهيد عمرو أبو ستة، تلك التجربة النضالية التي امتدت لما يزيد عن عشر سنوات قضاها في مقاومة الاحتلال، واستشهد دون أن يترك قصاصة ورق تدل على عملياته النضالية، فكان على الباحث ركوب موجة البحث في دروب صعبة ليكون من خلالها سيرة نضالية للشهيد البطل، فكانت شهادات عائلته وأصدقائه الذين تشاركوا معه في النضال خير معين للباحث لتكوين السيرة.

الشهيد عمرو أبو ستة تربى منذ طفولته على حكايات الوطن المسلوب، وعلى مشاهدة الممارسات العدوانية التي يمارسها جيش الاحتلال ضد أبناء شعبه، فشب فكرياً وذهنياً على النضال ومقاومة الاحتلال، وحينما تمكن من تطبيق ما رسخ في ذهنه بادر دون أن يسأل أحد، أو يكون منتمياً لتنظيم سياسي أو عسكري، كان هدفه النضال والمقاومة، فكانت البداية قتل مستوطن يهودي يعمل في إحدى المستوطنات التي كانت مقامة على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك في سنة 1993، أي بعد سبع سنوات من اندلاع الانتفاضة الكبرى في عام 1987، والتي كان عمره آنذاك تسعة عشر عاماً، ومنذ ذلك الوقت أصبح مطارداً للاحتلال، وطول سنوات الانتفاضة، وقيام السلطة الفلسطينية وهو مطارد للاحتلال، ولم يتمكن الاحتلال من الوصول إليه رغم كل المحاولات التي قام بها من أجل القبض عليه، واتخاذ عائلته رهائن لتسليم نفسه، إلا أنه أبى أن يسلم نفسه إلا شهيداً.

هذا هو الشهيد عمرو عبد الله أبو سنة، الذي نحيي في هذه الأيام ذكرى استشهاده السابعة عشرة، فقد استشهد واقفاً وسلاحه على كتفه، لم يخضع ولم يرضخ للاحتلال. عاش مناضلاً كريماً، واستشهد بطلاً جسوراً.

لقد بدأ الشهيد البطل مرحلة الكفاح المسلح عسكرياً سابقاً أبناء جيله، فبعد عمليته البطولية في مستعمرة غوش قطيف، انتمى إلى الجناح العسكري لحركة فتح والذي كان أنذاك من عام 1987 باسم “صقور الفتح”، وكان قد التحق بحركة فتح منذ نعومة أظافره، وشارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى عام 1987، إلا أن الحجارة لم تلبي مطلبه في المقاومة، فكان لا بد من فعل يشحن المقاومة ويعلي رايتها، فحمل السكين وقتل المستوطن، ليبدأ تاريخه النضال والكفاحي.

كان يدرك على الدوام أن مهمته الأساسية في المقاومة من أجل تحرير الوطن من الاحتلال الاسرائيلي، لذلك رفض كل المغريات، ورفض التنازل عن سلاحه من أجل منصب، فكان دوماً ممتشقاً سلاحه يذود به عن شعبه، ويخوض المعارك بجانب رفاقه، ويعي جيداً أن استشهاده سيكون على يد عدوه، لذلك سعى لتربية جيل من الأبطال والمقاومين ليكونوا شعلة الكفاح والنضال بعد رحيله، وقد تحقق ما عمل عليه سنوات، وكانت كتائب أحمد أبو الريش إحدى الأجنحة المسلحة لحركة فتح عنواناً للنضال والمقاومة، وما زالت تمارس دورها النضالي في مقاومة الاحتلال، وتضع صورة الشهيد عمرو أبو ستة على صدور مقاوميها لكي تكون حافزاً ودافعاً للنضال والمقاومة، فهي صورة رجل بل بطل أفنى حياته في مقاومة الاحتلال، ورسم الطريق لكي يخطو الثوار خطواتهم نحو هدفهم المنشود.

لقد بذل الباحث جهداً كبيراً في توثيق مادته وعرضها بأسلوب سلس وبلغة بسيطة تصل إلى القارئ العادي الذي يهدف الباحث الوصول إليه، يقول في مقدمته: أحيي ذكرى هذا القائد؛ تأكيداً على التزامي بتسجيل تاريخ مشرف ومشرق لكل الأبطال من أبناء شعبنا البطل، لكي تكون هناك مادة حية للتاريخ وللأجيال القادمة؛ لنثبت للجميع أن حركة فتح ورجالها ثابتة على العهد والوفاء”.

يأتي كتاب “الشهيد عمرو أبو ستة في ستة فصول، كل فصل حمل عنواناً يعبر عن المادة البحثية التي يتناولها السرد، فنجد الفصل الأول يتناول ميلاده ونشأته وبداياته النضالية. والفصل الثاني يذكر يوميات المطاردة الساخنة للشهيد، والأماكن التي كان يختبئ فيها، ومحاولات الاحتلال اغتياله أو القاء القبض عليه. وفي الفصل الثالث يتحدث عن رحلة جديدة في النضال قام بها الشهيد وخاصة في تغيير أساليب النضال وأدواته. ويرسم في الفصل الرابع طريق النضال الذي خاضه الشهيد في مرحلة انتفاضة الأقصى والعمليات النوعية التي قام بها ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأما الفصل الخامس فكان الحديث عن الأيام الأخيرة في حياة الشهيد تلك الأيام التي قضاها شامخاً بالنضال على مساحة الوطن، متصدياً مع رفاقه لجنود الاحتلال، ويخوض الكفاح رافعاً راية تحرير فلسطين كل فلسطين، وفي تلك الأيام كان موعده مع القدر شهيداً، ففي صباح التاسع والعشرون من يوليو/ تموز عام 2004، كان يستعد لتنظيم التحرك الجماهيري تضامناً مع أهلنا في شمال غزة المحاصرين من الاحتلال الإسرائيلي، وأثناء تحركه بسيارته قصفته الطائرات الإسرائيلية وفجرت السيارة، فارتقى شهيداً، وخرجت جماهير خانيونس من شرقها وغربها تودع الشهيد، وتحرك رفاقه للانتقام لاستشهاده نحو المستعمرات الإسرائيلية التي كانت جاثمة على أراضي قطاع غزة، ودكها بالقذائف.

رحم الله الشهيد عمرو أبو ستة، وستبقى ذكراه خالدة في عقول الأجيال القادمة كبطل من أبطال الثورة الفلسطينية الذين ضحوا بأرواحهم ليعيش شعبهم بعزة وكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com