المثقف وشبيه المثقف .. مصباح أبو كرش 

✒من خلال تعاملي شبه اليومي مع بعض المحسوبين على الشريحة المثقفة من أبناء هذا الشعب في الداخل والخارج لمست صدقا كبيرا في نوايا عددا لا بأس به من المحسوبين على هذه الشريحة؛ وهو ما ترجمته الكثير من المواقف الإيجابية التي تصدر عنهم وخاصة عندما يدور النقاش حول قضايا مرتبطة بتقييم تجارب الماضي حيث تلمس الصدق والموضوعية في طرح أمثال هؤلاء وبعيدا كل البعد عن كل أشكال التعصب الحزبي والمكابرة التي جرت العادة أن تصاحب حوارات أبناء شعبنا الفلسطيني المتحزب .. فلا يتردد ذلك المثقف الفلسطيني الذي ينتمي لأحد التنظيمات الفلسطينية بالاعتراف بأخطاء مرتبطة بمواقف مسبقة اتخذها تنظيمه أو أعمال قام بها هذا التنظيم؛ مؤكدا بذلك هذا المثقف بأن تجارب الماضي وما ترتب عنها يجب أن تكون درسا للجميع وأن سفينة هذا الوطن لا يمكن أن تعود للإبحار بشكل طبيعي دون استعادة وحدة هذا الشعب وهي مسئولية تقع على عاتق المثقف الفلسطيني بالدرجة الأولى وخاصة في هذه المرحلة المعقدة التي نجح فيها القائمون على المؤامرة التي استهدفت هذا الشعب وقضيته في جعل قرار استعادة الوحدة الفلسطينية بشكل رسمي يخضع لحسابات تجاوزت بمراحل قدرات صاحب القرار الأول بالخصوص في فلسطين ومنظومته المكبلة ..

✒كمثقف فلسطيني تؤمن بأن التنظيم وسيلة لخدمة الوطن وليس العكس .. فأن تعتز بإنتمائك التنظيمي وتحترم هذا الإنتماء فهذا جميل وشرط مهم أثناء تواجدك بين المثقفين من المستقلين أو أبناء القوى والتنظيمات الفلسطينية الأخرى لأن ذلك يكسبك مصداقية ويجعل منك عنوانا حضاريا ومحترما للتنظيم الذي تنتمي له .. وما يميزك كمثقف فلسطيني عن باقي أبناء تنظيمك هي تلك الموضوعية والشفافية التي تتحلى بها عند نقاش موضوع يخص تنظيمك وهي نفس تلك الصفات التي يجب أن تحكم أداء المثقفين من أبناء التنظيمات الأخرى لكي يعود كل مردود هذه الحالة الحوارية المثقفة المسئولة وطنيا بالإيجاب على الوطن الأكبر فلسطين ..

✒في المقابل فهناك إشكاليات كبيرة تواجه هذه الحالة الفلسطينية المثقفة على مستوى المحسوبين عليها ومن أبرز مظاهرها الآتي:

– ما زال بعض المتواجدين بين شريحة المثقفين يعيشون حالة غباء حزبي مقزز من خلال تواجدهم بين هذه الشريحة المثقفة بهدف التطبيل ليل نهار للحزب الذي ينتمون له ومهاجمة الخصوم السياسيين لهذا الحزب؛ في المقابل فلا يوجد لهم مجرد “قصقوصة ورق” واحدة فيها كلمتين إنتقاد للحزب الذي ينتمون له .. أي مثقف هذا البوق الساذج فهو يفتقد لأدنى درجات المصداقية التي يجب أن تميز أي مثقف فلسطيني محترم .. كما أن هذه النوعية أصبحت “محروقة” ومحل سخرية المثقفين الحقيقيين وبما في ذلك أبناء الحزب الذي ينتمون له !!! ..

– المثقف المستوزر .. ليس عيبا ولا حراما أن يكون لأي إنسان طموح شخصي .. لكن تواجد هذه النوعية المستوزرة بين المثقفين يفقد هذه الحالة الصحية مصداقيتها؛ فالرسالة الكبيرة والسامية التي يحملها المثقف الفلسطيني الصادق لا تحتمل الهبوط لمستوى البحث عن تحقيق أهداف ومصالح شخصية من خلال هذه الرسالة ..

– المثقف التابع لمثقف أو المسحج له .. المثقف الحقيقي يملك شخصية فكرية مستقلة تحررت من قيود التبعية والتسحيج التي إحتاجها أولئك الذين قبلوا على أنفسهم هذا الإنحدار القيمي والأخلاقي في حياتهم العملية .. لذلك ولأمور أخرى دعونا نتمتع بمتابعة ومشاهدة مثقف فلسطيني حر قادر على حب وإحترام جميع المثقفين بنفس المستوى؛ والإختلاف والإلتقاء معهم بالرأي بنفس مستوى التعبير المستخدم بعيدا عن كل محاولات نقل أمراض الواقع المستعبد لصالح أشخاص وجهات لمثل هذه الحالة المثقفة الصحية الصادقة التي يتميز بها أي شخص من خلال ما يقدم من أفكار وطروحات تخدم الصالح العام وليس من خلال أنه فلان القائد أو علان المسئول وهو نفسه ذات الفلان والعلان الذي قد تكشف هذه الحالة المثقفة بأنه إنسان أجوف وفارغ فكريا ..

– المثقف الفلسطيني المنتقم أو ضحية انطباعاته المسبقة حول الغير .. هذا النوع من المثقفين متكرر جدا وهو ذلك المثقف الذي يحمل حقدا شخصيا على جهة فلسطينية ما كان ينتمي لها أو أنه يتبع لجهة فلسطينية على خصومة سياسية مع الجهة التي ينتمي لها أو أنه مثقف يعيش حالة من الاضطرابات النفسية بسبب إشكاليات يواجهها في تنظيمه أو أماكن تواجده الأخرى .. هذا النوع من المثقفين لا يمكن أن يقدم رسالة إيجابية متسلسلة بشكل طبيعي من خلال تواجده بين شريحة المثقفين، فكل الذي يمكنه تقديمه هو حلقات إيجابية متقطعة في هذه الرسالة حيث أنه سرعان ما يعود للوقوع ضحية للشعور السلبي الذي يسيطر على أفكاره وقناعاته بسبب أمور تحمل بعد شخصي وقناعات يجب عليه تجاوزها إذا كان يريد فعلا المساهمة في بناء واقع فلسطيني جديد أجمل وأفضل .. المطلوب من هذه النوعية إما مغادرة الحديث حول الشأن العام تماما وإلتزام الصمت وإما إحكام السيطرة على المشاعر السلبية الموجودة بداخلهم بسبب ما تعرضوا له وإفساح المجال لمشاعر إيجابية مسئولة أخرى تخدم الصالح العام وأهدافه من خلال ما يمكنهم تقديمه من أفكار وآراء متجردة وموضوعية ..

– مثقف (حافظ مش فاهم) .. وأكتفي بنقل ما قيل قي وصف حالة هذا المثقف من مقال “المثقف وشبيهه” للمدونة يمنى طاهر:
شبيه المثقف هذا الكائن أصبح يتكاثر سريعًا في الآونة الأخيرة، وهو مثير للحكّة والاشمئزاز. تختلف مستويات ذكائه حسب قدرته على تذكر الجملة المناسبة في الوقت المناسب، والقدرة على رصّ كلمات غير مفهومة لكنها متماسكة، توحي لمن يقرأه أو يسمعه بأن “هناك شيء ما هام يُقال” لكنه لا يعرف أبدا ما الذي يُقال ..

?الخلاصة: كيف يصبح الشعب الفلسطيني كله مثقف من خلال ما يقدمه قلة قليلة اليوم من المثقفين الفلسطينيين؟! ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com