تاريخ لا ينسى وفكرة لا تموت… 17 عامًا على استشهاد الرمز وما زلنا على العهد والقسم.. بقلم/ أبو شريف رباح

مع اقتراب الذكرى السابعة عشر لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات “أبو عمار” فإن الشعب الفلسطيني وفيا لتاريخ حافل بالنضال والكفاح، ولا زال أبناء الفتح على العهد والقسم الذي اقسموه في العام 65، ولا يزال الياسر الجاسر حاضرا في ضمير ووجدان الشعب الفلسطيني، وسوف تبقى كوفيته عنوان فلسطين الثوار والاحرار مترسخة في ذاكرة شعوب العالم كافة، تلك الكوفية التى اعتمرها أبو عمار من خلالها تعرف العالم على القضية الفلسطينية، وعلى قصة الشعب الذي طرد من أرضه بمؤامرة قادتها بريطانيا العظمى عندما وعدت اليهود بدولة لهم في فلسطين، وجلبت اليهود من كافة انحاء العالم واقامت لهم دولة في بلادنا بدون وجه حق.

فالرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات كان بلا منازع أشهر مقاتل ومكافح من أجل حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ولأجل هذه القضية أسس “أبو عمار” مع ثلة من اخوانه (حركة التحرير الفلسطيني فتح) فامتشق البندقية والقنبلة اليدوية معلنها مدوية ثورة حتى النصر.

وكان ياسر عرفات حارس البيدر الفلسطيني الذي عشق فلسطين فخلده ابناءها، قائدا ورمزا وزعيما، واستطاع أبو بفكرته الثورية أن يصنع من النكبة ثورة، من المنكوبين مقاتلين.

ياسر عرفات ذلك الرمز والقائد الفلسطيني والزعيم العربي والاممي العظيم، الذي حمل الهم الفلسطيني في قلبه وعلى كاهله لاكثر من اربعة عقود من الزمن، فقد قاد الكفاح المسلح الفلسطيني بعبوة ناسفة في عيلبون معلنا انطلاق ثورة، وبقاذف أر بي جي ورشاش ديكتريوف، قهر موشي ديان وحطم نظرية (الجيش الذي لا يقهر) معلنا نصرا في معركة الكرامة الخالدة التى اعادت الكرامة للامة بعد نكسة 67.

ياسر عرفات لمن لم يعرفه قاد معركة الصمود الأسطوري في العاصمة اللبنانية بيروت جنبا إلى جنب مع اخوانه في القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية، قاتل بشجاعة دفاعا عن عاصمة التحدي، وكبد ومقاتليه جيش الاحتلال الصهيوني الذي اجتاح لبنان عام 1982 خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، لكن وبعد حصار دام 88 يوما فرضته قوات الاحتلال الغازية عليه وعلى قواته، وعندما كان القادة العرب تغطون بالنوم العميق وجيوشهم لا تستطيع التحرك من ثكناتها، جرى اتفاق دولي قاده المبعوث الاميركي فيليب حبيب قضي بفك الحصار عن بيروت الصمود وخروج قوات الثورة الفلسطينية منها.

العدو الصهيوني حاول التخلص من “الختيار”(كما يطلق عليه شعبه)، في الكثير من عمليات الاغتيال في بيروت حين قصفت طائراته بناية الصنايع أثناء الحصار وفي تونس عندما قصفت مقره في منطقة حمام الشط، ولكن وعندما افترض قادته أن عرفات انتهى وان ثورة كسرت، بمغادرته من بيروت الصمود فاجئهم بخروجه شاهرا بندقيته ويلوح بإشارة النصر، وحينها سأله أحد الصحفيين وهو على متن السفينة اليونانية، إلى أين وجهتكم يا أبا عمار فأجابه إلى فلسطين إن شاء الله.

رحل ياسر عرفات بجسده لكن تاريخه النضالي الطويل ما زال حاضرا في ذاكرة الشعب الفلسطيني وشعوب العالم، مدرسة ثورية ونبع نضالي متدفق نهلت منه كافة حركات التحرر في العالم، وكان ولا زال الفكرة الحاضرة في عقول الثوار والباقية التى لا ولن تموت مهما طال الزمن، واصبح يوم استشهاده في 11/11 من كل عام يوما وطنيا فلسطينيا يحيي فيه الشعب الفلسطيني ذكرى قائدا تاريخيا قل نظيره، لأن ياسر عرفات ليس زعيما عاديا، انما رمزا وطنيا، فبحياته كان زعيما وقائدا، وأصبح بعد استشهاده رمزا خالدا في ذاكرة كل الفلسطينيين، حاز على محبتهم وعلى احترامهم وتقدير شعوب العالم، فقد آمن بالفكرة وصنعها من مقدرات شعبه، وكان الأب والاخ والصديق لكافة أبناء فلسطين.

وباستشهاد أيقونة الثورة الفلسطينية ومفجرها الذي حمل البندقية بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى خسر الشعب الفلسطيني وكافة الأحرار والثوار في العالم رجلا ثوريا مقاتلا على طريق تحرير بلاده وإقامة دولة مستقلة لشعبه لينعم بالعيش الكريم في ارضه مثل بقية شعوب العالم.

كان أبو عمار القائد الذي أضاء نفق النبكة، ونصر الأمة بعد هزيمة النكسة، وهو من أعاد رسم خارطة فلسطين في المحافل الدولية، وجعل من قضيتها قضية وطن محتل وحقوق مسلوبة وليس قضية إنسانية تتلقى الاعاشات والمساعدات.

نعدك يا أبا عمار أن الفكرة باقية، والدولة قادمة، والقدس عاصمة، والعودة آتية.

بيروت: 26/10/2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com