تأملات من الأرض المقدسة بمناسبة عيد الميلاد المجيد

القدس-أبو أنطون سنيورة- صرح سامي اليوسف الوكيل العام للبطريركية اللاتينية تأملاته من الأرض المقدسة بمناسبة عيد الميلاد المجيد جاء فيها مايلي تفصلنا أيام قليلة عن مطلع عام جديد مستعدين لإستقبال عيد الميلاد المجيد، لنلقي نظرة على الإنجازات والتحديات لهذا العام.

إنه من الجميل أن نرى أعداد هائلة من الحجاج والسياح تتوافد الى الأرض المقدسة، خاصة بعد مرور جائحة الكورنا ورفع قيود السفر والشروط الصحية، بالإضافة الى عودة الدخل المالي للكثير من العائلات التي تعتمد على القطاع السياحي.

ومع ذلك، نتيجة الحرب التي اندلعت في أوكرانيا لا يزال يترتب علينا التعامل مع غلاء المعيشة بسبب انخفاض كبير في أسعار الصرف، وخاصة عملة اليورو، مما أُجبرنا على تعديل الميزانيات بعناية مؤدياً إلى زيادة العجز التشغيلي.

سافرت إلى عدد من البلدان وشاركت في عدد من اللقاءات الافتراضية خلال الأشهر الماضية، وذلك بهدف مساندة عملنا في الأرض المقدسة وزيادة الوعي عن احتياجاتنا المحلية.

التقيت بفرح فرسان القبر المقدّس في أمريكا خلال رحلتي الى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ألقيت محاضرة في جامعة جورج تاون في ذكرى وفاة الراحل الأب دروّ كريستن، الذي كرس حياته لنشر السلام والعدالة، خاصة في الأرض المقدسة.

كما إلتقيت بعدد من فرسان القبر المقدس في أوروبا من خلال تطبيقي الزوم والبودكاست.

أكدت هذه اللقاءات الدعم المتواصل لشعب الأرض المقدسة من قبل فرسان القبر المقدّس، وللمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، في شهر أيلول، تمكنت لجنة المشاريع لدى فرسان القبر المقدس من زيارة الأراضي المقدسة، حيث قاموا بزيارة الأبرشية واللقاء بعدد من الأشخاص المستفيدين من برامجنا المختلفة، وإنتابني شعور رائع عند سماعي التقييمات الإيجابية الناتجة عن مشاريعنا التنفيذية، لاسيما خلال فترة الوباء.

من الجدير بالذكر إننا على قيد بناء كنيسة جديدة في الأردن بالقرب من نهر الأردن، مكان معمودية السيد المسيح، وذلك بتمويل من عائلة المعشر الأردُنية، الذي سيوفر مكان حج جديد.

لقد ملأتنا الزيارات الميدانية بالفخر والسرور لما تقدمه الكنيسة في القطاعات الثلاثة لرسالتنا وهي الدعم الإنساني والأنشطة الرعوية والتعليم، التي تساهم في تعزيز حضور الحجارة الحية، مسيحيو الأرض المقدسة.

بالنسبة الى إنجازاتنا في قطاع التعليم، فقد عاد اكثر من أربع مائة طالب وطالبة إلى مدارس البطريركية، وقد شيدت مشاريع مختلفة في مدارس البطريركية لتحسين جودة التعليم.

عادت الأنشطة الرعوية بالكامل إلى عملها كسابق عهدها، فشملت أنشطة المخيمات الصيفية والرياضات الروحية للفئات العمرية المختلفة، وزيارات ميدانية إلى الأماكن المقدسة والأنشطة الكشفية.

اجتذب الاحتفال السنوي بعيد سيدة فلسطين في دير رافات عددًا قياسيًا من المؤمنين المحليين والدوليين، مشهد لم نشهده منذ سنوات عديدة.

كما احتفلت أبرشية قبرص الأسبوع الماضي بإفتتاح مبنى جديد للنيابة البطريركية في نيقوسيا من قبل غبطة البطريرك بيير باتيستا بيتسا بالا بطريرك القدس وسائر الارض المقدسة والاردن وقبرص وتعين نائب بطريركي جديد، هذه هي الخطوة الأولى من العديد التي تهدف الى توسيع عملنا الرعوي في قبرص.

رافقنا رئيس جامعة بيت لحم خلال الزيارة الميدانية الى قطاع غزة، بهدف الإستماع الى احتياجات المجتمع المسيحي الصغير الذي ينبض بالحياة كما تم مناقشة البرامج المستقبلية من أجل التعاون بين جميع الأبرشيات.

ورغم الضغط الكبير الناتج عن جائحة الكورونا إلا أننا تمكنا من العمل في العديد من القطاعات وخاصة المساعدات الإنسانية وقطاع الصحة وخدمة اللاجئين العراقيين، وتشغيل الأيدي العاملة في غزة والقدس الشرقية التي تضررت بشكل كبير إثر الأحداث السياسية الحالية، كما وتم تقديم الآف المساعدات للفئة الأكثر تهميشًا في المجتمع.

شهدت برامج التمكين وبناء القدرات لدعم الشباب بالتعاون مع جامعة بيت لحم نجاحاً هائلاً، حيث قدمت الإرشادات والمهارات الضرورية للكثير من الأشخاص بهدف مساعدتهم على بناء مستقبل آمن.

أما بالنسبة للمشهد السياسي المحلي، فهناك تغييب للقضية الفلسطينية مع استمرار الخلافات الداخلية دون مسار واضح للمصالحة. كما وأن الانتخابات الأخيرة في إسرائيل التي ستؤدي نتائجها قريباً إلى تنصيب أكثر حكومة يمينية راديكالية في تاريخ إسرائيل، التي نخشى أن تنفذ سياسات صارمة تجاه الفلسطينيين واستبعاد أي إمكانية للتوصل إلى حل سلمي لهذا الصراع الذي دام لعقود، بالإضافة الى التغييرات الجذرية الجديدة التي سوف تزيد من استقطاب المجتمع الإسرائيلي اليهودي.

وعلى الرغم من كل هذه التغيرات، نحن على ثقة كاملة باستمرارية الكنيسة في عملها الرعوي على هذه الأرض لتكون منارة أمل لمن هم في أمس الحاجة إليها.

في الختام أتمنى حظًا سعيدًا لأحد المستفيدين من برامجنا المختصة بدعم اللاجئين العراقيين في الأردن، السيد سعد مانويل الذي لجأ مع أسرته الى الأردن قبل عشر سنوات في ظل ظروف قاسية للغاية، وهو أحد المستفيدين من دعمنا الإنساني الذي نقدمه على مدى السنوات الأربع الماضية في مكتب الإدارة العامة في عمان.

حيث سينتقل قريباً للعيش في ولاية ميشيغان في أمريكا للانضمام إلى عائلته بعد سنوات من الانفصال، دعوني أعرفكم على السيد سعد مانويل، عادة ما يكون أول من يستقبلني بابتسامته اللطيفة المعتادة في كل زيارة لي. قبل أسبوعين ، تلقى هدية مبكرة بمناسبة عيد الميلاد من السفارة الأمريكية في عمان، تبلغه أن أوراقه جاهزة، وأنه مصرح له بالانضمام إلى عائلته وبدء حياة جديدة. سوف يهاجر سعد إلى الولايات المتحدة في كانون الثاني. يعاني والده من حالة صحية سيئة لذا يتوق سعد لرؤيته. أتمنى لسعد أن تتحقق أمنيته في عيد الميلاد! وسوف نفتقده كثيرا….

في الختام، اسمحوا لي أن أعرب عن امتناننا وتقديرنا للجهات المانحة السخية من جميع أنحاء العالم، وأخص بالذكر أعضاء جمعية فرسان القبر المقدس، لدعمهم السخي الذي بدونه لن نتمكن من القيام بعملنا. كما أتمنى للعائلات والأصدقاء عيد ميلاد سعيد مع أطيب الأمنيات بالعام الجديد. اذكرونا في صلواتكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com