بين يدي مؤتمر الثقافة… استراتيجية وطنية للثقافة.. ✍🏻د. محمد إبراهيم المدهون

تعتبر صياغة استراتيجية وطنية للثقافة صمام أمان الإصلاح الثقافي وقناة الإصلاح وبوابته التغير الفكري وصناعة الوعي الفلسطيني.

تعتبر الثقافة عنوان الشعوب ومقياس حيويتها، وبتفعيلها تبدو حياة المجتمعات متسمة بالتقدم والرقي والحضارة، فالثقافة – بلا شك تعمل على تثبيت الهوية الوطنية، والذاكرة التاريخية الأصيلة، كما تساهم في إثراء التراث الإنساني والحضاري؛ وهي بذلك تسعى إلى بناء إنسانٍ متجردٍ من الأهواء الفارغة، وخالٍ من التشققات الفكرية والتشوُّهات الدخيلة، وتهتم بصقل شخصيته بما يحقق تدعيم المجتمع وخدمته وتنميته، كما تعنى الثقافة بتنمية القدرات الذاتية للفرد وتطويرها والاستفادة منها في مجالات خدمة الإنسانية والأوطان.

أزمة الثقافة إنما أزمة قيم ثقافية وحضارية لا تعيد للثقافة الاعتبار في صناعة الوعي، والطريق للبناء الثقافي يكمن في إزالة عوائق صناعة الثقافة وربما هذا بسبب غياب الإنتاج الفكري الإبداعي هذا الإنتاج الذي يفتقد لسنة التنوع فيغدو ضعيفاً ركيكاً.

وصناعة الثقافة ليست هدفاً بذاتها ولكن غايتها صناعة المثقف الطليعي الذي يتسلح بقوة المبدأ ونور المعرفة ومصداقية الوعي والتفكير والذي يقرب الحلم من الواقع عبر إنتاج الوعي ويرفع الصوت في وجه أعداء الحياة، لذلك تراه دائماً محركاً للإبداع ويفتح نوافذ للضوء الذي يحمل الحرية والأمل عبر إزالة الصدأ عن العقل والفكر ليصب كل ذلك في هوية الإنسان المعاصر ومجتمعه القائم على المدنية والحضارة ومن هنا تتحرك عجلة البناء لأمة تنهض من تحت الركام على طريق استعادة “خير أمة أخرجت للناس”.

والمساهمة في صناعة المثقف جزء رئيس من الدور المحوري في استراتيجية وطنية ثقافية راسخة لشعب تحت الاحتلال عنوانها ” المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر “.

ومن أجل الانتصار في معركة الثقافة وصناعة الوعي الفلسطيني الحاجة قائمة لكوكبة من البرامج الثقافية والفنية على أساس من الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني جامعها خوض معركة الثقافة من أجل صناعة الإنسان الفلسطيني الجديد على أساس من الحق الأبلج والرؤية الواضحة باتجاه تحرير فلسطين وبناء الدولة المدنية الرائدة بأفق ثقافي حضاري.

تهدف استراتيجية وطنية للثقافة في فلسطين بشكل عام إلى تشكيل إطار عمل منظم لجهود المعنيين برعاية العمل الثقافي في فلسطين وتنميتهم وتوحيد الجهود التي تبذل في هذا المجال وتحديد أولويات العمل من أجل الوصول إلى رؤية مشتركة نحو القطاع الثقافي وتوجيهه بما يعكس خصوصية فلسطين التي تتعرض لتهويد مقدساتها وأراضيها وطمس هويتها وتدمير تراثها وموروثها، ويعكس مبادئ شعبنا وتطلعاته المستقبلية وذلك من خلال الخطط والمشاريع والبرامج والفعاليات الموجهة تجاه القضايا الثقافية وتعزز العمل المؤسسي ضمن إطار التنسيق والتعاون والتكامل والشراكة.

إن امتلاك رؤية صناعة ثقافة المقاومة على قاعدة التحرير منطلق رئيس للفعل في المشهد الثقافي الفلسطيني وهذا يحتاج تعضيد من كافة الأطراف والأطياف على قاعدة “فلسطين توحدنا”، ومن خلال منهج تعزيز العمق الثقافي الخارجي مع أحرار العالم ومع عالمنا العربي والإسلامي والدولي على قاعدة ” التحشيد الثقافي لفلسطين “.

أتمنى لمؤتمر استراتيجيات الثقافة الخروج باستراتيجية وطنية للثقافة ترى النور واقعاً راسمين بوصلة المسار ومراحل الإنجاز.

آملاً من قادة الحركة الثقافية الفلسطينية وعبر مؤتمر استراتيجيات الثقافة في كافة المواقع أن يعتمدوا استراتيجية وطنية موحدة للثقافة الفلسطينية تمثل خارطة طريق عملهم المشترك.
وآمل أن تكون الاستراتيجية الوطنية للثقافة وسياساتها وبرامجها تحقق التجذير الثقافي لصالح مشروع الأمة (فلسطين).

وزيــــر الثقافـــــة الفلسطيني السابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com