حكومة الاحتلال تقرّ خطة خمسية جديدة لتهويد الشطر الشرقي للقدس المحتلة/ إعداد: علي إبراهيم

ومؤسسة القدس الدولية تحذر من تصاعد العدوان على الأقصى في تقريرها السنوي عينٌ على الأقصى

تستمر اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك بشكلٍ شبه يومي، وتشهد هذه الاقتحامات أداء المستوطنين للصلوات اليهوديّة العلنية في ساحات الأقصى الشرقية، بحماية عناصر الاحتلال الأمنية. أما على الصعيد الديموغرافي تتابع أذرع الاحتلال هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم، وشهد أسبوع الرصد جملةً من التطورات شملت إقرار مخطط استيطاني لتوسعة مستوطنتي “راموت” و”بسغات زئيف” شمال شرقي القدس المحتلة، يتضمن بناء 2430 وحدة استيطانية جديدة، إضافةً إلى نحو 500 غرفة فندقية على أراضي جبل المكبر. وإقرار ملايين الشيكلات لتعزيز أمن المستوطنات في القدس المحتلة، ضمن خطة أعلن عنها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. أما أخطر المخططات تلك التي أعلن عنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وتصل إلى نحو 3.2 مليار شيكل، وتشمل فرض المزيد من التهويد على الشطر الشرقي من القدس المحتلة، وتتضمن بنودًا تتعلق برفع أعداد الطلبة الملتحقين بالمناهج الإسرائيلية، وزيادة أعداد الشرطة في المدينة المحتلة، إلى جانب تطوير العمالة، في سياق تحويل المقدسيين إلى عمالة تكنولوجية رخيصة. أما على صعيد التفاعل، تسلط النشرة الأسبوعية الضوء على التحذيرات التي أطلقتها مؤسسة القدس الدولية في مؤتمر إطلاق تقريرها “عينٌ على الأقصى” السابع عشر، وأبرزها تصاعد نفوذ “جماعات المعبد” ومخططاتها لرفع حجم الاعتداء على الأقصى.

التهويد الديني والثقافي والعمراني

تتابع أذرع الاحتلال اقتحاماتها شبه اليومية للمسجد الأقصى المبارك، ففي 16/8 اقتحم الأقصى 203 مستوطنين، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال، تجولوا في ساحات الأقصى بشكلٍ استفزازي، وأدوا طقوسًا يهوديّة علنية قرب مصلى باب الرحمة. وفي 17/8 اقتحم الأقصى 503 مستوطنين، بحماية قوات الاحتلال، وأدى عددٌ كبيرٌ منهم صلواتٍ يهوديّة علنية في ساحات الأقصى الشرقية. وفي 20/8 اقتحم الأقصى 138 مستوطنًا، تلقوا شروحاتٍ عن “المعبد”، وأدوا طقوسًا يهوديّة قرب مصلى باب الرحمة. وفي 21/8 تزامنًا مع ذكرى إحراق الأقصى اقتحم الأقصى 127 مستوطنًا، تجولوا في ساحات المسجد بشكلٍ استفزازي، وأدوا طقوسًا يهودية علنية في ساحات الأقصى الشرقية. وفي 22/8 اقتحم الأقصى 173 مستوطنًا، من بينهم 22 عنصرًا من عناصر الاحتلال الأمنية اقتحموا الأقصى باللباس المدني، تجولوا في ساحات المسجد بشكلٍ استفزازي.

التهويد الديموغرافي

لا تتوقف أذرع الاحتلال عن هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم، ففي 21/8 هدمت جرافات الاحتلال منزلًا ومصنعًا للطوب في بلدة بدو، شمال غرب القدس المحتلة، بذريعة البناء من دون ترخيص، ما أدى إلى خسائر تصل إلى آلاف الشي وبحسب مصادر من البلدة فهناك نحو 11 منزلًا ومنشأة إضافةً إلى عددٍ من المخازن، مهددة بالهدم. وفي اليوم نفسه هدمت جرافات الاحتلال أسوارًا وجدرانًا استنادية في البلدة، وأتلفت أراضٍ زراعية.

أما على صعيد المشاريع الاستيطانية، ففي 17/8 وافقت “اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء” في بلدية الاحتلال على مخطط لتوسعة مستوطنتي “راموت” و”بسغات زئيف” شمال شرقي القدس المحتلة، من خلال بناء نحو 2430 وحدة استيطانية جديدة، إضافةً إلى مباني فندقية تضم نحو 500 غرفة، في منطقة جبل المكبر جنوب شرقي المدينة المحتلة. وبحسب متخصصين بإن المشروع واحدٌ من أكبر المشاريع التي أقرتها أذرع الاحتلال في السنوات الماضية، إذ يتضمن بناء نحو 20 برجًا يتكون كلٌ منها من 24 طبقة في مستوطنة “راموت”، إلى جانب 8 بنايات من 11 طابقًا، وبرجين آخرين من 22 طابقًا في مستوطنة “بسغات زئيف” على أراضي بيت حنينا وحزما، وإلى جانب تعزيز الوجود الاستيطاني إلى محاصرة القدس بحزامٍ استيطاني، يقطع أي تواصلٍ مع المحيط الفلسطيني.

وفي سياق متصل بالاستيطان في القدس المحتلة، ففي 20/8 خصصت سلطات الاحتلال 120 مليون شيكل (نحو 31.5 مليون دولار أمريكي)، لتعزيز أمن مستوطنات القدس المحتلة، وأعلن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير عن الخطة الجديدة، التي تتضمن نشر المزيد من كاميرات المراقبة المتطورة، وزيادة رواتب قوات الاحتلال وأعدادها في المستوطنات، إضافةً إلى بناء مراكز لقوات الاحتلال، وإنشاء مركز في بلدة جبل المكبر.

وشهد أسبوع الرصد إقرار واحدةٍ من أضخم المخططات الاستيطانية، ففي 22/8 أقرت حكومة الاحتلال خطة جديدة لتهويد الشطر الشرقي من القدس المحتلة، وحملت عنوان “الخطة الخمسية لتطوير شرقي القدس”، وأعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن تخصيص 3.2 مليار شيكل (نحو 845 مليون دولار أمريكي) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للشطر الشرقي من المدينة المحتلة، ستطبق الخطة خلال السنوات الخمس القادمة ما بين 2024 و2028. وتهدف الخطة إلى فرض المزيد من القيود على المدينة المحتلة وسكانها، وخاصة في مجالات التعليم والاستيطان، فقد أعلن نتنياهو بأن الخطة “ستغيّر وجه مدينة القدس”، وبحسب الخطة سيتم تخصص 800 مليون شيكل (نحو 211 مليون دولار أمريكي) لتهويد قطاع التعليم، وتسعى الخطة إلى زيادة عدد الطلاب الملتحقين بالمناهج الإسرائيلية، وبرامج الإعداد للأكاديمية الإسرائيلية الأخرى، في سياق إدماجهم في الأكاديمية الإسرائيلية وعالم التوظيف، وتقديم الحوافز المادية والتربوية لتحقيق هذه الأهداف. وتضمن الخطة بنودًا أخرى أبرزها:

– زيادة عدد عناصر شرطة الاحتلال في الأحياء المقدسية.

– زيادة أعداد مفتشي البلديات.

– تثبيت كاميرات أمنية.

– إنشاء مراكز شرطة إضافية.

– تخصيص 507 مليون شكيل (نحو 134 مليون دولار أمريكي) لما سمته الخطة “العمالة والتنمية الاقتصادية”، وستعمل بموجبه وزارة العمل في حكومة الاحتلال على رفع أعداد المشاركين في مراكز التوجيه المهني في الشطر الشرقي من المدينة، وتعزيز التعليم التكنولوجي وصياغة خطة للحد من المتسربين من برامج التدريب، وزيادة عدد الطلاب في المدارس المهنية للشباب من خلال افتتاح مدارس جديدة.

– بناء وحداتٍ استيطانية في عددٍ من الأماكن من المدينة المحتلة.

– إنشاء “مركزٍ للابتكار التكنولوجي” وإنشاء الشركات الناشئة.

وتُشير تفاصيل الخطة إلى سعي الاحتلال لفرض سيطرته على جملةٍ من القطاعات في القدس المحتلة، وأبرزها رفع حجم سيطرته على قطاع التعليم، وربط المزيد من المقدسيين بمنظومة العمل الإسرائيلية، من خلال بنود التطوير وغير ذلك، وهو ما وصفه متابعون للشأن المقدسي بأن الاحتلال يريد تحويل المقدسيين إلى “عمالة تكنولوجية رخيصة”.

وفي سياق فرض المزيد من التضييق على المقدسيين، ففي 23/8 أغلقت بلدية الاحتلال في القدس المحتلة مرأبًا للسيارات قرب شارع الزهراء، بذريعة إقامة “البيت الثقافي”، وأثار القرار رفضًا فلسطينيًا كبيرًا، فإلى جانب أهداف المشروع التهويدية وتزوير تاريخ المدينة، فإن القرار يحرم المقدسيين من مكان لركن سياراتهم، على الرغم من الحاجة الملحة لأماكن ركن السيارات مجانية كانت أو مدفوعة، وإصدار أطقم بلدية الاحتلال المخالفات المرورية بحق سيارات المقدسيين، والتي تصل كلفتها إلى 5 آلاف شيكل (نحو 1300 دولار أمريكي)، إضافةً إلى إجراءات عقابية أخرى تتضمن سحب رخصة القيادة ومنع السيارة من السير على الطرقات وغيرها.

التفاعل مع القدس

أطلقت مؤسسة القدس الدولية، يوم الاثنين في 21/8/2023، تقريرها السنوي “عين على الأقصى” الـسابع عشر، في مؤتمرٍ صحفيٍ في العاصمة اللبنانية بيروت، بحضور ثلةٍ من الشخصيات السياسية والدينية الإعلاميين وعدد من المهتمين والعاملين لقضية القدس وفلسطين. وافتتح المؤتمر بكلمة لأستاذ بشارة مرهج، القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، تناول فيها جملةً من القضايا من الاعتداء على الأقصى والمقدسات المسيحية، ومحاولات الاحتلال السيطرة على قطاع التعليم وغيرها. وفي الكلمة الثانية استعرض الأستاذ هشام يعقوب مدير قسم الأبحاث والمعلومات في المؤسسة أبرز مضامين التقرير، مركزًا على تصاعد تأثير “جماعات المعبد” في السياسة الإسرائيلية، إن في “الكنيست” أو في حكومة الاحتلال، وتركيز هذه الجماعات على 3 أجندات مركزية، وهي التقسيم الزماني والمكاني والتأسيس المعنوي “للمعبد”، وما تقوم به هذه الجماعات لرفع الاعتداء على المسجد مسلطًا الضوء على قضية البقرات الحمراء، ومخاطرها المتوقعة. وانعكاس هذه التطورات على أعداد مقتحمي، فقد بلغوا 58533 مستوطناً وعنصرًا أمنيًا وطالبًا يهوديًا، اقتحموا الأقصى ما بين 1/8/2022 و1/8/2023، بزيادة نحو 7800 مقتحماً عن التقرير الماضي. وحول تهويد فضاء المسجد الأقصى ومحيطه، ركزت كلمة يعقوب على مشروعي “التلفريك” التهويدي والقطار الخفيف. إضافةً إلى استعراض تطورات الحفريات أسفل وفي محيط المسجد، والأخطار المحدقة بالأقصى نتيجة حرمانه من الترميم.

واستقرأت كلمة الأستاذ ياسين حموّد مدير عام مؤسسة القدس الدولية تفاعلات الأطراف المختلفة مع المخاطر المتصاعدة بحق الأقصى، مركزًا على معركة الاعتكاف التي خاصها المرابطون في الأقصى في شهر رمضان، وإطلاق عددٍ من المبادرات لرفع حجم الوجود الإسلامي في مصلى باب الرحمة. وحول المواقف الفلسطينية والعربية والإسلامية الرسمية، أكدّت الكلمة أنه لم يطرأ عليها أي تغيير، بل شهدت أشهر الرصد ترسيخًا للتطبيع مع الاحتلال، وعقد عددٍ من اللقاءات المشبوهة في العقبة في 26/2/2023، وفي شرم الشيخ في 19/3/2023، والإشارات المتتالية التي رافقت هذه الاجتماعات بأنها أتت في سياق استباق التصعيد المرتقب في شهر رمضان والأعياد اليهودية. وختم الأستاذ ياسين حمود كلمته بتقديم جملة من التوصيات للأطراف المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com