التوبة والرجوع إلى الله/  للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

خطوات هامة للتوبة   (3)

كيف أتوب ؟

التوبة والرجوع الى الله ليس مجرد ندامة أو تهدئة أو مصالحة مع الضمير ولكنه إشتياق حار ورغبة أكيدة في العشرة الصادقة مع الله و عودة ورجوع الي الأحضان الأبوية وبالتالي هي كراهية للإنسان العتيق ونفور من الخطية من أجل الالتصاق بالله وإضرام محبة الله فينا وهي تحتاج عدة خطوات …

+ محاسبة الذات .. ان الجلوس مع النفس وحساب الذات ومعرفة أننا مخطئون تجاه الله أو الناس أو أنفسنا بخطايانا هو بداية الطريق الي التوبة { لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). هكذا فعل  الابن الضالّ بعد ان أخذ نصيبه من ميراث أبيه وبدّده في أرض الخطية وجاع ولم يجد ما يشبعه حتى من أكل الخنازير كرمز للخطية رجع الي نفسه وتفكر في أمره وقال كم من أجير لأبي  يشبع خبز وأنا أهلك جوع. أقوم وأرجع إلى أبي. يجب ان نفكر فيما حصدناه فى البعد عن الله ونصارح أنفسنا والله ونقف أمامه فى خشوع ودموع ونقول له  ( أخطأت يا أبتاه فى السماء وقدامك ولست مستحقاً ان أدعى لك ابناً).  ثم نبدأ بالعمل على البعد عن الخطية والعثرات ونجاهد فى الصلاة وضبط النفس واكتساب الفضائل الروحيّة. علينا ان لا نؤجّل التوبة من يوم إلى آخر لاننا قد نعتاد الخطية وتبرد حرارة التوبة  فينا وقد يباغتنا الموت فجأة { لا تؤخر التوبة إلى الرب ولا تتباطأ من يوم إلى يوم} (سي 8:5).

+ الاعتراف الحسن .. نحن فى حاجة للاعتراف الأمين  لكى يخلصنا من الكبت والتعب النفسي الناتج عن ثقل الخطية ، كما نحتاج للارشاد من أب الاعتراف عن كيفية مقاومة الخطايا والتغلب على الضعفات ونحتاج لعلاج الخطية وآثارها وإصلاح نتائجها{ويل لمن هو وحده إن وقع إذ ليس ثان ليقيمه }(جا 4 : 10). والكاهن كخادم  أمين فيما لله يسمعنا صوت الله ويصف لنا العلاج المناسب كطبيب روحي {اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي } (مز 32 : 5) . أليست الخطية مرض روحي يحتاج الى طبيب روحيّ!. وكما ان الله هو الذي يشفي امراضنا الجسدية على يد الطبيب كذلك الله هو الشافي أمراضنا الروحية عبر الكاهن. مهمة الكاهن مثل مهمة الطبيب لذلك الكاهن لا يعالج عوارض الأمراض بل اصل المرض ، لذلك الاعتراف هو إرشاد روحي لكي يساعد المعترف على التخلص من أمراضه الروحية. ويطلب للمعترف المغفرة من الله ويطلب عن نفسه ايضا ( نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر عن عبدك وعن ضعفى نحن المنحنين برؤوسنا أمام مجدك القدوس، ارزقنا رحمتك واقطع كل رباطات خطايانا . ان كنا قد أخطأنا إليك بعلم او بغير علم او بجزع القلب، بالقول او بالفعل او بصغر النفس أو بجميع الحواس، انت كصالح ومحب البشر انعم لنا بمغفرة خطايانا، باركنا، حاللنا وحالل كل شعبك، املأنا من خوفك ، قومنا الى إرادتك المقدسة ..). عندما يرى الله صدق توبتنا نسمع منه على فم الكاهن  مغفورةً لك خطاياك فلما راى يسوع

 إيمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك} (مر 2 : 5). إن الكاهن كوكيل لأسرار الله وبالروح القدس العامل فى الأسرار ينقل عنا خطايانا ويغفرها المسيح بدمه الذي هو كفارة لخطايانا و آثامنا { يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وان اخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا.}( 1بو 1-2). من اجل ذلك يقول القديس اغريغوريوس النيصى (خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في أحزانكم وأباً روحياً وأكشفوا له أسراركم بجسارة أعظم وأكشفوا له أسرار نفوسكم فتنالوا الشفاء ). والكاهن يدرك مسئوليته عن ابنائه وخطايا شعبه ولا يكف عن الصلاة والطلبة من أجل توبتهم وخلاصهم.

+ علاج نتائج الخطية .. ينبغى علينا ان نعالج نتائج خطايانا السابقة لننعم بالغفران والسلام مع الله والناس. يجب ان نبادر بالمصالحة وعلى قدر طاقتنا نسالم الجميع { فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك.كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن} (مت 23:5-25). وكما فعل زكا العشار بعد توبته { فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك} (لو 8:19-10). يجب ان نجاهد لتقديس أفكارنا ونبعد عن العثرات ومسبباتها ولا نتذكر تفاصيل الخطايا حتى نتخلص من تذكار الشرّ الملبس الموت .

+ النمو فى الفضيلة .. التوبة هي بداية طريق غايته ليس الامتناع عن الشرّ بل فعل الخير{حد عن الشر واصنع الخير اطلب السلامة واسع وراءها }(مز 34 :  14). نسعى للوصول لا للبعد عن الخطية بل لكراهيتها وانتزاعها من الفكر والقلب لأنها خيانة لله المحب {فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة }(مت 3 : 8). التوبة هي سعى للوصول إلى القداسة والكمال الذي إليه دعانا الله {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب } (عب 12 : 14). اننا نسعى الى محبة الرب من كل القلب والفكر والنفس والإرادة ونحب قريبنا كأنفسنا ونعوض ما فاتنا من سنين اكلها الجراد وكانت بلا ثمر . حتى نصل فى نهاية الرحلة الى السماء لنكون مع الله كل حين.

توبنى فاتوب

+ أيها الرب الهي اليك التجأ  لتنير بصيرتي الروحية، وتشرق بمحبتك  في فكرى وقلبي وروحي وتكشف لي عن محبتك القوية، وتعرفني عن مضار وخطورة الخطية، فارجع اليك وأتوب وأبتعد كل كل الخطايا والذنوب . أنت يا الهي رحوم ومحب للبشر تقبل اليك كل من يتوب وتغسله من خطاياه  وتلبسه حلة  بهية تليق بمحبتك الأبوية .

+ أيها المسيح الهنا، كلمة الله الآب، الذى جاء ليدعو خطاة الى التوبة ويخلص من قد هلك. اجذبنا اليك بربط المحبة وكما قبلت توبة العشار وصيرته من الأبرار وغفرت للخاطئة خطاياها وقبلت اللص اليمين وأدخلته الي الفردوس، أقبلنا إليك أيها الصالح وحررنا من سلطان إبليس والخطية والمرض الضعف والخوف والقلق وهبنا توبة نقية وحياة الجهاد الروحي و الفضيلة والبر.

+ يا روح الله القدوس, روح القداسة والحكمة .. نصلي ونطلب من صلاحك أن تعمل فينا لنتوب وتحثنا لنثمر ونأتي بالثمر الروحي المراد منا ونحب الله من كل القلوب ونسلك لا حسب ميولنا أو أهوائنا الشخصية أو ننقاد بتأثير الغير أو بميديا مغرضة بل بحكمة منك وفهم قلب وضمير صالح وقلب طاهر وإيمان بلا رياء.  فنصير هيكلا مقدسا لك يرضيك كل حين، آمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com