الاحتلال يغلق البلدة القديمة بالتزامن مع “عيد الغفران”

وحكومته تصادق على أكثر من 18 ألف وحدة استيطانية منذ بداية عام 2023

إعداد: علي إبراهيم

تستمر اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك بشكلٍ شبه يومي، وتشهد هذه الاقتحامات أداء المستوطنين للصلوات اليهوديّة العلنية في ساحات الأقصى الشرقية عامة، وقرب مصلى باب الرحمة على وجه الخصوص، بحماية عناصر الاحتلال الأمنية، ومع حلول “عيد الغفران” شهد يوم العيد واليوم الذي يسبقه اقتحام عشرات المستوطنين لباحات الأقصى، بينما طرد المقدسيون مطبعة عربية اقتحمت الأقصى من باب المغاربة، والتقطت صورة مع الحاخام المتطرف يهودا غليك. أما على الصعيد الديموغرافي كشفت منظمات حقوقية إسرائيلية أن حكومة الاحتلال صادقت منذ بداية عام 2023 على أكثر من 18 ألف وحدة استيطانية، في الشطر الشرقي من القدس المحتلة. وتابعت أذرع الاحتلال استهدافها لمدارس القدس. أما على صعيد التفاعل تسلط النشرة الأسبوعية الضوء على عقد لقاء تضامنيّ حاشد في العاصمة اللبنانية دعمًا للأقصى وإسناد مرابطيه، ودعت إليه كلٌّ من مؤسسة القدس الدولية، والمؤتمر العربي العام، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وحضر اللقاء شخصيات سياسية وعلمائية وممثلون عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.

التهويد الديني والثقافي والعمراني

تتابع أذرع الاحتلال اقتحاماتها شبه اليومية للمسجد الأقصى، ففي 20/9 اقتحم الأقصى 185 مستوطنًا، من بينهم عددٌ من مخابرات الاحتلال، وأدى المقتحمون طقوسًا يهودية علنية في ساحات الأقصى الشرقية. وفي 21/9 اقتحم الأقصى 230 مستوطنًا، تجولوا في ساحات الأقصى بشكلٍ استفزازي، وأدى عددٌ كبير منهم طقوسًا يهوديّة علنية قرب مصلى باب الرحمة. وفي 24/9 اقتحم الأقصى وعشية حلو “عيد الغفران” اقتحم الأقصى 673 مستوطنًا بحماية مشددة من عناصر الاحتلال الأمنية، التي نفذت إجراءات أمنية مشددة أمام أبواب الأقصى، وفي أزقة البلدة القديمة، وشارك في الاقتحام الحاخام المتطرف يهودا غليك، الذي قدم شروحاتٍ توراتية لمجموعة من المقتحمين، وأدى المقتحمون طقوسًا يهودية علنية في ساحات الأقصى الشرقية، وفي اليوم نفسه طرد المقدسيون سيدة عربية مطبعة التقطت صورًا مع الحاخام المتطرف يهودا غليك داخل الأقصى، وبحسب مصادر مقدسية دخلت السيدة إلى المسجد برفقة المستوطنين من باب المغاربة المحتل، وتأتي هذه المشاركة العربية الأولى منذ تولي عددٍ من المنظمات المتطرفة تقديم إرشادات للسياح الذين يشاركون في اقتحام الأقصى.

وفي يون “عيد الغفران” في 25/9 اقتحم الأقصى 486 مستوطنًا، بحماية قوات الاحتلال، وقد شهدت القدس المحتلة في هذا اليوم إجراءات أمنية مشددة، شملت إغلاق العديد من أحياء المدينة، ونفذ المستوطنون جولاتٍ استفزازية في ساحات المسجد، وأدوا طقوسًا يهودية علنية في ساحات الأقصى الشرقية، وقرب مصلى باب الرحمة، وأمام أبواب المسجد. وفي26/9 اقتحم الأقصى 216 مستوطنًا، بحماية قوات الاحتلال.

وفي سياق آخر من التضييق على المقدسيين تزامنًا مع “عيد الغفران”، ففي 25/9 أغلقت قوات الاحتلال الطرق الرئيسية في القدس، ما عرقل تنقل المقدسيين ووصلهم إلى أعمالهم، ولم تكتف قوات الاحتلال بإغلاق الطرق فقط، بل أجبرت تجار القدس والباعة المتجولين على الإغلاق بشكلٍ قسريّ، في سياق إفراغ البلدة القديمة من المقدسيين وفتح المجال أمام المستوطنين ليؤدوا طقوسهم.

التهويد الديموغرافي

شهدت الأشهر الماضية من عام 2023 تصاعدًا في إقرار المخططات الاستيطانية، فبحسب منظمة “عير عميم” الإسرائيلية، فقد صادقت حكومة الاحتلال منذ بداية العام على بناء نحو من 18223 وحدة استيطانية في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، وأشارت المنظمة إلى أن تصاعد أعداد الوحدات الاستيطانية مستمر منذ عام 2021، وأن الأرقام الحالية هي الأعلى.

قضايا

تتابع سلطات الاحتلال اعتداءاتها بحق قطاع التعليم في القدس المحتلة، ففي 21/9 اقتحمت قوات الاحتلال مدرسة بنات العيزرية الأساسية، بعد تفجير أبوابها، وفتشتها بشكلٍ عنيف، واستولت على تسجيلات كاميرات المراقبة فيها، ودمرت جزءًا من محتوياتها، مما تسبب بخسائر مادية كبيرة فيها. وفي 23/9 نظم أولياء أمور الطلاب في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة، اعتصامًا أمام المبنى المستأجر لمدرسة السواحرة الثانوية للبنين، للمطالبة بنقل أبنائهم إلى المدرسة الجديدة في حي الجعابيص، ورفض المساومة التي تطرحها بلدية الاحتلال في القدس، والتي تربط ما بين السماح بنقل الطلاب إلى المبنى الجديد، وتلقيهم المنهاج الإسرائيلي.

التفاعل مع القدس

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في 25/9، لقاءً موسعًا دعمًا للأقصى وإسنادًا لمرابطيه، دعت إليه كلٌّ من مؤسسة القدس الدولية، والمؤتمر العربي العام، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وحضر اللقاء شخصيات سياسية وعلمائية وممثلون عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية. واستهلّ اللقاء برسالة مسجّلة من القدس من فضيلة الشيخ عكرمة صبري، الذي قال إنّ الاحتلال تجاوز الخطوط الحمراء في اقتحامات الأقصى، وهو يسعى إلى فرض سيادته على المسجد بالتدرّج، وثمّن الشيخ صبري عقد اللقاء التضامني في ظلّ ما يتعرّض له الأقصى من عدوان، إذ يدلّ على أنّ المقدسيين ليسوا وحدهم، وأنّ العلماء والمؤسسات الدينية والشعبية تساندهم في مواقفهم. ثم ألقى كلمة مؤسسة القدس الدولية معالي الأستاذ بشارة مرهج، القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، فقال إنّ ما يشهده المسجد الأقصى اليوم من فرضٍ للطقوس التلمودية فيه، ونفخٍ للبوق وأداءٍ للصلوات الجماعية العلنية، لهو مثال صارخ على أن الصهيونية ليست إلا مشروعًا عدوانيًا استعماريًا عنصريًا، يستهتر بقيم الحق والعدالة، كما يستهتر بالأديان كلها.

وألقى كلمة المقاومة رئيس إقليم الخارج في حركة حماس الأستاذ خالد مشعل، قال فيها إنّ هذه هي لحظة الحقيقة والمواجهة بين المخطط الصهيوني وبين مسؤولية الأمة، وأكد مشعل أنّ التحدي لا يقابل إلا بالتحدي، والشعب الفلسطيني، منذ 100 عام، يواجه التحدي بالتحدي، وقد حاول الاحتلال ضرب قلعة المقاومة في غزة، فنقل الشعب الفلسطيني المعركة إلى كلّ الميادين داخل فلسطين وخارجها، والتحدي الفلسطيني على قدر المواجهة، كيف لا وعنوان المعركة، هو المسجد الأقصى. ودعا مشعل أيضًا إلى مزيد من التنسيق بين الجهات العاملة للقدس وإعداد خطة استراتيجية، وبرنامج عمل يبقي التفاعل مع المسجد الأقصى متواصلًا ومؤثرًا. وحثّ الدول العربية والإسلامية على الرجوع عن خطيئة التطبيع الذي يشكل طعنة في ظهر القضية الفلسطينية وليس خدمة لها، فالاحتلال لا يبالي بحلفائه في الغرب فكيف بمن يراهم غطاء لجرائمه في فلسطين. ووجه دعوة إلى علماء الأمة لاستصدار فتوى بوجوب استنقاذ القدس والأقصى وحماة الأقصى من التدنيس والاقتحام وبوجوب القتال لحماية القدس واستنقاذ الأقصى.

وشهد اللقاء العديد من الكلمات لممثلي الجهات المنظمة فقد ألقى كلمة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ على القرده داغي، وألقى كلمة المؤتمر العربي العام الدكتور علي فخرو، أما كلمة المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج فقد ألقاها الدكتور ربحي حلوم، إلى جانب عددٍ من كلمات أخرى لشخصيات لبنانية وفلسطينية شاركت في لقاء الإسناد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com