لا تنسوا تاريخ بريطانيا الأسود المعادي للعرب جميعاً!

 
موقف بريطانيا والمانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة تجاه مشروع قرار الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة (عضو مراقب)، لم يكن مقبولاً بتاتاً إذ امتنعتا عن التصويت، ومن يمتنع عن التصويت يعني أنه لا يعارضه، ولكنه في نفس الوقت لا يؤيده.. وهذا التصويت يدل على أن هاتين الدولتين مواليتان لاسرائيل أكثر من ولائهما لمصالحهما الوطنية والدولية، وتعتبران من الدول المهمة على الساحة الأوروبية.
قد نبرر إلى حد ما موقف المانيا إذ أنها تعيش عقدة الذنب حتى الآن من المجازر التي ارتكبت ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وهي تدلل اسرائيل لعل وعسى كفرت عن أخطاء حكم نازي ولى وانتهى وادانه العالم كله، لكن الحركة الصهيونية ما زالت تجبر المانيا على العيش وعقدة الذنب قائمة ومتواصلة حتى الآن لابتزازها.. ولذلك فإن المانيا مضطرة للامتناع عن التصويت حتى لا تحرج نفسها سواء مع الفلسطينيين وحقهم في اقامة دولة مستقلة، أو مع الاسرائيليين الذين يعارضون اقامة دولة فلسطينية، ويعارضون تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة الا حسب أهوائهم وشروطهم واملاءاتهم.
إذا بررنا التصرف الالماني، فلا نستطيع تبرير الموقف البريطاني الذي يتحمل مسؤولية كل ما تعرض له شعبنا الفلسطيني من تشريد وقتل وظلم وقهر، لأن بريطانيا هي من خلقت هذه المشكلة عبر وعد بلفور المشؤوم السيء والبشع مثل بشاعة حكام بريطانيا قبل مائة عام، وهذه البشاعة ما زالت مستمرة ومتواصلة، وهي تتمثل في الحاق الظلم والجور والعذاب بشعبنا الفلسطيني الذي دفع أثماناً باهظة نتيجة سياسة خاطئة وحاقدة على العرب كلهم.
والغريب أن من يترأس اللجنة الرباعية لمسيرة ما يسمى "بالسلام" هو طوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق الذي أثناء ولايته شارك في العدوان على العراق واحتلاله، هو ما زال كما أجداده، موالٍ حتى العظم لدولة اسرائيل، وهو في هذا المنصب لا يختلف عن أجداده الذين أصدروا هذا الوعد المشؤوم. وحتى يومنا هذا لم نسمع منه كلمة واحدة منصفة، فهو منحاز لاسرائيل، وكل ما يقوم به حتى الآن يصب في مصلحة اسرائيل.
وهذا يعني أن القادة العرب، ليس كلهم، بل بعضهم، ما زالوا يؤمنون بدور بريطاني فعال في تحقيق المسيرة السلمية، وما زالوا يراهنون على دور أكثر فاعلية ونشاطاً لتحقيق العدالة لشعبنا الفلسطيني.. وهؤلاء المراهنون سيجدون أنفسهم بعد فترة من الزمن أنهم يراهنون على حصان فاشل، أو حصان يكره العرب، ويقف ضدهم رغم الابتسامة التي يستقبلهم بها.
وما يؤكد هذا الدور الاوروبي العدائي للعرب، موضوع التصويت في الجمعية العامة وكذلك عداؤهم للعراق قبل سنوات، وكذلك عداؤهم الحالي منقطع النظير ضد سورية، فهم يساهمون، وبخاصة بريطانيا، في تدمير سورية الوطن والشعب والحضارة، تحت يافطة تحقيق الديمقراطية والحرية والاصلاح في سورية، وتحت شعار دعم الشعب السوري، وفي الحقيقة هم يساهمون ويشاركون في تعذيب الشعب السوري، وتدمير وطنه، والقضاء على استقراره ووحدته الوطنية.
لننظر الى الموقف البريطاني، فهو يدعم "المعارضة" أو "الجهاديين" المسلحين في سورية، وقد أعلن وزير خارجية هذه الدولة المجرمة بحق شعبنا الفلسطيني منذ حوالي القرن، أن بريطانيا سترسل السلاح والمال لدعم ما تسميهم "الثوار" في سورية.. وفي الوقت نفسه تعترف بالمعارضة المتواجدة في الخارج والتي لا "تـَمون" على أحد، وليس لها وجود على أرض الواقع، وفي الميدان، في حين أنه في الأربعينات من القرن الماضي كانت تعتبر الثوار الفلسطينيين ارهابيين، وحتى أنها اعتبرت الثورة الفلسطينية منظمة ارهابية لعشرات السنوات.
لقد دعمت الثوار اليهود للاستيلاء على هذه الارض، وقدمت لهم كل مساعدة.. وها هي تدعم "الثوار" الغرباء والمرتزقة لتدمير سورية، بعد أن ساهمت في احتلال العراق عام 2003، وساهمت في تدمير ليبيا، وستساهم في تدمير الدول العربية ان سنحت لها لتنفيذ ذلك.
ليس الهدف من طرح هذا الموضوع هو تذكير شعبنا وعالمنا العربي بمسؤولية بريطانيا عن ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط فقط، بل ايضاً دعوتهم الى عدم الرهان على هذا الموقف البريطاني، وإلى العمل على ايجاد طريقة سلمية وفعالة لمعاقبة بريطانيا عما اقترفته وتقترفه بحق العرب جميعاً، وان نجبرها على تعويضنا لأنها مذنبة، ويجب أن تعيش حالة عقدة الذنب تجاه شعبنا تماماً كما تعيشه المانيا تجاه الشعب اليهودي.
لست من أصحاب القرار، ولست من مدرسة التحريض أو مدارس الكره والعداء، ولكنني وانطلاقاً من المدرسة الواقعية ومدرسة الحقيقة التي أنتمي اليها، أناشد وأنادي وادعو الى الحذر من الدور البريطاني، واطالب كل من هو صاحب قرار في عالمنا العربي، وكل مواطن، ألا ينسى التاريخ، والا يراهن على جهة طعنتنا مرات عديدة.. ولن يهدأ لي بال إلا إذا رأيت بريطانيا تعتذر عما اقترفته من ذنب بحقنا، وبدأت مسيرة الندم وتقديم الدعم الحقيقي المفروض عليها لنا، وهو التعويض عن سياسة ظالمة تجاه شعبنا نتجت عنها معاناة صعبة ومؤلمة إلى أبعد الحدود!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com