بفضل وساطة الأميركان رفع راية الصلح بين نتنياهو واردوغان

جاء رئيس الاميركان باراك اوباما إلى المنطقة، وظن كثيرون بأنه يقوم بزيارة سياحية لأنه زار كنيسة المهد، وكذلك مدينة البتراء السياحية في الأردن، ولكن الزيارة كانت جدية، وتهدف للتخطيط للمستقبل ولمصلحة اسرائيل والأميركان.
لم تكن الزيارة من دون نتائج، فقد تدخل اوباما، وأزال "سوء الفهم" بين الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وحكومة تركيا برئاسة طيب رجب أردوغان، فقام الاول بالاعتذار الهاتفي عن حادثة أسطول الحرية، والاعتداء على سفينة مرمرة التركية قبل ثلاثة أعوام، ووعد أيضاً بتخفيف الحصار عن قطاع غزة، وكذلك تعويض ضحايا شهداء الاسطول الأتراك وعددهم تسعة شهداء.
الإتصال تم برعاية الرئيس اوباما الذي أجرى الاتصال بنفسه، وتكلم مع أردوغان من داخل فندق الملك داود يوم الجمعة 22 آذار 2013 وخلال اجتماع اوباما ونتنياهو المغلق، وسلم الهاتف لنتنياهو الذي قدم الاعتذار لأردوغان الذي قبله، وقبل أيضاً تعويض أهالي الضحايا القتلى، الشهداء، في هذه الحادثة من خلال صندوق خاص سيؤسس لذلك وبدعم اميركي، وبدعم من أغنياء أميركا لأن الوضع المالي في اسرائيل لا يسمح بذلك، أي أن راية الصلح رفعها الاميركان وعلى عاتقهم لاهداف سياسية مستقبلية.
لماذا أصر اوباما على تحقيق هذه المصالحة وعودة العلاقات التركية الاسرائيلية إلى ما كانت عليه من صداقة، ولربما من تحالف عسكري كبير؟ ويذكر أن تركيا لم تعارض مؤخراً مشاركة اسرائيل في مناورات حلف الأطلسي الناتو، وأظهرت استعدادها لتحقيق المصالحة.
إصرار اوباما جاء من أجل مصلحة اميركا، وأهمها تعزيز التحالف بين أصدقائها في المنطقة، وهم تركيا وقطر ومصر، إذ أن أردوغان اتصل بقيادتي قطر ومصر وأبلغهما بما جرى، وقد بوركت هذه الخطوة. وهدف آخر من وراء هذه المصالحة وهو أن هناك "عدواً" مشتركاً الآن لاميركا وحلفائها في المنطقة وهو محور سورية وحزب الله وايران. ولم يتردد اوباما في كلماته خلال زيارته لاسرائيل في التهجم على حزب الله، وعلى الرئيس بشار الأسد وعلى ايران. وأراد اوباما تعزيز التحالف الاسرائيلي التركي كي تكون سورية ومعها حزب الله بين "فكي كماشة"، من الشمال تركيا، ومن الجنوب اسرائيل.. وهذه المصالحة تؤكد من جديد أن اميركا تضمر شراً خطيراً، لا بل مخططات جديدة ضد سورية للنيل من صمودها شعباً وجيشاً وقيادة بعد مرور سنتين على المؤامرة الشرسة الكبيرة والكونية واسعة النطاق على سورية.
وهذا التحالف الجديد، أو بالأحرى المتجدد لأنه كان غير معلن واليوم أصبح علنياً، يؤكد تورط تركيا واسرائيل في المؤامرة على سورية، ولربما أن التورط الاسرائيلي مخفي ومن وراء الكواليس، أما التورط التركي فهو معلن ومكشوف للعالم كله منذ لحظة بدء تنفيذ هذه المؤامرة الخطيرة، وذلك من خلال فتح الحدود التركية مع سورية لارسال قوات "مجاهدين" قادمين من شتى مناطق العالم إلى الداخل السوري، مع توفير كل ما يلزم من مساعدات ودعم ومساندات في السلاح والقتال والمال وأجهزة الاتصالات المتطورة جداً… الخ.
من مصلحة اسرائيل أن تكون تركيا حليفة لها لأنه لو وقع أي صدام مع أي من سورية أو حزب الله أو ايران، أو مع الجهات الثلاث معاً، فإن تركيا ستساعد اسرائيل سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويكفي أنها قد تفتح أراضيها للطيران الاسرائيلي أو طيران حلف الناتو لشن الهجمات على هذه الدول من شمالها! وموضوع أمن حدود شمال اسرائيل مهم للقيادة الاسرائيلية وهو المقلق جداً لها.. والمهم أن توجه ضربة قاسية لهذا التحالف الثلاثي سورية وايران وحزب الله لاضعافه قدر الامكان. وحاولت اسرائيل ذلك في تموز عام 2006، ولكنها فشلت، وها هي تعمل من خلال ضخ "مجاهدين" أو"مسلحين" من مختلف المناطق لكي يقوموا بهذه المهمة بالنيابة وبالوكالة عن اميركا واسرائيل، وللأسف فإن تركيا متورطة، ولا يعلم قادتها أن النيران الذي تشتعل في سورية لتقسيمها قد تتسع وتنتشر نارها لتنال من تركيا وتقسمها في المستقبل، وخاصة إذا نجحت المؤامرة الكبيرة.
هذا التحالف التركي الاسرائيلي ليس عودة للعلاقات، وليس ازالة سوء فهم، وليس أمراً عادياً، انه يشكل اشارة خطيرة للأشهر القليلة القادمة، إذ أن الدعم لضرب سورية من الداخل سيشتد أكثر وسيتصاعد من أجل تدمير سورية والنيل منها.
نوايا أردوغان ليست سليمة، فقد غدر بسورية كثيراً، وخان الصداقة وتحول إلى عدو لأنه كان يخطط لذلك.. فهو قام بزيارة لبنان تماماً بعد فترة قصيرة من زيارة الرئيس الايراني له بعد حرب تموز 2006، وجاء من أجل دعم أهل السنة وتعزيز الفرقة في لبنان. والغريب أن استقالة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي جاءت في نفس يوم الاتصال الهاتفي بين أردوغان ونتنياهو، مما يعني أن هناك مؤامرة أخطر تقف وراء المؤامرة التي تواجهها سورية، وهي قد تمتد لتشمل دولاً ومناطق أخرى غير سورية. وهذا ما يؤكده المنطق والتحليل السليم.. وهذا يعني أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط يسير نحو فرض حلول بالقوة، ولكن بعد النجاح في هذه المؤامرة الجديدة التي تدعم المؤامرة الأولى على سورية.
المطلوب الحذر، والمطلوب الوعي والتصدي لهذه المؤامرة غير المعلنة الآتية.. وكل الأمل في أن تفشل المؤامرة الجديدة كما فشلت المؤامرة المتواصلة على سورية.
قد يعتبر كثيرون أن هذا التحليل هو ضرب من الخيال، ووهمي، لكننا لا نشعر بأنه كذلك، مع أن أمنياتنا الا يكون هذا التحالف تعزيزاً للمؤامرة على سورية، ولكن الأمنية شيء والواقع شيء آخر، والواقع يقول أن وراء هذه المصالحة أموراً خطيرة جداً، والله يستر، والله يحمي الشرق الأوسط من المزيد من سفك الدماء والعنف والقتل والارهاب. والله يمنح هذه المنطقة السلام العادل الشامل بعد أن يقف، وهو دائماً يقف، الى جانب الحق، ويناصر المظلوم، ويزهق الباطل والظلم والطغيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com