ضربة عسكرية محدودة ستقود الى حرب شاملة مدمرة.. سيناريو المواجهة المحتملة بين أميركا وسورية

 
أمام اوباما فرصة للتراجع قبل التورط مجدداً في المنطقة
 
سورية قوية وردها سيكون حاسماً ومفاجئاً
 
نار الحرب قد تأكل الأخضر واليابس في دول الخليج أيضاً
 
·        قال وادعى الاميركيون أن الضربة العسكرية (العدوان) ستكون محدودة جداً وفي زمن قصير على مدى يومين! وتستهدف عدة أهداف مهمة. وهذه الضربة المحدودة قد تلقى رد فعل سورية قوياً، أو مناسباً لها، مما قد يؤدي ذلك الى وقوع حرب شاملة اقليمية. وهناك من يدعي بأن الضربة العسكرية ستكون خجولة جداً، وقد لا تتفاعل معها القيادة السورية لأنها فارغة المضمون وتأتي لرفع معنويات "المعارضة" وليس أكثر من ذلك، وهي في الواقع ستؤذي هذه المعارضة المسلحة وخاصة اذا كانت فاشلة، ولم تحقق الهدف الأساسي وتبقى سورية قوية ومنتصرة.
هناك تكهنات لسيناريوهات عدة حول هذا الهجوم أو العدوان الاميركي على سورية وأهمها:-
 
قصف للمطارات وقواعد الصواريخ السورية
السيناريو المتوقع أن تشمل الضربة توجيه صواريخ من طراز كروز وتوماهوك لقصف عدة مطارات عسكرية سورية، لشل الطيران الحربي السوري، وكذلك قصف قواعد صواريخ أرض/ أرض. أو أرض/بحر. ولا بدّ من أن تقوم الطائرات الحربية الاميركية بالمشاركة في هذا الهجوم العدواني، لأن صواريخ الكروز لن تحقق كامل الأهداف العسكرية.
وهنا يمكن القول أن سورية لن تقف مكتوفة الأيدي، وستتصدى لهذا الهجوم. وقد تسقط عدة طائرات ويتم أسر عدد من ملاحيها. وقد تستطيع سورية توجيه صواريخ نحو السفن الحربية الاميركية، وقد تصيب احداها.
أي أن اميركا قد تتلقى رداً مناسباً قاسياً يمس هيبتها، وبالتالي قد تلجأ الى أحد أمرين وهما: وقف العمليات العسكرية والهروب منها ومن سورية، أو تصعيد الوضع وتتسع دائرة أهداف الهجوم العسكري الاميركي. وسيكون الرد العسكري السوري قوياً ومفاجئاً على الاميركيين.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيكون رد سورية اذا شاركت طائرات تركية وفرنسية وسعودية وقطرية في هذا الهجوم العسكري العدواني؟
الاجابة على ذلك واضحة المعالم وهي أن سورية سترد على ذلك، وستنطلق صواريخها تجاه الجهات المعتدية وبكل ما اوتي لها من قوة. وهذا يعني أن دائرة المواجهة ستتسع، وقد تضطرسورية الى ضرب اسرائيل أيضاً ما دامت دائرة المواجهة واسعة، وهنا سيتدخل حزب الله لأنه لا يستطيع أن يتفرج، وعندها المعارك تتسع بصورة كبيرة.. ونظراً لمشاركة السعودية وقطر في هذا الهجوم البشع على سورية فإن ايران مضطرة للتدخل، وستقصف القواعد العسكرية الاميركية في منطقة الخليج، وستغلق مضيق "هرمز" أمام الملاحة البحرية، وبالتالي يتوقف تصدير النفط للخارج، وترتفع أسعار برميل النفط بصورة كبيرة.
هذه المعارك ستكون ضارية ولو أنها صاروخية، وجوية، وقد تستمر لأكثر من أسبوع، حينها سيتدخل العالم كله لوقفها، وستقبل اميركا بذلك إذا كانت قد تلقت ضربات موجعة!
من الممكن القول أنه لا يمكن وصف أي عدوان بأنه محدود، فهو محدود في البداية، ولكن قد لا يكون محدوداً في نهاية المطاف، وقد تبدأ مواجهة من الصعب تحديد وقت توقفها. وهذه المواجهة ليست لصالح اميركا على الاطلاق، وقد تكون مهينة لها إذا سقطت في هذا الاختبار.
الضربة المحدودة غير مضمونة لعدة أسباب ومن أهمها:-
1.     لا تعلم اميركا وحلفاؤها طبيعة الرد السوري وفاعليته وقوته.
2.     لا تعلم الادارة الاميركية كل شيء عن سورية، فقد تكون هناك مفاجآت لها ومؤلمة.
3.     لا تعلم الادارة الاميركية متى سينضم حزب الله لهذه المواجهة. وكيف، وكذلك هل ستنضم ايران الى ذلك.
4.     لا تعلم اميركا هل زودت روسيا سورية بالسلاح القوي المتطور الذي لا تعلم عنه اميركا.
5.     لا تعلم الادارة الاميركية ردود فعل الشعوب العربية، والقوى المقاومة في العالم.
6.     ستُتهم اميركا بأن هذا الهجوم جاء لدعم "الارهاب" في سورية، وليس لمنع استخدام السلاح الكيماوي.
7.     لا تعلم اميركا ماذا ستتلقى الدول الحليفة معها من ضربات من قوى التحالف مع سورية وردود فعل داخلية وخارجية في هذه الدول المتآمرة.
8.     قد تشهد الدول العربية حراكاً جماهيرياً واسعاً ضد العدوان، وقد تتعرض مصالحها للخطر الكبير.
 
عمليات موازية على الارض
لن تشمل الضربة المحدودة قصفاً عبر الصواريخ والطائرات لأماكن ومواقع محددة، بل ان الاميركيين وحلفاءهم سيراهنون على عمليات موازية ستشهدها الساحة السورية من خلال قيام المسلحين بشن هجوم واسع في العديد من المناطق، أي اشغال الجيش السوري على أكثر من جبهة داخلية، اضافة الى مواجهة الهجوم الجوي الواسع الذي يُقال أنه محدود.
واميركا تراهن على أن يقوم المسلحون باقتحام عدة مناطق حساسة مثل منطقة الساحل، وحمص، والجنوب السوري عند درعا، وكذلك محاولة دخول مدينة دمشق.
هذه العمليات على الارض متوقعة. والجيش السوري قادر على صدها، وقد أوقع خسائر كبيرة في صفوف الارهابيين، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل اميركا تريد دعم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة لها في هذا الهجوم؟ وهل هذا لصالحها على المدى المنظور أو البعيد؟ واين هي مصداقيتها حول ادعائها بأنها تحارب الارهاب وفي الوقت نفسه تستعين به.
هناك مراقبون يقولون أنه اذا حدث هجوم واسع للمجموعات المسلحة من تركيا ولبنان فإن الجيش السوري لن يسكت وسيضرب هذه الدول المجاورة، وبالتالي ستتورط في حرب ودمار وخسائر كبيرة، ولا شك أن الشعب التركي لن يسكت عن حكومته، وقد يثور ويسقطها، واذا لم يسقطها فإنه سيضعفها وسيطالبها بالتوقف عن هذا التدخل القذرّ.
 
تسليح لـ "المعارضة"
ومما يؤكد أن اميركا تعتمد في هذا العدوان على المجموعات المسلحة اعلانها الواضح بأنها تعتزم وعلانية تدريب "المعارضة" أي تدريب عناصر المجموعات الارهابية. وقد تم تسليحهم في السابق، وزودوا بالمال والعتاد المتطور، ولكن لم يحققوا شيئاً على أرض الواقع سوى تدمير سورية.
هذا الاعلان عن تسليح المعارضة قد يكون بداية نزول الرئيس اوباما عن شجرة الهجوم المتوقع، لأنه لا يستطيع أن يسيطر عليه كي يكون محدوداً، لأن زمام الأمور قد تفلت، وبالتالي فإن الادارة الاميركية ستتورط كثيراً، وستتعرض مصالحها للخطر، وهذا سيؤثر بالطبع على الاقتصاد العالمي، وسيؤثر ايضاً على شعبية اوباما في اميركا، وعلى شعبية حزبه الديمقراطي.
أي أن تسليح المعارضة سيكون بديلاً عن هذا العدوان.. ولكن أين ستكون مصداقية الرئيس اوباما وادارته حول اعلانه عزم الادارة الاميركية معاقبة سورية على استخدام السلاح الكيماوي؟ وهذا يعني أن اوباما في "ورطة" كبيرة، ومجبر على توجيه ضربة، وهناك من يدفعه الى ذلك، من اللوبي الصهيوني حتى الرئيس الفرنسي. والسؤال الآخر الذي يطرح: هل سيفضل اوباما التضحية بالمصداقية مقابل منع اندلاع حرب.. أم أنه سيجبر على اتخاذ القرار الصعب، وبالتالي يغامر ويُدخل المنطقة في حرب مدمرة!
 
هناك امكانية للتراجع الاميركي
صحيح أن اوباما أمام اختبار صعب للحفاظ على مصداقيته ومصداقية الولايات المتحدة.. ولكن كم مرة فقدت الادارة الاميركية هذه المصداقية؟ هل هناك مصداقية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الوعودات الاميركية التي قطعت من أجل تحقيق سلام في منطقة الشرق الأوسط؟
هل يغامر اوباما للحفاظ على مصداقيته في تعزيز الانقسام ما بين الحلفاء وكلهم أو غالبيتهم يقولون له أن الحل في سورية هو سياسي وليس عسكرياً.. وغالبيتهم يرفضون التدخل العسكري في سورية، وغالبيتهم يخشون من أن مثل هذا العدوان هو دعم للارهاب الذي قد تتوسع دائرته، وينتشر ليصل الى معظم بلدان العالم.
 
لاسرائيل الكلمة أيضاً
نظراً لأن اسرائيل داخل هذه "القوقعة"، فإن اوباما مجبر على أخذ رأيها.. هي تحمسه على القيام بهذا العدوان، ولكن التساؤل هو: هل هي مستعدة لدفع تكاليف نتائجه وتداعياته عليها وعلى المنطقة بأسرها.
وتساؤل آخر في ذهن اوباما: هل تستغل اسرائيل هذا العدوان ومن ثم تدحرجه وتوسعه لتوجه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية ما دامت الحرب قائمة، والكل متورط فيها.
قد لا تخشى اميركا على اسرائيل لأنها دولة قوية عسكرياً، ولكن الخشية من رد الفعل الايراني على دول الخليج ذاتها، فهي قد تتعرض لقصف ودمار، وبالتالي يفقد العالم "النفط" إذا تم قصف منابعه! وهذا يعني أن اميركا ستحارب على أكثر من جبهة عسكرية، وبالتالي فإنها ستكون في ورطة كبيرة وصعبة جداً جدا!
ومن هنا على اوباما أن يفكر جيداً. وأن تكون حساباته دقيقة.. لأن الضربة المحدودة قد لا تكون محدودة وبالتالي فإن سيورط اميركا في مستنقع وفي وحل صعب جدا جدا.
 
في انتظار القرار
ما زال العالم في انتظار القرار النهائي، هل يتجه اوباما نحو الحل السلمي ويتراجع أم أنه سيسلك طريق العدوان، وبالتالي طريق الدمار لهذه المنطقة.
سورية مستعدة لكل طارىء. وشعبها يملك ارادة قوية في التصدي للعدوان. وكانت سورية عبر التاريخ مقبرة للغزاة.. ولذلك على اوباما أن يحسب جيدا.. وعليه أن يعرف أن الوضع لن يكون سهلا، (ضربة وعلى الماشي). فإن هذه الضربة هي عدوان، وسيتلقى الرد القوي المفاجىء الذي قد يضع حداً لعنترية اميركا في هذا العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com