لا تتخذوا أي قرار قبل دراسة امكانيات تطبيقه..

قبل حوالي العامين، ارتفعت أصوات فلسطينية منادية بوقف أو قطع العلاقة مع الجانب الاسرائيلي. وبعدها عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وكذلك المجلس المركزي، واللجنة المركزية لحركة فتح، وكذلك مجلس ثوري حركة فتح اجتماعات عديدة اتخذت قراراً واضح المعالم وهو بضرورة العمل على قطع العلاقة مع اسرائيل، وكذلك منع الوزراء او المسؤولين الفلسطينيين من عقد لقاءات مع نظرائهم الاسرائيليين. وهذا القرار يعني أيضاً وقف التنسيق الامني الذي يتم برعاية اميركا.

انه قرار جميل وجيد، ولكن هل يتم تطبيقه أو تنفيذه على ارض الواقع؟ وهل بامكان السلطة الوطنية تطبيقه دون أي تبعات لذلك؟

هل تستطيع السلطة الوطنية الغاء أو شطب ما يُسمى بالتنسيق الامني، لان تحرك أي مسؤول في السلطة الوطنية لن يتم الا من خلال ذلك، ووقف التنسيق الامني يعني ان الرئيس محمود عباس سيكون غير قادر على مغادرة الوطن أو التحرك فيه. ووقف التنسيق الأمني قد يؤدي الى فلتان أمني تشارك في تغذيته السلطات الاسرائيلية لاظهار فشل السلطة بتوفير الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني.

أما عن الاتصالات واللقاءات بين الوزراء الفلسطينيين والاسرائيليين، فمن الصعب وقفها، وهي مستمرة ومتواصلة، فوزير المالية الفلسطيني مضطر لا بل مُجبر للقاء وزير المالية الاسرائيلي لترتيب تحويل الاموال التي تمت جبايتها من الضرائب المفروضة على الفلسطينيين للسلطة الوطنية. وعدد من الوزراء مضطرون للقاء نظرائهم الاسرائيليين لترتيب العديد من الأمور، وخاصة المشاريع المشتركة، وجدولة ديون شركة الكهرباء لاسرائيل.

من هنا يمكن القول وبكل صراحة أن قرار وقف أو قطع العلاقة مع اسرائيل لم يكن قراراً قطعياً أو نهائياً، ولم يكن قراراً واقعياً ما دامت هناك امكانيات أو نوايا لعدم تطبيقه، وهناك أيضاً ضغوطات ستمنع من تنفيذ مثل هذا القرار، وخاصة من الدول المانحة.

ولنأخذ مثالاً آخر ألا وهو قرار عقد المؤتمر العام السابع لحركة “فتح”، فقد اتخذ قرار بعقده في فترة ما، ثم تم تأجيله، وما زال تأجيله قائماً مع أن الموعد الذي حدد مؤخراُ هو 29 تشرين الثاني القادم.

والمثال الآخر والأخير، مع أن هناك أمثلة عديدة، هو دعوة المجلس الوطني للانعقاد في شهر أيلول من العام المنصرم. وقد تم تأجيل هذه الجلسة التي تم الاختلاف على تسميتها استثنائية أم عادية.. وقد مَر أكثر من عام على مثل هذا القرار! وما زال موعد عقد الجلسة غير محدد!

لا نُناقش القرار، هل هو صحيح أم غير صحيح؟ هل جاء في الوقت المناسب أو غير المناسب؟ بل نناقش موضوع اتخاذ القرارات بسرعة وبعفوية من دون أن تكون هناك دراسة مستفيضة حول امكانية تطبيقه نتيجة عوامل ومعطيات! وهل هناك افادة منه وخاصة لقضيتنا؟

مثل هذه القرارات التي لا تنفذ تضع مصداقية قيادتنا على المحك، وفي موضع شك كبير! لانها لم تكن مدروسة بالصورة الصحيحة والسليمة، وبصورة معمقة وواقعية. وهذا يعني ان التسرع في اصدار القرارات ليس لصالح قضيتنا، وليس لصالح مصداقية قيادتنا.

لقد أخطأنا في السابق، وخلال الانتفاضة الاولى التي انطلقت عام 1987، اذ قامت القيادة الوطنية الموحدة بدعوة العمال العاملين في اسرائيل للمقاطعة دون الاعداد للبديل. وكانت النتيجة ان اسرائيل نفسها فصلت هؤلاء العمال واستبدلتهم بعمال من دول في الخارج، واصبح فيما بعد الطلب للسماح لعمالنا بالتوجه الى اسرائيل للعمل هناك هو مطلب وطني وشرعي وقانوني!

يجب أن نتعلم من أخطائنا، ويجب الا نُكرر أخطاء الماضي، ويجب أن نستفيد من التجارب العديدة السابقة والحالية.

أقولها وبكل صدق وشجاعة: ترددوا كثيراً قبل اتخاذ أي قرار، وادرسوه جيداً وبصورة معمقة قبل اصداره واقراره.. حافظوا على مصداقية قضيتنا.. ولا تعطوا فرصة لخصومنا وأعدائنا للطعن بنا، والاستهزاء بقراراتنا!

13/10/2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com