أبناؤنا هبة الرحمن… فلا تتركوهم!.. بقلم/ سفيان الشنباري

عرف العالم الانترنت لأول مرة عام 1969م، فكان مقتصراً في مهام محدودة، وبعد تقدم وتطور مستمر أصبحت شبكة الانترنت متاحة حول العالم، إلى أن بات لا يخلو أي بيت منها؛ وذلك لسهولة الاستخدام من قبل الجميع حتى الأطفال باتوا يدخلون عالم الانترنت ويتجولون في صفحاته وفيديوهاته بكل سهولة، فأصبحنا نعيش اليوم في زمن السرعة والتقدم التقني الذي أصبح فيه الخيال قريب المنال.

 رغم ذلك التقدم والايجابيات التي منحنا إياها الانترنت كمصدر للحصول على المعلومات والبيانات نجد أن الانترنت لعب دوراً كبيراً في التأثير على جوانب حياتنا بشكل عام، فكان للإنترنت التأثير الأكبر في رسم شخصية الأطفال وسلوكهم. خاصة أننا نشاهد الأطفال يعبثون اليوم بالهاتف بمختلف تطبيقاته وعلى شاشات العرض، يقلبون ويشاهدون مقاطع الفيديو والألعاب العنيفة، لساعات طويلة دون أن يدركوا ما يترتب على هذا الاستخدام من أضرار أو فوائد. في ظل تساهل وإهمال الأهل وعدم مراقبة وصولهم للإنترنت.

 فكانت هذه الوسائط بمختلف أنواعها تستبيح عين الطفل لتخلق له فكراً بعيداً عن واقعنا وقيمنا وديننا، فتلك المشاهد ساهمت في خدش براءته وعقليته الهشة بمشاهد دخيلة عليه لا تتوافق مع مجتمعه وبيئته، لتشكل لديه صورة ذهنية مشوهة بطريقة آلية رغماً عنه مما يجعله عرضة للانحراف، حيث بات الطفل يقارن واقعه بالذي يراه، مسبباً بذلك خللاً في موازين هذا الطفل يوما بعد يوم.

في السابق كان الوالدان قدوة للطفل والنموذج الأول في حياته، فكان الطفل يتباهي بشخصية والده وعمله، حيث تعتبر القدوة مصدراً أساسياً في حياة الانسان، فمن خلالها تتكون ملامح شخصيته التي ينشدها، ولكن يبدو أن القدوة انتقلت إلى شاشة الفيديو والتي بضغطة زر واحدة تظهر ملايين الفيديوهات، جعلت الطفل يصل إلى حالة الإدمان ليكون رهينة لها، حتى أصبح عقله ونفسيته متعلقة ومندمجة ببطل الكارتون الخارق أو بنجم اليوتيوب، أو بلعبة يلعبها دوماً، وينصب فكر هذا الطفل في أهداف فارغة من خلال البحث عن ملصقات أبطاله الجدد سواء على غلاف مأكولاته أو على ملابسه، وتقليدهم بكل شيء.

كل ذلك أدى إلى اختلاس القدوة من الوالدين، بقدوات بديلة تفرض نفسها على أطفالنا اليوم، وهذا لا ينذر إلى تفكك الأسرة فحسب، بل تفكك المجتمع برمته، فتماسك الأسرة يعزز المجتمع ويقوي بنيانه.

وبالتالي المطلوب من أولياء الأمور والأهالي مراقبة أنفسهم أولاً، فما ينبعث منهم ينعكس على الأطفال قولاً وفعلاً، فالأطفال صورة مصغرة عن الوالدين، وهنا نذكر قول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حينما قال” من نصّب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره”.

 ومن جملة ما سبق على الوالدين مراقبة الأطفال وعدم تركهم أمام الشاشات بمختلف أنواعها، وتنظيم وقت استخدام الطفل للإنترنت ضمن ضوابط ومتابعة من الأهل، والعمل على إرشاد الأطفال في اختيار وانتقاء التطبيق والمحتوى المناسب بحسب كل فئة عمرية، وخاصة وأن الانترنت مليء بالمواقع التعليمية التي تقدم المعلومات بطريقة جذابة وقريبة للأطفال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com