عودوا من غيابكم.. بقلم/ عدنان الصباح

سألني صديقي عن مقالي الأسبوعي فأجبته بأنه سيكون دعوة لوحدة اليسار بعنوان ” توحدوا قبل أن نفقدكم ” فعلق قائلا هم لسه موجودين من زمان ما سمعت عنهم شيئا لا خيرا ولا شرا وطلب مني أن أتذكر شيئا فعجزت إلا القليل القليل من التصريحات والبيانات الصحفية وفيما عدا ذلك تبقى الأنشطة القليلة والتي لا تطال الجميع منهم بل تنحصر في فصيل واحد دون غيره الذي يتعرض لملاحقة الاحتلال وتطاله الاعتقالات بلا توقف.
كان الأمين العام للجبهة الديمقراطية الرفيق نايف حواتمة يستخدم عادة تعبير ” شناشيل بنت الجلبي ” قاصدا القول أن هناك فصائل لا مكان له إلا كما مكانة الشناشيل في البيوتات  حسب قصيدة الراحل الكبير بدر شاكر الشياب ومنذ اوسلو وحتى اليوم باتت العديد من الفصائل ملحقة بالسلطة وتوقف دور المنظمة ليصعد نجم السلطة ومكانتها لتحتل كليا مكانة منظمة التحرير وفصائلها مما جعل مكانة هذه الفصائل موضع شك بما في ذلك قدرتها على التأثير في الشارع الفلسطيني.
في انتخابات 2006 سعيت بشكل فردي لتشكيل جبهة يسارية موحدة ولو في قائمة الانتخابات فقط  والحقيقة إنني وجدت تأييدا كاملا من الجميع فتحدثت إلى الأمين العام للجبهة الشعبية الرفيق احمد سعادات وقمت بزيارته في سجن أريحا وحدي ثم رتبت للقاء بينه وبين الأمين العام لحزب الشعب الرفيق بسام الصالحي وتحدثت مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية الرفيق نايف حواتمة الذي شجعني وكذا الامين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني الرفيق صالح رافت وشاورت المناضل الكبير بسام الشكعة رحمه الله ليراس القائمة بناء على اقتراح البعض إلا انه رفض فكرة المشاركة بالانتخابات من أصلها وللأسف لم يقدر لجهودي النجاح وتم تشكيل قائمة ضمت الجبهة الديمقراطية وفدا وحزب الشعب وقائمة أخرى للجبهة الشعبية منفردة.
جاءت نتائج تلك الانتخابات على صعيد القوائم على النحو التالي حماس  44.45% قائمة فتح 41.43% قائمة الشعبية 4.25% قائمة البديل 2.92% قائمة المبادرة 2.72% أئمة الطريق الثالث 2.41% بينما لم تتمكن عديد القوائم الأخرى  من تجاوز نسبة الحسم و حصلت على ما مجموعه 18065 بينما كان مجموع أصوات القوائم التي تجاوزت نسبة الحسم 121809 ولو كان الجميع معا لكان مجموع الأصوات يساوي  139874 أي انهم مجتمعين كانوا سيحصلون على نسبة 12 % من مجموع الناخبين ليصبح مجموع المقاعد لهم من 66 حوالي 12 مقعد بدل 10 مقاعد بمعنى 24 مقعد في حال انتخابات قوائم فقط وهذا يعني قوة حقيقية موجودة وقادرة على التأثير الى جانب ان وجودهم في قائمة واحدة موحدة سياتي لهم بالكثير من الغاضبين من فرقتهم وضعفهم وغيابهم وسيتوقف الشارع حينها عن التندر عليهم جميعا بلا استثناء.
اذا قدر للانتخابات المعلن عنها في ايار 2021 ان تجري مع قناعتي التامة ان ذلك لن يحدث فان حال قوى اليسار ان لم تجد طريقا الى الائتلاف والوحدة سيصعب على الكافر حسب تعبير المثل الشعبي فالانتخابات هذه بات واضحا انها لن تكون كسابقاتها فهي تجري في ظل حالة بشعة من الانقسام ليس بين فتح وحماس فقط ولا بين الضفة وغزة فقط بل أن أوضاع سائر الفصائل ليست بحال تحسد عليه فهناك تجاذبات عن كتل فتحاوية هنا وهناك وهو ما يجعل من فتح وجهة استقطاب وليس العكس فمن صوتوا لحماس في الانتخابات السابقة غضبا من فتح سيجدو متنفسا لغضبهم أن وجد في قوائم فتحاوية أخرى وسيبقى حال اليسار فقط من يحتاج الى ترميم والانتباه إلى أن أية قوائم للمستقلين او الغاضبين ستطال جمهورهم هم فقد أعلن الحراك الشبابي عن رغبتهم بالمشاركة في الانتخابات كما ان عدد الراغبين في المشاركة يتزايد وستظهر قوائم جهوية فقط مهمتها إيصال شخص واحد الى المجلس وسيكون لذلك أثره ايضا.
الشارع الفلسطيني غاضب جدا من الفصائل جميعها لكن الغضب من فصائل اليسار وعجزها خصوصا في عدم قدرتها على ان تكون فاعلة ومؤثرة في موضوع الانقسام بل تعاملت مع الأمر وكأنه شر لا بد منه سواء في غزة او الضفة وظهرت وكان الأمر لا يعنيها فلم تعلن موقفا واضحا ولم تقدم مشروعا قابلا للتطبيق وتعاملت مع الأمر الواقع في الضفة أو في غزة وهو ما ستدفع ثمنه في صندوق الاقتراع ان وصلنا اليه.
لا زال الأمر ممكننا إذا ارتكزت قوى اليسار على ما لديها من تاريخ كفاحي حقيقي على الأرض فبعض هذه القوى يعود تاريخها إلى بدايات القرن الماضي كحزب الشعب وبعضها إلى أربعينات وخمسينات القرن الماضي تلك التي ولدت من رحم القوميين العرب وحزب البعث وبالتالي فهي لم تأت من فراغ وعلى تلك الفصائل أن تتذكر جيدا ان ثلاثة فصائل بكل تاريخها حصلت على مقعدين بينما قائمة تأسست ارتجاليا للانتخابات حصلت على نفس العدد وذلك كان ينبغي له ان يكون ناقوس خطر حقيقي يدق في رؤوس قادتها.
ان ائتلافي جبهوي يساري موحد ببرنامج سياسي اجتماعي يعيد للمشروع الكفاحي توهجه ويدم رؤيا حقيقية للانفكاك عن الاحتلال ومشروع اوسلو ويؤسس لنظام شفاف ونزيه وعادل يسمح بتساوي الفرص ويقتلع الفساد من جذوره سوف يدفع بجمهور اليسار الحقيقي وفي المقدمة أولئك الغاضبين يلتفون ويكافحن لانتصار برنامجهم وسيؤسس لقوة وازنة تمنع التفرد بالسلطة لأي جهة كانت عبر استعادة المكانة الكفاحية برنامجا عمليا فاعلا على جميع الأصعدة وسيعيد لليسار القه وتأثيره وفاعليته ولشعبنا قوة وازنة يستحقها على طريقه نحو وحدته في سبيل نيل الحرية التي تستحقها بلادنا أرضا وشعبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com