أنا والعجوز والشقراء!!.. د. ناصر الصوير

مشهدان متناقضان يمران أمامي بثوانٍ وأنا جالس في إحدى المؤسسات العامة لانجاز معاملة خاصة بي.. رجل عجوز أكل عليه الزمن وشرب، يتقدم من الموظف يرد عليه التحية فيتأفف هذا الموظف أن يرد التحية ويقول بقرف شديد بعد ان قطب وجهه فتحول وجهه كوجه القر : نعم ؟! فأراد هذا العجوز الذي بالكاد يستطيع أن يقف أن ينقذ نفسه من الوقوع بالجلوس على أحد الكراسي العديدة الموجودة في المكتب، فنهره هذا العبوس وقال له صارخاً: المكان للعمل وليس للضيافة الدنيا الصبح خلصني!! اكتفى العجوز بتقديم أوراقه للموظف بأيدي مرتعشة، فوالله ما نظر إليها وقال بغضب وعصبية وهو ينتزع الأوراق انتزاعاً من يد العجوز: هات يا سيدي ارجع بعد أسبوع! انتهى المشهد الأول وبدأ المشهد الثاني فتاة شقراء ممشوقة، شفايف حمراء بلون البندورة بفعل الحومرة، خدود وردية بفعل البودرة، عيون مرسومة بفعل الكحلة، رموش طويلة منسقة بفعل المسكاره، شعر أشقر مكوي بفعل الصبغة و الويلا، وبنطلون كاوبوي أصغر من مقاسها بعشر نمر على الأقل، وبلوزة بدي لاصقة بجسدها بشكل يدفع للتساؤل هل ولدت وهي لابسة البنطلون والبلوزة لأن مجرد التفكير بكيف لبستهما يصيب المرء بالدوار، كل هذه العوامل جعلت الموظف القرفان اليائس الغضبان العصبي يفز من مكانه وكأنه أصيب بماس كهربائي، انشرحت أساريره وظهرت الأسنان والأنياب والطواحين والأضراس كاملة من فمه من شدة الانشكاح: تفضلي أي خدمة تحت أمرك، وبدأ يستمع لموضوعها وهي تشرحه بإنصات شديد ويومئ برأسه ليؤكد لها أنه مصغٍ متابع ومتفهم … نظرت للرجل العجوز واستحضرت ما فعله معه، ونظرت إلى هذه المشموطة وما يفعله معها، فدخلت إلى مكتب هذا الموظف، وقطعت عليه الشعر والنثر الذي كان يلقيهما على شقرائه، وقلت له: أنا ذاهب ساعة وسأعود .. فنظر لي بغضب شديد وقال على استعجال بعد أن تحوَّل وجه من عبد الحليم حافظ إلى عادل أدهم، من أنت وماذا تريد ؟! قلت له بسخرية واستهزاء مزجتهما بنوع من القرف: سأبحث في الشوارع على شقراء مثل هذه لتقدم لك معاملتي حتى أضمن أنك ستنجزها فوراً !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com