لماذا يمتد اكتئاب ما بعد الولادة إلى سنوات؟

القدس المحتلة- وكالات :ـ لست أولى الأمهات ولا آخرهن، عبارة تتردد على مسامع النساء بعد الولادة، للتقليل من حدة الأعباء الواقعة على كاهل الأم، بزعم أن ما تعانيه المرأة أمر هيّن يسهل تجاوزه بمرور الوقت، لكن العبارة ذاتها قد تصبح أزمة لسيدة تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression).

إلى جانب آلام الولادة الجسدية والمهام التي تفرضها مسؤولية الأمومة تجاه الرضيع، تعاني النساء من مجموعة من الاضطرابات تبدأ بمشاعر التوتر والحزن والقلق بدلا من الفرح، ويطلق عليها “الكآبة النفاسية” أو (Baby blues)، وهي حالة مزاجية مضطربة تستمر لمدة أسابيع قليلة بعد الولادة وتختفي تدريجيا، بينما يمتد اكتئاب ما بعد الولادة إلى عدة شهور وأعوام أحيانا إذا لم يتم العلاج.

ما اكتئاب ما بعد الولادة؟

اكتئاب ما بعد الولادة أو (PPD)، هو شكل من أشكال الاكتئاب السريري الذي يبدأ بعد ولادة الطفل. وتشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

فقدان الشهية.

البكاء المفرط أو التعب.

صعوبة الارتباط بطفلك.

الأرق.

نوبات القلق والذعر.

الشعور بالإرهاق الشديد أو الغضب أو اليأس أو الخزي أحيانا.

لا أحد يعرف على وجه اليقين ما الذي يسبب اكتئاب ما بعد الولادة، ولكن مثل أي نوع آخر من الاكتئاب، فمن المحتمل أن تكون عدة أشياء مختلفة، مثل:

قلة ساعات النوم.

جسمك يتأقلم مع تقلبات هرمونية كبيرة.

فترة التعافي الجسدي من أثر الولادة.

لديك مسؤوليات جديدة وصعبة.

الشعور بالعزلة والوحدة والارتباك في خضم المسؤوليات الجديدة.

اكتئاب ما بعد الولادة يعني في الأساس العودة إلى حالة عدم الحمل، لذا فإن أولئك اللاتي تعرضن للإجهاض يمكن أن يعانين أيضًا من العديد من الآثار العقلية والجسدية لوجودهن في فترة ما بعد الولادة.

علاوة على ذلك، يمكن تشخيص الأزواج أيضا باكتئاب ما بعد الولادة، على الرغم من أنهم لا يعانون من التغيرات الجسدية، فإنهم يواجهون اختلافا عاصفا في نمط الحياة اليومية، ويشير تحليل عام 2010 إلى أن حوالي 10% من الآباء تم تشخيصهم باكتئاب ما بعد الولادة.

متى يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة؟

يمكن أن يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة بمجرد الوضع، ولكن ربما لن تدرك الأم ذلك على الفور، لأنه من الطبيعي أن تشعر بالحزن والإرهاق والنفور بشكل عام خلال الأيام القليلة الأولى بعد ولادة الطفل، وهي فترة الكآبة النفاسية الطبيعية.

تشمل فترة النفاس عمومًا أول 4-6 أسابيع بعد الولادة، ويبدأ العديد من حالات اكتئاب ما بعد الولادة خلال تلك الفترة، ولكن يمكن أن يحدث اكتئاب ما بعد الولادة أيضًا أثناء الحمل لاضطراب الهرمونات خلال تلك المرحلة، وحتى عام واحد بعد الولادة، لذلك لا تستبعدي مشاعرك إذا كانت تحدث خارج فترة ما بعد الولادة المعتادة.

مدة اكتئاب ما بعد الولادة

نظرًا لأن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يظهر خلال أسبوعين إلى 12 شهرًا بعد الولادة، فلا توجد مدة محددة لاستمراره.

وتشير مراجعة أجريت عام 2014 للدراسات حول هذه الحالة، إلى أعراض أن اكتئاب ما بعد الولادة تتحسن بمرور الوقت، مع علاج العديد من حالات الاكتئاب بعد 3 إلى 6 أشهر من بدئها.

ومع ذلك، في المراجعة نفسها، كان من الواضح أن الكثير من النساء ما زلن يعانين من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة إلى ما بعد 6 أشهر من الإنجاب. في حين أن أقل بقليل من نصف النساء اللواتي خضعن للدراسة ما زلن يبلغن عن أعراض الاكتئاب بعد 3 سنوات من الولادة.

لماذا قد تستمر لفترة أطول بالنسبة لك؟

يختلف الجدول الزمني لاكتئاب ما بعد الولادة من سيدة إلى أخرى، فإذا كانت لديك عوامل خطر معينة، فقد تجدين أن اكتئاب ما بعد الولادة يدوم لفترة أطول حتى مع العلاج. ويمكن أن تؤثر شدة الأعراض ومدة ظهورها قبل بدء العلاج على مدة استمرار اكتئاب ما بعد الولادة.

وتشمل عوامل الخطر تاريخ الاكتئاب أو غيره من الأمراض العقلية، وصعوبات الرضاعة الطبيعية، والحمل أو مصاعب الولادة، أو نقص الدعم من شريكك أو أفراد أسرتك وأصدقائك.

إلى جانب التغيرات الرئيسية الأخرى في الحياة التي تحدث خلال فترة ما بعد الولادة، مثل الانتقال أو فقدان الوظيفة.

ولا توجد صيغة لتحديد من سيختبر اكتئاب ما بعد الولادة ومن لن يعاني، أو إلى متى سيستمر ذلك، ولكن مع العلاج المناسب، خاصةً عندما يتم تلقيه مبكرًا، يمكنك أن تجدي الراحة حتى لو كان لديك أحد عوامل الخطر هذه.

 كيف يؤثر على حياتك؟

أنت تعلمين بالفع  اكتئاب ما بعد الولادة يسبب لك بعض الأعراض الصعبة، وقد يؤثر أيضًا على علاقاتك بالمحيطين الذين قد يشملون طفلك الرضيع أيضا، ولهذا السبب يعد الحصول على العلاج وتقصير مدة اكتئابك ضرورة لا ينبغي تأجيلها.

وإذا أصبحتِ منعزلة عن المحيطين، بمن فيهم زوجك، فقد تتأثر بلا شك علاقتك الزوجية، وفقًا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)، عندما يكون الشخص مصابًا باكتئاب ما بعد الولادة، يصبح شريكه أكثر عرضة للإصابة به مرتين أيضًا.

ويمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على علاقتك مع طفلك، وبصرف النظر عن التأثير على طريقة رعايتك الجسدية له، يمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على عملية الترابط بين الأم والطفل بعد الولادة، وقد يتسبب أيضًا في إلحاق الضرر بعلاقاتك الحالية مع الأطفال الأكبر سنًا.

ويعتقد بعض الباحثين أن اكتئاب ما بعد الولادة قد تكون له آثار طويلة المدى على النمو الاجتماعي والعاطفي للطفل. ووجدت دراسة أجريت عام 2018 أن أطفال الأمهات المصابات باكتئاب ما بعد الولادة كانوا أكثر عرضة لمشاكل سلوكية مثل الأطفال الصغار والاكتئاب كمراهقين.

العلاج

لا يمكنك التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة بمفردك، فأنت بحاجة إلى علاج طبي ونفسي. كما أن تلقيه بسرعة يعني أنك ستتمكنين من الاستمرار في حب طفلك ورعايته بأفضل صورة.

هناك عدة خيارات للعلاج، وقد تحتاجين إلى استخدام أكثر من إستراتيجية واحدة، وهناك أيضا تغييرات في نمط الحياة قد تجعل التعافي أسرع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com