الحصانة الإيمانية وقاية للنفس البشرية

بقلم/  د.سيد حسن السيد

  الخبير الدولي للاتيكيت

  وآداب السلوك الإسلامي

إذا كان  ( ابن سينا) أبو الطب

في القرون الوسطي هو أول من  قال من العلماء ان:

( الوقاية خير من العلاج) الأمر الذي

أدي إلي الإسراع لتصنيع الأمصال

واللقاحات اللازمة التي مازالنا  نأخذها كتطعيمات لوقاية اجسادنا ضد الأمراض الخطيرة والمعدية منعا من انتشار  الأوبئة التي تهدد حياتنا

فأن الله تعالي منذ أكثر من ١٤ قرن

نهانا عن الإقدام علي أي شيء يعرض

حياتنا للخطر أو الهلاك  الذي قد يصيب أجسادنا أو أنفسنا بقوله تعالي

 :” ولاتلقوا بأيديكم إلي التهلكة”  وأيضا  فإن الله جل شأنه دعانا إلي وقاية أنفسنا من ماهو أشد فتكا من الأمراض الخطيرة وهو عذاب النار

  بقوله تعالي:” يا أيها الذين آمنوا قوا

أنفسكم واهليكم نارا وقودها الناس

والحجارة” وذلك علي سبيل الوقاية

لأنه عز وجل أراد أن نكون أصحاء

الأبدان وأتقياء النفوس كي نستطيع

أن نؤدي دورنا ومهمتنا في الحياة دون تقصير امتثالا لما أمر به الله وابتغاءً  لمرضاته

إذا كان مخترع السيارة وما بداخلها

من أجهزه ليس بمقدوره تشغيلها إلا

بعد إمدادها بالطاقة المتمثلة في الوقود كما  أن تلك السيارة لا يمكن أن تتحرك من مكانها أو تسير بالطريق إلا من خلال سائق يقودها

 فإن الله جل شأنه وعلاه ومع فارق التشبيه والاختلاف حينما خلق الإنسان  في أحسن تقويم جعله مكون من جسد وهو عبارة عن مجموعه من الخلايا المادية وهذا الجسد بداخله  أجهزة  كالجهاز الدوري والتنفسي والهضمي والبولي والعصبي وغيره من الأجهزة الداخلية.

 ثم بث الروح في الجسد لتكون بمثابة الطاقة التي تبعث فيه الحياة وتقوم بتشغيل تلك الأجهزة بطريقة لاراديه قال تعالي:” وبدأ خلق الإنسان

من طين ثم جعل نسله من سلاله من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه”

ثم بعد ذلك خلق الله تعالي النفس التي تمنح هذا الجسد  الوعي والإدراك والحركة وتلك النفس هي التي تقود و توجه الإنسان بما يحمله من روح وجسد ولقد خلق الله تعالي هذه النفس مستقيمة علي الفطرة وجعل فيها نوازع الخير والشر وبين لها طريق الحلال والحرام والحق والضلال لذا نجد أن النفس أما أن تكون مطهره من الذنوب   فتوصل الإنسان إلي بر الأمان بالعبادات والطاعات وفعل الخيرات وأما أن تكون غارقة في الضلال فتهوي بالإنسان إلي الضياع والوقوع في براثن الرزيلة بارتكاب المعاصي والآثام بلا تقوي ولا فضيلة ولإحياء

كم من أشخاص منغمسين في إشباع

شهواتهم وملذاتهم الدنيوية وغارقين

في ارتكاب المعاصي والآثام وبعيدين

عن طاعة الله ومن هؤلاء  الطغاة والمفسدين  ومنهم من يخلعون جلباب الحياء والفضيلة  بتواجدهم في أماكن اللهو والفجور ظنًا خاطئًا منهم بأن ذلك نوع من الترويح المباح عن النفس وكأنهم حيوانات طليقة.

 ومن هؤلاء أيضًا النساء السافرات المرتديات الملابس الخالية من الاحتشام الفاضحة والمثيرة للغرائز مع الجهر بالفواحش بحجة التحضر رغم أن ذلك يعتبر عودة للجاهلية لكونه تبرج وللأسف أن الأعمال الدرامية الهابطة تجسد ذلك من خلال الإعلام الذي يصور مشاهد لبعض الفنانات الغافلات عن أمور الدين اللاتي لاتؤدين الفرائض والعبادات ولا يتقين الله في مظهرهن وتصرفاتهن المخلة بالآداب العامة.

ولقد تم الإشارة إلي تلك النماذج المخزية في القران الكريم ولقد أطلق علي هؤلاء بأن أنفسهم أمارة بالسوء

قال تعالي :” أن النفس لأماره بالسوء إلا من رحم ربي”

وعلي نقيض هؤلاء نجد أن هناك أشخاص صالحين وصالحات أتقياء ورعين ومطيعين لله ومنقادين لأوامره ومستسلمين لأحكامه وتلك النفوس هي التي تطمئن بذكر الله وتحتل اعلي الدرجات منزله عند الله ولقد ورد  ذكرها بالقرآن الكريم حينما قال تعالي:

يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيه مرضيه فادخلي في عبادي وادخلي في جنتي”

قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه): ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)

   كم من أنفس تقع في السوء ولكنها تفيق ولا تنقاد إليه ولا تنغمس فيه وتعود وتندم وترجع وهي المتقلبة

بين الوقوع في المعصية والتوبة

منها وتلك الأنفس هي اللوامة التي

أقسم بها الله علي سبيل المدح

قال تعالي :” لا أقسم بيوم القيامة

ولا أقسم بالنفس اللوامة”

إذا كان الله تعالي قد حرم علينا فعل أشياء لوقاية أجسادنا من شر الإصابة بالأمراض الخطيرة

 كما دعانا إلي وقاية أنفسنا

من عذاب النار في الآخرة

فإن الله العليم الحكيم حدد لنا في

كتابه العزيز سبل الوقاية فمنحنا

الحصانة الإيمانية التي يمكن استخدامها كمصل واقي  ممتد المفعول مدي الحياة لحماية أجسادنا وأنفسنا

 فعن وقاية الجسد من الأمراض:-

قال تعالي:” ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”

أكد علماء الغرب مؤخرًا بعد تفشي الأمراض نتيجة الممارسات الجنسية المحرمة بأن التربية الدينية تعتبر أفضل وسيلة للوقاية من الإصابة بالأمراض الجنسية الخطيرة وأهمها مرض الايدز الخطير، أما عن الوقاية من الإصابة ببعض الأمراض السرطانية .

قال عز وجل :” إنما حرم عليكم

الميتة والدم ولحم الخنزير “

وقال جل شأنه:” إنما الخمر والميسر

والأنصاب والأزلام رجس من عمل

الشيطان فاجتنبوه”

   أكدت الأبحاث العلمية التي أجريت في بريطانيا أن تناول لحم الخنزير يتسبب في الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي، أما تناول الخمور والمسكرات فتتسبب في الإصابة بسرطانات الفم والحنجرة والثدي والرحم والكلي.

  قال تعالي ” وننزل من القران ماهو شفاء ورحمه للمؤمنين”

اجمع الأطباء والباحثون العالميون

أن حفظ القرآن يجعل من خلايا المخ

خلايا نشطه جدا وفي حاله عمل دائم

وذلك يقويها ويحميها من الإصابة بمرض الزهايمر وينشط الذاكرة ويحافظ علي الهدوء النفسي كما أن ترتيل القرآن ينظم حركة التنفس من

خلال تعاقب الشهيق والزفير مما يخفف من حده توتر الإنسان كما أن

حركات عضلات الفم أثناء الترتيل

تقلل من الشعور بالإرهاق وتكسب

العقل النشاط والحيوية

قال تعال:” وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها”

 ثبت علميا أن الصلاة تؤدي إلي استقرار جهاز المناعة وتعمل علي ضبط إيقاع الجسم وتقوي العظام

وتعتبر علاج نفسي فعال

وقد قال الدكتور( اليكسس كارليل)

الحاصل علي جائزة نوبل في الطب

 : ( الصلاة تحدث نشاطا عجيبا في

اجهزه الجسم واعضائه وهي أعظم

مولد للنشاط عرف إلي وقتنا هذا

وقد لوحظ أن العديد من المرضي

الذين أخفقت العقاقير في علاجهم

تدخلت الصلاة في شفائهم كما أن

الصلاة كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع ومولد ذاتي للنشاط ويؤدي

إلي مداواة العديد من الأمراض

كالتدرن البريتوني والتهاب العظام والجروح )

هذا وقد ثبت طبيا أن السجود في الصلاة يمنع الإصابة بالزهايمر ويزيل القلق ويشعر الإنسان بفيض من السكينة وطوفان من نور اليقين والتوحيد

قال تعالي: ” والتين والزيتون وطور

سنين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا

الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه

أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا

الصالحات فلهم اجر غير ممنون “

لو تأملنا هذه الآية الكريمة لوجدنا

إن الله جل شأنه أقسم بالتين والزيتون مع ارتباط هذا القسم بخلق

الإنسان في أحسن تقويم حيث الحيوية والنشاط ثم رد الإنسان إلي أسفل سافلين أي مروره بمرحله العجز والضعف وهي الشيخوخة

ومن الإعجاز العلمي في تلك الآية

أن العلماء أكدوا أن هناك ماده تسمي

( الميثالونيدز) يفرزها المخ في الإنسان  مهمتها خفض

نسبه الكوليسترول وتساعد علي

التمثيل الغذائي وتقوي القلب وتضبط

التنفس وتلك المادة يقل إفرازها بعد

سن الستين فيصاب الإنسان بأمراض

الشيخوخة )

ولقد قام علماء باليابان  بعمل أبحاث

 عديدة عن كيفيه تعويض فقدان

الجسم لهذه المادة وقد توصلوا إلي

مادة مماثلة تم استخلاصها من التين

والزيتون يمكن أن يتعاطاها الإنسان

 حتى لا يصاب  بالشيخوخة

هذا وقد اثبت العلماء بمركز الزهايمر

بكلية طب جامعه تيمبل بالولايات

الأمريكية أن زيت الزيتون يحمي

من الإصابة بالزهايمر والأمراض

المرتبطة بالشيخوخة كأمراض الأوعية الدموية كما أنه يحمي الوصلات العصبية التي تتجمع فيها الخلايا العصبية لتبادل المعلومات مما يقي من انخفاض الوظيفة العقلية أو الخرف

  أما عن وقاية أنفسنا وأهلينا من عذاب النار:-

قال تعالي :” من يطع الله ورسوله

يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار

خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن

يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده

يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين”

وقال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) :” واتقوا النار ولو بشق تمره

فمن لم يجد فبكلمه طيبه”

وقال رسول الله ( صلوات الله عليه):” الحسنات تذهبن السيئات”

وقال ( صلي الله عليه وسلم):

” إن لله عليك حق وإن لبدنك عليك

حق وإن لأهلك عليك حق فأعط كل

ذي حق حقه”

وقال عز وجل :” من عمل صالحا

فلنفسه ومن أساء فعليها وما  ربك

بظلام للعبيد”

وقال الله تعالي :” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت”

وقال ( عليه الصلاة والسلام):

“كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته”

أين نحن الآن ؟ من القران الكريم والسنة النبوية الشريفة في ظل

المتغيرات العصرية  التي آلهتنا مغرياتها بأمور الدنيا وأبعدتنا

عن أمور الدين

أين هي الكلمة الطيبة ؟ وما هي

الحسنات التي نفعلها ؟ وهل أعطينا

  كل ذي حق حقه ؟

وهل كل راع في بيته يتقي الله في

أهل بيته؟

أن الله عز وجل اسمه الرحمن الرحيم

لم يخلقنا ليظلمنا وإنما نحن

الذين نظلم أنفسنا ونتسبب في

تعذيبها بسوء إعمالنا

 ما أحوجنا إلي التمسك بتعاليم

الدين الصحيحة كي نقي أنفسنا وأهلينا من عذاب الآخرة وذلك بإتباع

  القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة  وفقا لما جاء بهما من أوامر ونواهي

ولعل كل نفس أماره بالسوء تتعظ وتفيق و تحاسب نفسها وان تصير نفس لوامة فتعدل وتغير من سلوكها الخاطئ وعاداتها السلبية وان تلتزم بأداء الفرائض والعبادات وان تحسن تعاملاتها ومعاملاتها اتقاءً لله وابتغاءً لمرضاته، حتى تتحول إلي نفس مطمئنه فتنال حسن الخاتمة كما وعدها رب العالمين بدخول الجنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com