هرطقات انتخابية ( الحلقة الثانية).. بقلم/ د.محمد عودة

حتى خالتي نفيسة بدها تجديد شرعيات، وتدعي امام كل الجارات وبفشخرة انها تعرف الكثير عن الانتخابات عن طريق ابن اختها الي هو انا وهي لا تدري ان علاقتي بالانتخابات والخبرة فيها كعلاقة ستي امها لخالتي نفيسة (الجدة ظريفة) باللغة الصينية.

كل الشعوب التي تعيش ظروف طبيعية, لها الحق في اختيار من يمثلها عبر صناديق الاقتراع وفي مثل هذه الحالة تجري الانتخابات داخل البلد وعبر سفاراتها لمواطنيها المتواجدين في الخارج . وهناك مؤسسة تشرف على هذه الانتخابات في الحالتين .اما الوضع بما يخص الشعب الفلسطيني فالأمر مختلف إلى أبعد الحدود .

أولًا : فلسطين دولة تحت الاحتلال والشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية يعاني من انقسام قسري بين  ستة مناطق جغرافية وتحت ثلاث سلطات تنفيذية.وسكان هذه المناطق الجغرافية لا يشكلون اكثر من نصف الشعب الفلسطيني.

ثانيًا:- النصف الاخر فهو ايضا مقسم قسريا لعشرات المناطق الجغرافية وكل منطقة لها خصوصية ,مضاف اليها ان البعض من هذه المناطق لم يرقى فيها وضع الفلسطيني بعد الى منزلة صاحب حق في الاقتراع حتى وان كان مولودا فيها منذ عشرات السنين وبالتالي فان اجراء انتخابات خارج فلسطين يحتاج الى معجزة حقيقية وهذه المعجزة حتى اللحظة ليس لها وجود وعلية فان اي انتخابات وفي اي من الجغرافيا السياسية لن تفضي الى تمثيل حقيقي للشعب الفلسطيني وهنا تكمن المعضلة. وبما ان المعجزة غير موجودة فانه سيترتب  على القيادات الفلسطينية والاحزاب السياسية اضافة الى مركبات المجتمع المدني خاصة المنظمات الشعبية و النقابات ان تبتدع حلولا خلاقة من اجل حياة ديمقراطية تمثل الجغرافيا السياسية لكل الشعب الفلسطيني.

ثالثا:-فيما يخص النصف الذي لا زال يرابط في وطنه وعلى ارضة وهو مقسم الى ثلاثة اقسام  ,فلسطينيي القطاع والضفة الغربية ,فلسطينيي القدس و فلسطينيي 48 وفان الموضوع مختلف تماما من حيث الولاية السياسية على الشعب الفلسطيني فهي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي و الوحيد وهي صاحبة القول الفصل فيما يخص القضايا الاستراتيجية وهي الجهة الوحيدة التي يعترف بها العالم. لقد جددت شرعيتها قبل عامين من خلال عقد المجلس الوطني في رام الله و اجتماعات المجلس المركزي الذي كلف بملفات المجلس التشريعي بعد المرسوم الذي صدر بحله وهي صاحبة الولاية الفعلية على القسم الاول والشكلية على القسم الثاني اما القسم الثالث وهو سكان 1948 فهم مواطنون في دولة اسرائيل ويمارسون حقهم الانتخابي دون بقية الحقوق التي تحرمهم منها مؤسسة دولة الاحتلال وتصادرها بحجة ان الارض لليهود.وان (عرب اسرائيل )عواطفهم وانتمائهم لفلسطين.والحقيقة ان هويتهم فلسطينية فهم الاصلانيين في البلاد وكونهم مواطنين درجة ثانية لا يلغي هويتهم..

رابعا :- وبما ان السلطة الفلسطينية ليست صاحبة ولاية سياسية على الشعب الفلسطيني ولا يتعدى ادارة ذاتية تعنى بقضايا المواطنين الفلسطينيين اليومية في مناطق نفوذها  كل حسب خصوصيته .فهي شكلا تعنى بكل ما يخص مواطني مناطق (أ) وبنسبة اقل مناطق (ب) وفقط الجانب المتعلق بالهوية لسكان مناطق (ج) وعليه فان اي انتخابات على اهميتها للمواطن لن تغير شيئا في الموضوع المصيري للشعب الفلسطيني ومع ذلك فان اجرائها في المناطق الثلاث المشار اليها انفا (أ.ب .ج )داخل فلسطين ممكن تقنيا وتحت سيطرة لجنة مختصة بالانتخابات اما المنطقتين الاخريين (غزة تخضع لحكومة تسعى لتثبيت كيانها هناك ومقاسمة السلطة في الضفة .اما القدس فهي تحت سيطرة اسرائيلية مطلقة) وان اي انتخابات ذات طابع سياسي تحتاج الى موافقة قوة الاحتلال خاصة بعد مكافأة الادارة الامريكية السابقة باعتبار القدس موحدة وعاصمة ابدية لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة اليها وتشجيع الدول الاخرى كي تحذو حذوها وبالتالي فان موضوع القدس اعقد مما يعتقد البعض. حيث ان اجراء انتخابات بدونها سيعتبر بيعا لها .اما ان اجرينا انتخابات عبر القنصليات الاجنبية او حتى في الاقصى و القيامة نكون قد خدعنا انفسنا بان القدس شاركت.

ان الحل الامثل برايي ان لا نجري انتخابات دون ان تكون كل المعوقات الذي ذكرتها في سياق هذا المقال قد ذللت ,والى ذلك الحين اقترح ان تجتمع الفصائل بما فيها حماس و الجهاد و الاتفاق على آليات ادارة البلاد دون  الاسهام بقصد او بغيرة في المساس بمكانة منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي و الوحيد فهي رغم ما يشوبها من ترهل و قصور تبقى الضمانة الوحيدة لبقاء القضية حية في المستقبل المنظور .وان المساس بها سيفضي الى فراغ تمثيلي قد يستغرق عقود من الزمن حتى نوجد بديل مقبول للمجتمع الدولي وعندها ستكون الحقائق على الارض قد تغيرت لدرجة لا يعود هناك ضرورة لممثل للشعب .ان الحفاظ على المنظمة هو الحفاظ على القضية .وان كان الشعب في ارض فلسطين يريد اختيار ممثليه فعليه ان يكتفي مرحليا بالانتخابات البلدية الى حين تذليل كل العقبات .وربما الانتخابات الحزبية و النقابية تفي نسبيا بان يشعر المواطن بانه شريك.الا اذا اراد البعض ان يكتفوا بالواقع وان تكون السلطة بلا سيادة هي ممثلهم وعندها سنكون قد حققنا حلم بيغن بان اقصى ما يعطى للفلسطينيين هو حكم ذاتي بلا سيادة ولا صلاحيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com