حاكم عادل فاعل و عالم متخصّص صاحب أخلاق عالية – معمر حبار

  1. قرأ إمام صلاة التراويح قوله تعالى: “وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ”، سورة سيّدنا يوسف – الآية 50، فكانت هذه القراءة:
  2. سيّدنا يوسف عليه السّلام: يمثّل العالم، والمتخصّص، والمتمكّن، والمؤهل، والمخترع، والمكتشف، والخبير، والضليع، والمتميّز،  وصاحب القدرات.
  3. الملك: يمثّل الحاكم العادل الفاعل، والمجتمع الفاعل الذي يقدّر أصحاب التخصّص، وأهل القدرات، والعلم والعلماء.
  4. أقصد بالعالم المتخصّص المتمكّن الذي يمتاز بأخلاق الدولة والمجتمع، ويخدم دولته ومجتمعه بصدق، وأمانة، وإخلاص، ووفاء بالإضافة إلى احترافية عالية في مجال تخصّصه.
  5. بمجرّد ماتيقّن الحاكم العادل الفاعل من خبرة، وتخصّص، وتفوّق، وتميّز العالم المتفرّد -سيّدنا يوسف عليه السّلام- أرسل إليه وعلى جناح السّرعة يطلبه.
  6. استجاب الحاكم العادل الفاعل لطلبات العالم وهو السجين بفتح تحقيق رئاسي وتحت إشرافه شخصيا بشأن التّهم الباطلة التي تعرّض لها العالم المتخصّص.
  7. الحاكم العادل الفاعل كان عظيما حين أعلن عن فتح المحاكمة علانية -وهذا هو الذي كان يسعى إليه العالم أي سيّدنا يوسف عليه السّلام-، فجاءت براءة العالم علانية وأمام المجتمع، وبحضرة الحاكم العادل الفاعل شخصيا، وعلى لسان من راودته، وعلى لسان النّساء اللّواتي حاولن إيقاعه ولم يستطعن.
  8. العالم والمتخصّص والفقيه والمتمكّن قيم عالية، وأخلاق سامية قبل أن تكون شهادات، ومعلومات، وكتب، ومحاضرات، ولقاءات ولذلك أصرّ الملك العادل الفاعل على أن تظهر براءته قبل لقاء الملك.
  9. ليست  من مهام العالم والفقيه والمتخصّص أن يتسوّل أمام بيوت الحكام والملوك، وانظر كيف رفض سيّدنا يوسف عليه السّلام -بأدب- دعوة الملك في اللّقاء الأوّل حتّى يلبي له طلبه برفع التّهمة الباطلة عنه، وإظهار براءته بشكل علني وعلى لسان الذين اتّهموه، وفي حضرة القاضي الأوّل للبلاد.
  10. العالم المتخصّص صاحب الأخلاق العالية يعفو عمن ظلمه، ولا يطلب من الحاكم العادل الفاعل شيئا لنفسه على حساب دولته ومجتمعه، وهو سعى إليه الحاكم سعيا.
  11. في الوفد الرئاسي الأوّل الذي بعثه الحاكم العادل لسيّدنا يوسف عليه السّلام قال: ” وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ”، وبعد أن رفض العالم المتخصّص الفقيه طلب الملك إلاّ بعد أن تعلن براءته. وبعد أن لبى له الملك كلّ طلباته أرسل له الوفد الرئاسي الّثاني وقال حيها: “وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ”، سورة سيّدنا يوسف – الآية 54. مايعني أنّ منزلة العالم والفقيه والمتخصّص ارتفعت لدى الحاكم العادل الفاعل بعد أن رفض دعوته إلاّ بعد أن تعلن براءته.
  12. الحاكم يرفع الذي لايتملّق له، ويهين كلّ متملّق له ولو كان أعلم أهل الأرض. والحاكم لم يتوقف عند هذا التّكريم بل منح العالم غير التملّق له الثبات، والأمان، وعدم الخوف، والاطمئنان “إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ”، ليستفيد من خبراته وأخلاقه في تسيير الأزمة.
  13. خلاصة، الحاكم العظيم والمجتمع العظيم هو الذي يعرف ويقدّر القدرات التي أتيحت له وأمست بين يديه من العلماء، والمتخصّصين. والعالم العظيم هو الذي يقدّم مصلحة دولته ومجتمعه على طموحاته الشخصية، ويتّسم بأخلاق الدولة و والمجتمع ليخدم الدولة والمجتمع.

الشلف – الجزائر
 
معمر حبار 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com