نبض الحياة.. زيارة بلينكن الأولى.. عمر حلمي الغول

لم تكن مدرجة على جدول أعمال الوزير الأميركي بلينكن، لكن هبة القدس الفلسطينية العظيمة فرضتها على إدارة بايدن، الذي حرص ان ينأى بنفسه لفترة من الوقت عن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. رغم انه اتخذ مجموعة من الخطوات قبل وبعد وصوله لسدة الرئاسة في البيت الأبيض، إلآ ان التطورات العاصفة، التي شهدتها هبة القدس مع بداية شهر رمضان المبارك في ساحة باب العامود في 13 نيسان / ابريل الماضي، ثم في باحات المسجد الأقصى وتدحرجت إلى حي الشيخ جراح، وتاليا إلى الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وصولا لجبهة قطاع غزة الملتهبة، فرض على الإدارة إرسال وزير خارجيتها لمتابعة التطورات، والعمل على تعزيز وقف كل مظاهر وأعمال العنف والإرهاب الإسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني، والتأكيد على ضرورة العمل على أكثر من جبهة: الأولى: تثبيت وقف إطلاق النار بين جيش دولة التطهير العرقي الإسرائيلية واذرع المقاومة في القطاع، الثانية العمل على حشد الجهود الدولية لإعادة إعمار ما دمره القصف الهمجي لآلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والثالثة التأكيد على أهمية الذهاب لجادة الحل السياسي. لإنه ثبت بالملموس لكل الأقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة، أن المسألة الفلسطينية لا تحتاج لمهدئات ومسكنات، وحلول جزئية ومؤقتة، إنما إلى حل سياسي وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وفعلا وصل أمس الثلاثاء الموافق 25 أيار / مايو 2021 أنتوني بلينكن إلى دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، والتقى رئيس الوزراء نتنياهو، ولوحظ في المؤتمر الصحفي المشترك، أن رئيس حكومة تسيير الأعمال حاول أن يحرف بوصلة النقاش بتركيزة على الملف النووي الإيراني، وإعطاءه المساحة الأكبر من الحديث. بيد ان وزير خارجية أميركا، سلط الضوء على الملف السياسي، الذي جاء من اجله، وهو ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكد رئيس الدبلوماسية الأميركية على ما كان أكده ورئيسه عليه بعد توسع نيران هبة الأقصى، وانفلات همجية ووحشية آلة حرب “إسرائيل” المارقة من عقالها، وبلغت حدا غير مسبوق في قصف الأبرياء والمباني والأبراج والبنى التحتية في محافظات الجنوب الفلسطينية، والعمل على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل هبة رمضان المقدسية.

واعتقد أن الوزير الأميركي سيعاني قليلا مع حكومة نتنياهو المنحلة، وخاصة مع رئيس الوزراء، لا سيما وان حبل الود بين إدارة بايدن ونتنياهو شخصيا ليس على ما يرام. ولم يكن للرئيس جو بايدن ووزير خارجيته التواصل مع زعيم الليكود الفاسد بهذا القدر لولا تطور الهبة العاصف في جبهات متعددة  طالت كل فلسطين التاريخية والشتات ودول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، وافتضاح مكانة إسرائيل الفاشية أمام الرأي العام العالمي، وارتفاع وتيرة الضغط العالمي على الإدارة الأميركية من الداخل والخارج للتوقف عن التساوق مع حكومة الفاسد بيبي، والضغط عليها لوقف قصفها الوحشي. مما اضطرها للتعامل مع مفردات الملف الفلسطيني الإسرائيلي.

كما والتقى وزير الخارجية أمس الثلاثاء في مدينة رام الله في مقر المقاطعة الرئيس أبو مازن وتبادلا المشورة والرأي في ما سمعه من بنيامين نتنياهو واركان حكومته، وما لدى الإدارة الأميركية من توجهات سياسية، وأيضا لتعزيز العلاقات الثنائية المشتركة، وأكد على دعمها للرئيس محمود عباس والسلطة الوطنية، وهذا ما توقف أمامه أكثر من مرة الرئيس بايدن وأركان إدارته خلال الأيام الماضية. ومن جانبه أعلن الرئيس أبو مازن تمسكه بالثوابت السياسة الفلسطينية إن كان لجهة تحميل دولة الاستعمار الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن ما حدث في ساحة باب العامود وثم في باحات المسجد الأقصى والشيخ جراح، وعن التدمير الوحشي لمساكن المواطنين الأبرياء وللبنى التحتية وللمدارس والمؤسسات والمصانع، وقبل ذلك عن قتل 66 طفلا و38 امرأة وعددا كبيرا من الشيوخ والشباب تجاوز 254 شهيدا، ونحو الالفين جريح دون سبب يذكر، سوى إلقاء حمم من أطنان المتفجرات على رؤوس الأبرياء، وإفراغ الحقد العنصري والفاشي على أبناء الشعب العزل في قطاع غزة، والتأكيد على ان الحل الأساس الذي يفترض التركيز عليه هو الحل السياسي، وترجمة بنود خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والإنسحاب الإسرائيلي الكامل غير المنقوص من أراضي دولة فلسطين المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان عودة اللاجئين على أساس القرار الدولي 194 والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة. دون ذلك ستكون الهدنة مجرد مسكن لا يرقى للحل السياسي، بل ستبقى عنوانا للتفجير في كل لحظة، وهذا ما أعلنه قادة حكومة نتنياهو المارقة والفاسدة.

كما سيزور رئيس الدبلوماسية الأميركية كل من مصر والمملكة الاردنية للتشاور معهما في الملفات المختلفة. وأجزم ان التكامل بين القيادة الفلسطينية والقيادتين الشقيقتين في الرؤى والمواقف تامة، لا سيما وان وزيري خارجية البلدين المصري والأردني زارا رام الله والتقيا الرئيس أبو مازن امس وأول أمس (الاثنين والثلاثاء)، لتعميق التكامل والتنسيق بين الدول والقيادات الثلاث. والنتيجة الطبيعية لهذا الجهد الدبلوماسي والسياسي يملي على إدارة بايدن أن  تتقدم جديا نحو الحل السياسي دون تلكؤ أو مماطلة وتسويف. لإنه الخيار الأنجع والأكثر ملائمة للجميع، والذي تأخر 22 عاما منذ مطلع الألفية الثالثة .

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com