حوار مع الأديب شفيق التلولي

عندما يعزف التلولي لحن الفقد ثم يردد حقيقة الحلم والموت

يصحو من نومه باتجاه البوصلة والرياح قد لفت الحول بسؤال الأين 

غزة – حاوره/ سامي أبو عون

كيف تعاملت بحلم الصحو في يوميات الحرب ؟

في الحرب أصحو أتفقد أشيائي أتحسس جسدي اختبر أنفاسي أتأكد إن كنت بخير وما زلت أتنفس في كل ليلة من ليالي الحرب أحاول النوم عبثا ، أترقب الصبح بشغف يغافلني النعاس ثم أصحو على صوت القنابل لأترك شاشة تلفوني المحمول ، أقلب الأخبار أتابع أسماء الشهداء والبيوت المدمرة والأبراج السكنية والمنشآت والشوارع والطرقات ، أخليت بيتي مرارا أثر التهديدات المتلاحقة بقصف المنطقة التي أسكن بها ، عدت إليها بفرح بعدما حطت الحرب أوزارها وبكيت على من قضوا وعلى الدمار .   ما زلت أصحو على أحلام الحرب وكوابيس القصف والدمار يطاردني ،  كافكا يأخذني لشاطئ كان يفرح بالصبح وعند المغيب قبل أن تغتاله الحرب .

ما دورك كمبدع والرسالة التي تود إرسالها إلى مثقفين العالم بخصوص جرائم الاحتلال بحق الثقافة ؟

 

الاحتلال الصهيوني استهدف قطاع غزة في الحرب الأخيرة استهدافا بشعا طال كل شيء الحجر البشر والشجر و هذا ليس غريبا على الاحتلال وليس جديد إنما منذ أن أقام الاحتلال كيانه المزعوم وهو يرتكب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين.

ولعل ما شهدناه خلال الحرب الشرسة والعدوان الغاشم الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة هذا العدوان أراد منه استكمال مسلسله الإجرامي التصفوي الذي استهدف الوجود الفلسطيني على هذه الأرض فهو من خلال تدميره للمنشآت والممتلكات والأبراج السكنية الضخمة والمؤسسات السكنية والإعلامية إنما أراد من خلال ذلك قتل الأبرياء من جهة وهم آمنين في بيوتهم كما أراد أن يروع ويرهب الشعب الفلسطيني ويقهر حراكه ومقاومته الشعبية التي اندلعت شرارتها في القدس واللد وفي داخل فلسطين المحتلة وأينما وجد الفلسطيني كان أقصاها في قطاع غزة لينال ايضا من خلال هدم البنى التحتية ومباني المدينة في غزة لكي ينال من وجودها وحضارتها                                                                         من هنا فان الاحتلال الذي استهدف المؤسسات الصحفية والإعلانية والثقافية مثل صحيفة الحياة الجديدة التي يقارب عمرها أكثر من ربع قرن من الزمان ليقتلعها من جذورها في برج الشروق المدمر لكن لن ينالوا لا من الحياة الجديدة كصحيفة ولا من حياة الفلسطيني ولن ينالوا من الكلمة لأنهم استهدافهم الكلمة هم يستهدفون الهوية الفلسطينية والذات الفلسطينية المرتبطة بالوجود الفلسطيني في الزمان والمكان المتجذر في هذه الأرض فهم يدركون ان الثقافة كمكون رئيسي هي التي تصوغ وجودهم على هذه الأرض كل ما تحمل الثقافة من معان ومكونات فهي الموروث البشري الجمعي بما أنتج الشعب من خلال نخبها من كتاب وصحفيين وأدباء قادرين على فضح الاحتلال وكشف جرائمه واعرية رواية النقيض من هنا رأينا في وقفة الصحفيين أمس والكُتّاب اليوم يحتشدون ويتجمهرون ويقفون أمام ركام مؤسساتهم المدمرة من أمام برج الجوهرة والشروق والجلاء ومن أمام المكتبات الفلسطينية ودور النشر بالأخص مكتبة سمير منصور التي دمرها الاحتلال في حربهم القذرة هذه المكتبة تكاد تكون دار النشر الوحيدة التي تمتلك إيداعا قويا و ارث كثير من الأدباء والكتاب والباحثين .

ما ضرورة اتحاد الكتاب في هذه المرحلة خصوصًا حربه على الكلمة كما شاهدنا قصفه دار نشر ومكتبة سمير المنصور ؟

اتحاد الكتاب لم يألو جهدا منذ بداية الحرب للعمل على فضح جرائم الاحتلال فقد اتصل و وتواصل الأمين العام لاتحاد الكتاب الأخ مراد السوداني وأيضا الأمين العام المساعد لاتحاد الكتاب عبد الله تايه فعملت ماكنة الإعلام أيضا من خلال مفوض الإعلام الأخ ناصر عطا الله على فضح هذه الجرائم وعملوا جميعا كخلية نحل من خلال إحياء التضامن العربي والدولي مع قضيتنا ومع ما يتعرض له أهلنا في قطاع غزة فتواصل الأخ مراد مع كل هذه الاتحادات الدولية  الذين أصدروا العديد من البيانات وجاء دورنا هذا لحث الاتحادات العربية والدولية للضغط على حكوماتها من أجل لجم الاحتلال على شعبنا الأعزل واستهدافه أيضا لمؤسسات الثقافة كما استهدف المؤسسات ودور النشر وبخاصة مكتبة سمير منصور ووقفة اليوم كانت واحدة من الوقفات التي  نظمها الاتحاد في قطاع غزة والضفة الغربية وحتى خارج فلسطين من خلال كتابنا في مختلف أنحاء العالم فقد عمل الكُتّاب دور كبير في كشف جرائم الاحتلال ولم يغيبوا عن المشهد وعن الصورة من خلال لغتهم القادرة على التأثير الإنساني في العالم ونقل الثورة من خلال الرواية والصورة  .

كيف ترى غزة الآن بعين المثقف والمسؤول  ؟

غزة المنكوبة التي تستطيع أن تقول اليوم أنها كلها شهيدة ومنكوبة ولكن نقول أن غزة اليوم هي غزة الأمس غزة العنقاء والتي ارتبطت بالعنقاء كرمز لغزة والتي أخذت من العنقاء رمزا لها لأن الشعب الفلسطيني ينتفض وينهض محلقا كالعنقاء ليخرج منها الفينيق الكنعاني الأصيل.. عندما ترى شباب غزة الذين انطلقوا منذ الأمس بعدد من الحملات تدرك أن غزة باقية على هذه الأرض حتى لو لم يبق إلا فلسطيني واحد.

ما دامت الحياة هناك أمل للنشيد ما دور الأمل عند الأديب شفيق التلولي  ؟

الأمل هو نشيد الحياة، والنصر يقاس بالبقاء والأمل والعالم في غزة يحيون على أمل الغد الذي يصعد فينا وأنا أتوقع أن المحللين كانوا يتوقعون أن غزة لا يمكن فيها العيش في عام  2022 لكن دائما وابدأ غزة تصحو من كبوتها وعصية على الكسر.

الأديب الذي يحمل قنديل ديوجن ليخرج ويقول للعالم ما زال هناك أمل ويقدح بصيص أمل في الأفق البعيد فهو ابن بيئته فهو لا يكتفي بكونه ناقل للحقيقة وأن هناك رؤية للأديب ورؤية الأديب تتمثل في أن هناك أمل.

والأديب أيضا دائما يقود التثوير والتنوير واستشراف المستقبل فهو الذي قاد الثورات في انحاء العالم وبخاصة الثورة الفلسطينية .

رؤيتك للمستقبل

أنا أرى بالرغم من أن الشعب الفلسطيني الذي توحد في هذه المعركة هو الوحيد القادر على حفظ عهدة الوحدة ولذلك لا أتصور ولا يمكن أن نعود للوراء بعد هذه المعركة التي شكلت إجماعا وطنيا وليس الفصائل فحسب وإنما على رأسها القيادة الفلسطينية التي رفضت كل مشاريع التصفية وقالت لا لكل الذين أرادوا النيل من الوجود الفلسطيني.

أنا أرى أن هناك مستقبل للشعب الفلسطيني لأن الشعب الفلسطيني منذ قرن من الزمن وهو يقاوم فالشعب حقق الكثير من المكتسبات أهمها أنه بات موجود في الخارطة السياسية وأنه متمسك بأرضه وهذه المعركة الأخيرة أعادت القضية من جديد وهذا بحد ذاته إشراقة مستقبل والمهم أن تتحقق الوحدة الوطنية فهي طريق الانتصار وأنا متأكد أن القادم أجمل وأن المستقبل الفلسطيني سيكون أكثر إشراقا ولا يمكن أن تضيع هذه الدماء هدرا .

كمثقف كيف عشت يوميات الحرب ؟

أنا عشت الحرب كنت أموت وأحيا مثلي مثل كل فلسطيني نحمد الله أننا نصحو في اليوم التالي على قيد الحياة ، وأنا كنت كغيري من المثقفين مشتبك بقلمي في أرض الميدان.. أنا شخصيًا أكثر ما أثر في القضايا الإنسانية والحكاية.

فدور الكاتب يبحث عن حكاية  من هنا يأتي المنتج الثقافي فهو الذي يبقى أنا أقول أن بعض أيام سيزول الركام والصورة ستصبح في الأرشيف .

ما يتمناه الأديب شفيق التلولي ؟

أن أرى غزة كما عهدناها مبدعة ثقافيا وأدبيا وستصحو من كبوتها بأجنحة المعرفة عبر الأفق البعيد كي نثبت للعالم إننا نستحق الحياة لأننا صناع في عدة مناحي من هذه المكون الثقافي والمعرفي وأحلم بأن ثقافتها وإبداعها يحلق كي يصل كل زوايا الكون غزة الصبح الأجمل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com