الثانوية العامة أتوبيس الفقراء.. عائد زقوت

إن الإنسان مدني بطبعه لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين، ولكن يبدو أن البعض لا يحلو له أن يرى أبناء شعبه يعيشون ويحيون كما يحيى ويعيش الآخرون ولو في مناسبات موسمية، إن البهجة والسعادة ومظاهر الفرح التي تضفيها نتائج الثانوية العامة في نهاية العام الدراسي بما يحمله من مفارقات ليشكل مظهراً من مظاهر التحدي والصمود والإصرار على استمرار مسيرة الحياة رغم أنف الاحتلال والمتربصين بشعبنا ليئدوا كل أمل وليد يشي بقدرة الشعب على البناء والتنمية والتعمير وبقدرته على ممارسة حياته السياسية، بل ويجعل من التعليم رافداً يرفد الأمل الوليد بحياة أفضل على طريق الحرية والاستقلال، فيستثمر أبناء شعبنا هذه اللحظات الجياشة بالعواطف الممزوجة بالفرح والحزن في آنٍ واحد للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم، بل وينتظرون لحظة يجددون فيها أحلامهم، ويسعون لصعود حافلة النجاة، فلا مركب ينجيهم من اليأس والإحباط المتردي من الأوضاع السياسية والاقتصادية وممارسة قياداته سوى تعظيم لحظات النجاح ليتسمدوا منها طاقة لقادم الأيام والأحداث، إلا أن من المفارقات العجيبة التي تحكم البعض الفلسطيني والذين يملكون القدرة الفائقة على جلد الذات دون أي وازع تجاه مشاعر الآخرين، تجدهم يتفننون في قتل بذور النجاح والأمل، ويتجاهلون أن المسيرة التعليمية الفلسطينية ما قبل الاحتلال وما بعده أثبتت للقاصي والداني وللعدو قبل الصديق على الرغم مما عانته ولازالت تعانيه من شح في الإمكانيات والضغوطات الاحتلالية والدولية للتأثير على الهوية الفلسطينية نجاحها وتأثيرها في الحفاظ على هويتها العربية والإسلامية، بل إن ما حظيت به شهادة الثانوية العامة من رمزية سياسية نقلها من شهادة دراسية إلى شهادة وطنية بامتياز ويحسب لها أنها كانت العامل الأساسي في عدم سقوط المسيرة التعليمية في براثن الانقسام، وفي ظل هذه الأجواء يخرج علينا من يحلل نتائج الثانوية العامة، دون الاعتماد على منهج علمي، بل والاعتماد على بيانات إما منقوصة وجزئية أو مغلوطة لا أساس لها من الصحة، وينادون بالتحقيق في النتائج وآخرون يدعون إلى إنقاذ المسيرة التعليمية ويتناسون أنهم تخرجوا من صلبها، وأصبحت لهم ألسن وأقلام من نتاجها، ويعطون أنفسهم الحق في التلاعب بمشاعر الشعب ويشككون في نجاحاته وكأنهم يعيشون في بيوت عاجية، إن المواطن البسيط والذي تستكثرون عليه لحظة فرح يسألكم متى ستتوقفون عن السخرية من قطار مستقبله والتباكي على دمه المسفوح على الطرقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com