الدعوة لتحرك عربي جماعي فاعل للحيلولة دون المصادقة على عضوية “إسرائيل” في الاتحاد الإفريقي

القدس المحتلة- البيادر السياسي:ـ دعا خبراء ومختصون عرب من مصر والسودان والجزائر والأردن وفلسطين المشاركون في الندوة التي نظمها معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي مساء أمس الخميس 2021/8/19، تحت عنوان: التداعيات والآثار الجيوسياسية والأبعاد الإستراتيجية لانضمام “إسرائيل” للاتحاد الإفريقي بصفة “عضو مراقب”، إلى ضرورة عدم الاكتفاء بالإعلان عن رفض قبول رئيس مفوضية الاتحاد “لإسرائيل” كعضو مراقب، بل العمل من أجل تحرك عربي جماعي منسق وفاعل للحيلولة دون المصادقة على هذه العضوية، التي منحت لها دون موافقة الأمانة العامة للاتحاد ومجلسه التنفيذي وجمعيته العمومية. وأجمع المشاركون على إن استعادة إسرائيل لعضويتها المراقبة في اطر الوحدة الإفريقية يشكل اختراقا خطيرا لأفريقيا ويمثل خطرا وتهديدا ليس لفلسطين فحسب، بل وللأمة العربية بأسرها وللأمن القومي العربي ولمصالح الشعوب الإفريقية ذاتها، التي عانت من مختلف أشكال القمع الاستعماري والتمييز والفصل العنصري والأبرتهايد، والتي مثلت إسرائيل جزءا لا يتجزأ من منظومتها ولا زالت تمثلها وتمارسها إلى اليوم تجاه الشعب الفلسطيني.

وفي كلمته الافتتاحية للندوة، أشار الدكتور نايف جراد مدير عام معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي إلى ضرورة تلمس الأسباب والظروف التي جعلت إسرائيل قادرة على التغلغل في القارة الإفريقية، وضرورة الكشف عن الإبعاد الخطيرة لهذا الأمر على فلسطين ومصالح وامن دول وشعوب المنطقة، والبحث في السبل الكفيلة بإحباط مساعي دولة الاحتلال وغاياتها. وأشاد جراد بالمواقف العربية والإفريقية الجريئة التي عبرت عن معارضتها لهذا الإجراء وآخرها موقف مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي “SADC”، المنسجم مع الإرث النضالي التاريخي المشترك لمواجهة سياسة الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني والاحتلال الأجنبي، داعيا جميع الدول والمؤسسات العربية والإفريقية الصديقة لدعم التحرك الذي تقوده الجزائر الشقيق وجنوب إفريقيا للحيلولة دون مصادقة الاتحاد الإفريقي على هذه العضوية، والى دعم نضال الشعب الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الاستعماري الصهيوني ومساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها وجرائمها وعدم إفلاتها من العقاب.

ومن جانبه تحدث الخبير الاستراتيجي اللواء ركن الدكتور أمين مجذوب من السودان الشقيق عن الأبعاد الإستراتيجية لانضمام إسرائيل للاتحاد الإفريقي عضوًا مراقبا مؤكدًا على أن “إسرائيل” تسعى إلى اختراق القارة السمراء اقتصاديا وامنيا وسياسيا وان التطبيع هو نتيجة لهذا الاختراق وتعبير عنه، منبها لخطورة سعي إسرائيل للالتفاف على القوى المساندة للقضية الفلسطينية في القارة الإفريقية، مؤكدًا أن موقف الشعوب الإفريقية ومنها الشعب السوداني تعارض مواقف الحكام المطبعين. وفي ذات السياق أكدت الدكتورة دلال محمود أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مدير برنامج قضايا الأمن والدفاع في المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن لانضمام إسرائيل لعضوية الاتحاد الأفريقي آثارًا وتداعيات خطيرة على المصالح العربية وخصوصا على مصر والسودان في أكثر من جانب خاصة الأمني وملف المياه والصراع بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى المتعلق بسد النهضة، منبهة لأطماع إسرائيل التاريخية بمياه النيل والسعي لنقلها إلى النقب. وبين عمر حمايل عضو المجلس الوطني الفلسطيني أن مخاطر انضمام إسرائيل للاتحاد الإفريقي عضوًا مراقبًا على القضية الفلسطينية، تأتي في سياق الصراع الصفري مع دولة الاحتلال ومحاولة التأثير على الكتلة التصويتية الإفريقية الداعمة لفلسطين في المنابر الدولية، منبها لمخاطر اختراق برلمان عموم إفريقيا وغيره من الهيئات والمنابر، داعيا إلى تغيير أدوات التفاعل والتعامل مع الدول الإفريقية من خلال المزاوجة بين المبادئ الراسخة والكفاح المشترك ولغة المصالح المشتركة الأمنية والاقتصادية، وهو ما يحتاج إلى رسم خارطة طريق لآلية التعامل مع إفريقيا مستقبلا وانتهاج دبلوماسية جديدة بأدوات تواكب العصر والتقدم. وقارن المستشار نعيم الجمل بين العلاقات التي ربطت بين دول الاتحاد وفلسطين قديما وحديثا مؤكدا على وجود قصور فلسطيني وعربي في التعامل مع إفريقيا الأمر الذي فسح في المجال للتوغل الإسرائيلي في القارة السمراء. وتوقف أستاذ العلوم السياسية من الجزائر الدكتور إدريس عطية أمام مخاطر هذه الخطوة على مستقبل الاتحاد نفسه محذرا من الانقسامات التي قد تحدث في حالة إصرار بعض الدول على قبول إسرائيل عضوا فيها، مشيرا الى ان إسرائيل ما كانت لتنجح في ذلك لولا مساعدة بعض دول الاتحاد لإسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر من خلال التطبيع، والتساوق مع إسرائيل وحلفائها للسيطرة على إفريقيا التي باتت تشكل ساحة صراع لكافة أقطاب المجتمع الدولي من الشرق والغرب. وأكد عطية على الموقف الجزائري الحازم الرافض لانضمام إسرائيل للاتحاد الإفريقي ودعمها المطلق للقضية الفلسطينية.

وأوضح الأستاذ شادي محسن من مصر البعد الأمني للسياسة الإسرائيلية في إفريقيا، حيث يجري تصدير مسألة مكافحة الإرهاب ومواجهة النفوذ الإيراني في إفريقيا، وترويج صورة لإسرائيل بأنها قادرة على مكافحة الإرهاب ومساعدة الدول الإفريقية في تدريب مكافحته وبالتالي في تصدير السلاح إليها وإقامة مراكز الاستخبارات والتجسس، وذلك كمدخل للاستثمار ونهب موارد إفريقيا وخاصة المعادن الثمينة الضرورية للصناعة الإسرائيلية والأمريكية. وأكد الدكتور عبد الله النجار من معهد السياسات العامة أن لعضوية إسرائيل في الاتحاد الإفريقي وعلاقاتها بإفريقيا لها أبعاد أمنية واقتصادية وسياسية، موضحا أن صادرات إسرائيل لإفريقيا في تزايد كبير حيث وصلت عام 2014 الى ما نسبته 5% من مجموع صادرات إسرائيل الخارجية وقد ارتفعت النسبة الى يومنا هذا بفعل عشرات الاتفاقيات التي وقعتها مع العديد من الدول في السنوات الأخيرة. وأما الدكتور عبد الرحيم جاموس، عضو المجلس المركزي الفلسطيني، رئيس المجلس الإداري لاتحاد الحقوقيين الفلسطينيين، فبين أن علاقات إسرائيل بإفريقيا مرت بمراحل عديدة، ما قبل عام 67 وحتى كامب ديفيد عام 1978، ومن ثم ما بعد كامب ديفيد والتسوية السياسية وصولا للاختراق الكبير للموقف العربي الذي تجلى بعقد اتفاقيات التطبيع، مؤكدا أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ وهو يتأثر سلبا بنزعات الانغلاق القطرية التي شكلت مطية للتطبيع والاختراق، ودعا إلى ضرورة العمل الجاد من أجل استعادة الساحة الإفريقية كحاضنة داعمة للقضية الفلسطينية.

وأكد المشاركون في ختام الندوة على أهمية التحرك الجماعي العربي ومع كافة الأشقاء والأصدقاء وبشكل سريع وبما يوحد كافة الجهود الرسمية والشعبية لدعم التحرك الجزائري والجنوب إفريقي الداعم للموقف الفلسطيني والساعي لإفشال إقرار العضوية المراقبة لإسرائيل في اجتماع المجلس التنفيذي القادم للاتحاد الإفريقي، ولإعادة الاعتبار للعلاقات التاريخية بين دول وشعوب إفريقيا والدول والشعوب العربية. هذا وقد أدار فعاليات الندوة الدكتور حسين رداد الباحث المختص بالدراسات الإستراتيجية في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com