الملعقة التي قد تقلب الموازين في فلسطين/  بقلم :الكاتب والصحفي الاستاذ أنطون زكريا سابيلا 

ماذا يحدث في الضفة الغربية وهل من مفاجأة؟!

  قام مؤخراً رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بزيارة البيت الابيض في واشنطن حيث اجتمع مع الرئيس جو بايدن. وكان حاضراً الاجتماع، وليم بيرنز، رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية )سي أي أيه (أقوى وكالة استخبارات في العالم قاطبة.

وطبعاً بحث الجانبان أزمة نووي ايران بدون الخروج باتفاق “نهائي” لكن واشنطن ارسلت ورا ء بينيت من اجل الضفة الغربية وليس من اجل ايران. فقد تبيّن حسب التقارير من المراقبة المكثفة للاستخبارات الأمريكية لما يجري في الضفة الغربية أن مناطق الشمال في الضفة الغربية قد خرجت عن سيطرة السلطة الفلسطينية وأنه لم يبق للسلطة نفوذ سوى في بعض مناطق جنوب الضفة المعروفة بانتمائها العشائري والتي تعول السلطة عليها كثيرا رغم أن قوتها محدودة بسبب الطبيعة التجارية لعديدها، علماً أن الدعم للسلطة في الجنوب ضعف أيضا بعد اغتيال “الكوماندو” التابع للسلطة الناشط القومي العربي نزار بنات!

أما القدس فهي خارج نطاق نفوذ السلطة من زمن طويل لأن المقدسيين حرروا الأقصى وكنيسة القيامة بسواعدهم عندما حاول الاحتلال السيطرة عليهما إما بالكاميرات أو الحواجز على الأقصى أو الضرائب على كنيسة القيامة!

لكن في شمال الضفة الغربية الانتماء العشائري ضعيف نوعاً ما. وهناك أيضا قوى إسلامية لها نفوذ إلا أن نفوذ حماس والجهاد الإسلامي تضاءل في السنوات القليلة الماضية في شمال الضفة لأن “أولاد البلد” تعلّموا “درس القادمين من تونس” ولا يسمحون الآن لأحد بتجاوزهم!

حسب التقارير في اجتماع بنيت بايدن قال الأخير للمستوطن الأول بينيت “ارجع إلى بلادك وساعد السلطة الفلسطينية لأنها على وشك السقوط!” والواقع أن بايدن أراد من بينيت ان يجتمع هو شخصياً مع عباس لكن لأن بينيت من أقوى الداعمين للمستوطنين في الضفة الغربية الذين يشكلون قاعدته الإنتخابية فقد ارسل وزير دفاعه بني غانتس للقاء عباس في يوم احد.

انتهى الاجتماع بتصريحات من الجانبين “لا تسمن ولا تغني عن جوع.” ولم يعلن الجانب الإسرائيلي عن خطة سلام ولا عن اطلاق سراح السجناء ولا عن انسحاب مرحلي من الضفة الغربية، كل ما أعلنه غانتس أنه فرح للقاء عباس. والفلسطينيون يفرحون عندما يلتقون عباس فهو ما زال رئيسهم رغم انتقادهم له، وما يميّز الشعب في فلسطين عن شعوب عربية أخرى أنه يحترم قياداته وتاريخها النضالي مهما كان الخلاف معها! ولم يخرج غانتس بحلول عن المساجين والشهداء والأراضي التي يستولي عليها المستوطنون!

ولم يمضي وقت طويل على اللقاء المذكور حتى حدث الهروب الكبير من سجن جلبوع في شمال الضفة. استخدم السجناء ملعقة سكر صغيرة (teaspoon) لحفر نفق الهروب تحت المغسلة في الزنزانة. ومن ابرز الهاربين زكريا الزبيدي القائد السابق لميلشيا كتائب شهداء الأقصى. كما أن الهاربين الآخرين لديهم انصار فصائليين. وهذه هي العزيمة الفلسطينية القوية التي من المستحيل أن نجد لها مثيلاً في العالم!!

هناك من يقول أن إسرائيل “سهّلت” الهروب لكي يتمكن زكريا الزبيدي من إعادة فرض سيطرة السلطة الفلسطينية على شمال الضفة الغربية، غير أن الزبيدي لن يقدم على مثل هذا العمل. لكن الحقيقة أن هذه الملعقة التي حفر فيها المقاومون نفق الهروب الكبير سوف يكون لها تداعيات كبيرة في فلسطين والعلاقات الأمريكية-الفلسطينية-الإسرائيلية.

وهل قال بايدن لضيفه بينيت شيئا أخر. على الأرجح فاجأه بالقول: قل للسيد عباس نحن لا نريد ولن نسمح بسيناريو أفغانستان في فلسطين وأن يعيّن خليفة له بأقصى سرعة ليضمن دعمنا المشترك قبل أن تتحول الثورة الصامتة في الضفة الغربية إلى ثورة دامية وتسقط المقاطعة ورئيسها وقادتها في رام الله بلمح البصر!!

استراليا – سيدني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com