نضال بلا رأس ….!!!/ بقلم : نزار نزال

لم تكن انتفاضة السكاكين كما أطلق عليها في العام 2015 حدثا عابرا ولا يجوز المرور عليها وكأنها ظاهره شبيه بالظواهر الفلكية بل كانت موجة قاتلة في قلب التحول الكفاحي للشعب الفلسطيني حيث تميزت بفرديتها وباستخدام السكاكين وقد لوحظ أن منفذي هذه العمليات هم من صغار السن وهو جيل جديد لا يعرف للخوف طريق وبتقديري لم ينتبه كثيرا الطرف الإسرائيلي لهذه الموجه التي أدت إلى مقتل العشرات من الطرفين وإصابة المئات , امتازت هذه الموجه بالعمل الفردي ولم يكن لها رأس أو قلب ينظم ضخ الدم الثائر لعروق هذه الظاهرة الجديدة وكان من الصعب لا بل من المستحيل أن تتنبأ أجهزة الأمن الإسرائيلية بموعد حدوث أي عمل مقاوم لتتجنب وقوعه باستخدام السلاح الأبيض وهنا تكمن الصعوبة ولم يكن يخطر ببال احد ان تتطور هذه الظاهرة لترى أكثر من مئات المسلحين يمطرون جنود الاحتلال بالرصاص في قباطية
لاشك أننا نقف اليوم إمام حالة وطنية تحررية مختلفة تماما عما عشناه من موجات نضالية على مدار 70 عاما من النضال و الكفاح ضد الاحتلال فلا أدلجة أو انتماء لحركة أو فصيل بعينة بل تجاوزت هذه الموجه كل الفصائل وأصبحت حالة وطنية تغيرت أشكال العمل المقاوم ولم تعد دكاكين العمل الوطني تقول أو تصرح أو تفعل ولا تستطيع أن تدين أو تشجب أو تشيد وطبعا هذا من وجهة نظر هؤلاء المقاتلين أو النشطاء الذين سيتشربون أفكار متباينة لا تنسجم و المشروع الوطني الذي يحلم به ويتمنى الجميع تحقيقه بل نجد التجاهل سيد الموقف وأنا أنبه إلى ضرورة استيعاب هذه الحالة الجديدة من النضال الوطني ودمجها في الجسد النضالي الفلسطيني الذي يحتضن كل أحبتنا على امتداد الوطن الكبير وفي الشتات وأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية البيت العائلي الكبير لكل شرائح العمل الوطني .
وبعد مرور عدة سنوات على هذه الحالة الجديدة ترتفع وتيرة أحداث الطعن تارة وتنخفض تارة أخرى حتى أصبحت تتغير وتتلاشى شيء فشيء ليكون البديل لها حالات الاشتباك المسلح شبه اليومي ولكن الوضع مختلف لان السلاح الناري أصبح فردي وموجود وتجد في غالب الأحيان سلاح المناسبات ليس حاضرا بل من يقودون الاشتباكات المسلحة هم أفراد لا ينتمون لأي حركة وطنية تقليدية وتجدهم يشترون أسلحتهم من مالهم الحر ومن جيوبهم الخاصة وهنا تكمن الخطورة على مستقبل الحركة الوطنية أولا لان النضال بهذه الطريقة لا تنظيم له ولا حاضنة تنظيمية أيضا بل الحاضنة الكبيرة التي تجدهم مزروعين بها هي الشعب الذي يقدر هذه الظاهرة ويحترمها فلا تجد حماس ولا الجهاد ولا فتح ولا غيره بل هم مقاتلين يشتبكون مع الاحتلال بشكل فردي في التجمعات السكانية عند اقتحام الاحتلال لهذه التجمعات وما رأيته ليل السابع و العشرين من أيلول الماضي في مدينة جنين ونابلس وقباطية لخير شاهد ودليل حقيقي على تطور هذه الحالة من السكاكين إلى السلاح الناري غير المنظم الذي يتعب إسرائيل كثيرا لان تحريك دبابات ليس بالأمر البسيط لمواجة مسلحين مفترضين وان استخدام السلاح الناري ليس بالضرورة أن يتم فلا يعقل أن تدخل تجمعات سكانية بالدبابات ولن تجد من يطلق رصاصه فأنت لست ذاهب إلى لبنان أو غزه أنت في جنين وفي نابلس وفي قباطية .
هنا نقف كثيرا ونتأمل وبتقديري أجهزة الأمن الإسرائيلي أصبح يضيق بها ذرعا ما تراه وما يحصل فلا جندي يستطيع أن يترجل من دوريته فالرصاص من كل اتجاه وتخشى أجهزة الأمن الإسرائيلي من تجاوز هذه الحركة لفصائل العمل الوطني الفلسطينية التقليدية لان ذلك سيجرد هذه الظاهرة من أي التزامات لا بل أي اعمل لن يكون مدروس من قبل هذا الجيل الذي يمتاز بشجاعة الجاهل كما انه لا يعرف إلا الدم وان التحرير لن يأتي إلا من فوهة البندقية وهذا المقاتل لا تربطه إلا كل علاقة طيبه مع كل الحركات ولا يعاديها ولكنه لا يسمعها .
نحن فعلا أمام حالة وطنية مختلفة تتجاوز كل الفصائل التقليدية وتتحرك بمفردها ولا تسمع إلا أصواتها و قلوبها ولا تفكر إلا في شعبها وقوميتها العربية فهم لا يطمحون لكرسي أو برج عاجي بل هم يعملون حرفين في المصانع و في ورش الحدادة والنجارة وغيره من الأعمال التي لا تربطها أي رابط بأي مؤسسه
إن كان لهؤلاء المقاتلين قناعة بان الفصائل التقليدية مذنبون وان الميل الجامح باتجاه الأرض و التراب والشعب هي وعي خالص وانتماء حتى الدم لفلسطين والوطن فهنا يجب الوقوف كثيرا وعلى فصائل العمل الوطني احتضانهم وإشراكهم في العمل الوطني لان إهمالهم سيخلق حالة وطنية قويه ولكنها بلا وعي وبلا تفكير ولا رأس وأن المستقبل يحمل كثيرا من الفوضى وربما انحراف هذا السلاح ليكون ذو طابع ملشياتي لا يمكن لجمه في وقت لاحق .
فلسطين / قباطية

عضو مؤازر في تجمع الأدباء و الكتاب العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com