الحرب بالوكالة على الشعوب/ بقلم قرار المسعود

     ما تزال الحرب بالوكالة مستمرة على الدول نامية، لأنها مرتبطة بمقدار وعي الشعوب التي لم تستيقظ  و صنع الحكام أو بمفهوم آخر وأدق المجتمعات المسيرة من طرف غيرها على أساس استعماري أو تمويلي أو من أجل الحماية إن لم نقل الهيمنة.  ففي كل الأحوال من هذه الأنماط نجد المجتمعات مسلمة بواسطة تأثير حكامها لخدمة الدول المتحكمة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر،  غير أن طريقة الاستعمار المباشر بدأت تأخذ شكل غير مباشر و بطرق غير التي كانت مستعملة.

       في السابق كانت الهيمنة و السيطرة ونهب الثروة مباشرة  و بالقوة  و لا أحد يتكلم، نظرا لقلة الاتصالات و الإعلام و عدم الاهتمام بما يجري في المعمورة، أما الآن بعد ما طال احتكاك الشعوب بالمستعمر لفترة من الزمن برزت بعض الشخصيات من بين الأمة و تعلمت و تغلغلت فيه مما خلق نوع من الوعي لدى العامة و معرفة المكيدة المدبرة و كيفيتها و أصبح الوجود العسكري مهدد في استقراره داخل هذه الشعوب و المجتمعات،  و تأكد أن الجندي المشترى و ذو الجذور غير الأصلية يقل يوما بعد يوم بإدراكه أنه يدافع عن مبادئ لا تخدمه و لا تخدم وطنه الأصلي.  فتغيرت الخطة وأصبحت السيطرة غير مباشرة بصنع الرؤساء التابعين له بأي طريقة كانت سواء بالقناعة أو المغريات أو الحماية.  ربما هذه الطريقة لن تطول و توشك على نهايتها كما فشلت سابقاتها و تحررت أغلب الشعوب و الدول تقريبا من هذا النمط.

      بعدما بدأت تتلاشى الطريقتان، جاء البديل المناسب و المدبر للمرحلة في الحرب بالوكالة لتحل محلهما و ذلك بتفعيل الجذور التي تم غرسها و المعدة لذلك و المحضرة خلال فترة من الزمان و تمكنها بكل الوسائل المتاحة من البرامج الجاهزة  من المخابر و التوجهات بعدما تم توسعها في السلطة كلوبي بصفة شخصيات وطنية مفيدة صالحة تسير البلاد و العباد بسياسة من أجل جلب الاستثمار و المشاريع الكبرى لفائدة تلك الشعوب  مرة أخرى لتضليلها بغية الاستمرار في الهيمنة و جعل هذا اللوبي فعال في ميزان المعادلة فأصبح منهم وزراء و حتى رؤساء تحت  ظل الديمقراطية المسمومة و المنومة في داخلها والعادلة في ظاهرها.

        من ضمن مهام وكلاء الحرب هؤلاء القيام أساسا على عدم الاستقرار الدولة و تمويه الرأي العام بالاستثمار في الملهيات و فتح المجال  في بناء البنية التحتية غير الإستراتجية والتشجيع على النفقات خارج البلاد و تمييع الاتجاهات الإيديولوجية على أساس التفتح و التقدم. فظاهرة خروج القوات العسكرية من الدولة التي كانت تحميها هي في تصوري مرحلة حتمية نظرا لعدم  فعالية خطتها بنقص الطمأنينة في التأمين على ما كان عليه و استبدالها بإقحام ثمرة  الجذور من العملاء الذين تم إعدادهم لهذا الغرض. فهل تعمر هذه الطريقة طويلا طالما الشعوب في طريقها إلى إدراك الخيط الأبيض من الأسود فتزيح من طريقها كل مشبوه بالعمالة. ما نراه الآن،  فهي حرب شرسة في داخل الشعوب و لكنها غير مدركة للعيان إلا لمَنْ له العدسة المكبرة.  أو نستطيع أن نطلق على المرحلة القادمة بالحرب التكنولوجية المخدرة الباردة التي تُمَنِي النفوس و تُخْرِب الرؤوس من الشعوب و المجتمعات و الدول.  فالطرح تغير و هل ندرك مجابهته ؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com