يديعوت: تأخذ منك ولا تعطيك.. كيف استحقت “مدينة الضجيج” أن تصنف “الأغلى في العالم”؟

القدس المحتلة- يديعوت – بقلم: رعنان شكيد.. “مبروك تل أبيب. استثمرتِ، اجتهدتِ، لم تتنازلي، وفي النهاية حصل: المدينة الأغلى في العالم. أترين؟ عندما تريدين –ونحن لا نريد- يمكنكِ ذلك. ماذا نتمنى لك في يوم عيدك؟ دعكِ. ما نتمنى لأنفسنا، نحن الذين نضطر للسكن في المكان الأغلى في العالم؟ الأشخاص الذين لا يحتاجون لبشارة “إيكونوميست” هذه، لأنهم يبشرون به كل يوم، عدة مرات في اليوم: في الميني ماركت، في البار المحلي، في المقهى، والمطعم، ومحل البيتزا، والدخول إلى أي مكان لا يهم أين، وفي الخروج من أي مكان ولا يهم أين، وفي الفواتير، والرسوم، والمواقف، والعلاوات، وبالطبع – في السكن. ومن أجل أن تعيش في المكان الأغلى في العالم وكيف لا، عليك أن ترفق المبلغ الذي يبقي لك ما يقترب من اللاشيء في العالم.

إذن تفضلوا، تل أبيب، هذه السنة هي أنتِ. شرف إسرائيلي مشكوك فيه. في “إيكونوميست”، لا يعرفون حتى نصف خطورة الوضع، الأمور المهمة في تل أبيب لا يمكن لأحد أن يشتريها: وقفة سيارة، ظل، هدوء ما. السفر في داخل المدينة دون أن تحظى بهدوء نفس في حجرة السائق. أما المشهد – فدعكم، ولكن حتى المشهد المديني أيضاً، حسناً؟ يستحق من أجله الخروج من البيت أو أن ترى أحد ويراك. كل هذه الأمور فوق غلاء المعيشة لتل أبيب. لا توجد. ببساطة لا يمكن الحصول عليها. تل أبيب لا تنتج هذا.

ليس السؤال المهم كم هي تل أبيب غالية، بل هل تساوي الثمن؟ كلا، لا تساويه. لم تعد تساويه. المدينة التي ربطت معا من رقع طرق تحفر في آن واحد تبعث على اليأس في شكل قوافل من سيارات الجيب المجنزرة في طريقها من مفترق مزدحم إلى طريق مغلق، وأبراج العشريات العليا والأرصفة الملوثة لكل من بقوا في مستوى الأرض – هذه المدينة بعيدة عن أن تعرض أي مواساة تعرضها كل مدينة كبيرة وأقل غلاء. نيويورك، باريس، زيورخ، هونغ كونغ، كوبنهاغن؛ كلها أرخص من تل أبيب، كلها ستعرض عليكم زوايا هدوء، لحظات من الرأفة وذخائر تحميها بأجسامها في صالح السكان والسياح. أما تل أبيب فلا يهمها. ليس لها أي شيء استثنائي لا تبيعه – للمقاولين على ما يبدو – وهي ببساطة تعطيكم ضجيجاً وتأخذ مقابله ثمناً في السماء. هي، بالطبع، المدينة العلمانية الأهم في إسرائيل، ولا تزال هي المكان الذي لا يعود إليه السياح لسبب واحد: الثمن. بيرة بـ 10 دولار. ليلة في فندق سيئ بـ 500. تل أبيب، نعم، هي على ما يرام، يمكنك أن تأكل فيها طعاماً آسيويا ما كنت لتجربه في مكان آخر في البلاد. ولكن بربك، أعطنا بعض التوازن. هي الأغلى في العالم؟ لماذا، من أنتِ؟ كلها تل أبيب. عندما تكبرين ستكونين أمستردام. وحتى ذلك الحين، لا تنسَي في خطاب الفوز أن تشكري سعر الدولار، وانعدام الخجل والرب، الذي تهرّب إليكِ محاولة الابتعاد عنه لاجئي القدس وسائحيها. وفي نهاية المساء، يا تل أبيب، ستعودين إلى البيت، لن تجدي موقفاً للسيارة. ستضطرين إلى الدخول إلى المواقف. ربع ساعة أولى بالمجان، أما الباقي فإفلاس. مثلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com