الاتحاد العام للكتّاب والأدباء ينعى الروائي الكبير غرب عسقلاني

رام الله- البيادر السياسي:ـ نعى الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين الروائي الكبير غريب عسقلاني ( إبراهيم الزنط) الذي وافته المنية اليوم الأربعاء بعد صراع مرير مع المرض، ومسيرة وسيرة مديدة في حقل الأدب والتعليم.

وجاء في بيان النعي الصادر عن الأمانة العامة للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين:

” يغيب عن المشهد الدنيوي والأدبي اليوم واحدٌ من الكبار الذين مشوا سيرة الألم والوجع الأيوبي الفلسطيني منذ أن تفتحت عنه سحابات الميلاد ليكابد اللجوء من أشهره الأولى، ويحبو لاجئًا في براح الضيق ويتنفس التحدي مع هبهبة أمواج البحر في قطاع غزة، ولم يركن إلى مسلمات الردة وقهر الحال بل أخذ من إرادته صلابة متكررة حتى أنهى دراسته على وعد وموعد بينه وبين نفسه، فحمل الوطن في ترحاله، ورحلاته، وعاش الحنين ليحمله إلى محابر التعبير، بعد أن فاضت الروح بمختزناتها وسؤاله الضخم عنه وعن أهله وشعبه الذين يعيشون خارج الوطن في قلب منفى يكبر.

إبراهيم الزنط الذي غاب اسمًا صريحًا لحماية الرواية، من قمع المحتل، وسطوته، بقي في الظل ليظهر غريب عسقلاني وينتشر كالشمس التي بدت على البيداء سلطانة الوقت كله، فقليلون من يعرفون ” إبراهيم الزنط” وأغلب الذين عاشوا معه يعرفونه “غريب عسقلاني” وما الأول غير الفدائي من أجل أن تمر المزيونة وتنهي نار تنورها للقبائل العائدة إلى المجدل، وما الثاني إلا الفدائي الذي تلثم بإيمانه وحق أجداده ليحفر السيرة في محار الحياة، قبل أن تنشف بحار روحه في الوجود.

إبراهيم الزنط بقدر الكاتب العريق الذي مضى وقضى نحو خلوده اللامرئي، هو عينه المعلم الجسور والمربي للأجيال، والكادح الصادق، صاحب الانتماء، وحامل سلاسل الوعي وناشر سنابلها لكل عقل وصله، وهو النقابي المناضل على مفاتيح تأسيس الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين منذ اللبنة الأولى، إلى أن جاور السبعين من عمره ليأخذ قسط ما قبل المغادرة، لم يكل في يوم ولم يمل في درب، ناضل بكل ما شاءت له القوة أن يناضل، وصدق من حيث كذب المزيفون، وثبت على الخارطة مع الزملاء الكلمة المبدعة لتعبر عن فلسطين الماضي، وتقول عن فلسطين الحاضر، وتصنع الغدوات لقوافل الزاحفين نحو الوطن العائد من غبار العابرين.

رحم الله غريب عسقلاني ( إبراهيم الزنط) الأمين العام المساعد للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين السابق، وإلى روحه متسعات الرحمة، ولمن أحبه عظيم الأجر وخالص التعازي لأهله، والكتّاب والأدباء وسائر معارفه.

 

إنا لله وإنا إليه راجعون

*ولد القاص والروائي إبراهيم عبد الجبار الزنط، والشهير بلقب (غريب عسقلاني)، في الرابع من نيسان/ أبريل 1948م في مدينة المجدل، وكان سادس اخوته العشرة لوالد يعمل تاجراً للحبوب والمواد التموينية، وفي عام نكبة فلسطين (1948) لجأت عائلته إلى مخيم الشاطئ بمدينة غزة، وكان عمره آنذاك أقل من سنة.

نشأ وتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة هاشم بن عبد مناف (الهاشمية)

ودرس الاعدادية في مدرسة غزة الجديدة للاجئين بمخيم الشاطئ

أنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين عام 1965م.

غادر غزة والتحق بكلية الزراعة في جامعة أسيوط، ثم انتقل إلى جامعة الاسكندرية، ونال شهادة البكالوريوس في (الاقتصاد الزراعي) عام 1969م، بتقدير جيد جداً.

رفضت قوات الاحتلال السماح له بالعودة إلى القطاع بعد نكسة حزيران سنة 1967

سافر إلى الأردن وانخرط في حركة فتح عام 1970

سافر بعد أحداث أيلول في الأردن إلى سوريا وعمل في مؤسسة (استثمار حوض الفرات) شمال سوريا.

عاد عسقلاني إلى الوطن بعد اغتراب قسري، بواسطة طلب (جمع شمل العائلات)

بدأ عسقلاني حياته العملية مدرساً في حقل التعليم لطلبة الثانوية العامة، خلال الأعوام (1974-1994م).

حصل على دبلوم الدراسات العليا من معهد البحوث والدراسات الإسلامية بالقاهرة عام 1983م

بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية عمل عسقلاني في وزارة الثقافة الفلسطينية، مديراً للإبداع الأدبي، وناطقاً إعلامياً لمعرض فلسطين الدولي للكتاب، ومديراً لدائرة الإعلام الثقافي، ومشاركاً في الكثير من النشاطات الثقافية في فلسطين وخارجها، ومثَّل فلسطين في موسم ربيع الثقافة الفلسطينية في باريس عام 1997م.

شارك في سلسلة من الأعمال التطوعية منذ عام 1976م، والتي كانت تنظمها جمعية الهلال الأحمر مع العديد من البلديات والجامعات في الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948م، مثل: (جامعة بيرزيت، وبلدية الناصرة).

صدر له: (رواية الطوق) و (زمن الانتباه)، و(نجمة النواتي 1999)، و(جفاف الحلق 1999)، و(زمن دحموس الأغبر )2001، و(ليالي الأشهر القمرية 2001)، و(عودة منصور اللداوي 2002)، و(أزمنة بيضاء 2005)، و(ضفاف البوح 2006)، و(الأميرة البيضاء 2007)، و (أولاد مزيونة 2009)، و(هل رأيت ظل موتي 2011)، و(المنسي 2016).

وفي القصة صدر له: (الخروج عن الصمت 1979)، و(مجموعة حكايات عن براعم الورد 1991)، و (النورس يتجه شمالاً 1996)،  (وغزالة الموج  2003)، و (عزف على وتر قديم 2005، ومذاق النوم 2010). بالإضافة إلى( أول المرايا، ومقامات الوجد، والعزف على الوتر الثامن، وغناء لقمر بعيد، والتي ضمها كتاب أعماله القصصية الكاملة الذي صدر عام 2017).

وقد شارك عسقلاني بقصص قصيرة في أكثر من مجموعة مشتركة باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وكذلك في موسوعة الأدب الفلسطيني الحديث في الولايات المتحدة الأميركية باللغتين العربية والإنجليزية، الصادرة عن مؤسسة (بروتا)، والتي تشرف عليها الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي.

توفي في يوم الأربعاء الموافق 21/6/2022م بعد صراع مرير مع المرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com