#حماس35 تجربة حكم.. ✍️د. محمد إبراهيم المدهون

عاشت غزة سنوات 16 تحت حصار مطبق خانق خلّف معاناة متفاقمة، إضافة إلى العدوان العسكري المتكرر، عقوبة الاختيار الديمقراطي الحر للشعب الفلسطيني لحماس، التي تحملت التكليف منذ فوزها في انتخابات التشريعي 2006م، وكانت سنوات حكمها مخاضاً لرواية جديدة لحركة تحرر وطني تتناقض مركزياً مع الاحتلال تعيش تجربة حكم تحت حراب الاحتلال.

ومن هنا كانت تجربة حماس في الحكم استثنائية، وتحتاج إلى دراسة عميقة في كافة تفاصيلها ومآلاتها، ليس على أساس تقييم أو محاكمة، وإنما ضمن محاولة تأصيلية لطبيعة ومنهجية إدارة الحكم السياسية في ظل المعوقات سواء الذاتية أم الموضوعية.

حكم حماس السياسي يمكن النظر إليه من أبعاد ثلاثة: الأول: الشعب الفلسطيني وإرادته وطموحه والتي مثلت حاضنة شعبية مهمة لهذه التجربة في تحولاتها الصعبة، الثاني: أهداف حركة حماس من الحكم والمشاركة السياسية. والثالث: الوظيفة المطلوب من حماس تحقيقها من المشاركة السياسية كنظام حكم وليس كحركة.

بالتأكيد مرت تجربة حكم حماس بمجموعة من المراحل المفصلية والمتداخلة مع ذاتها وواقعها، وكانت المحطات السياسية التي عايشها خلال حكمها بيّنة وفارقة، سواءً مرحلة تشكيل كتلة التغيير والاصلاح وبرنامجها الانتخابي، ثم مرحلة الحكومة العاشرة وتشكيلها بشكل منفرد، ومروراً بمرحلة ما بعد الحكومة العاشرة وصولاً إلى اتفاق مكة، والتي كانت أخطر المراحل التي واجهت فيها التجربة السياسية لحماس مرحلة الاشغال الأمني الداخلي تقوده القوى الأمنية الوظيفية، مما تسبب بصورة متراكمة ومتدرجة لتدحرج كرة النار إلى مرحلة الحسم الميداني والسيطرة المنفردة على القطاع، ومن ثم مواجهة الحصار والدفاع عن غزة في 5 جولات عدوانية غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

الخبراء والنقاد لا يسمونه “حكم حماس”، على اعتبار أن حماس لم تُمنح الفرصة للحكم، بل فترة إدارة الأزمات والكوارث والصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحربية، وهي كوارث لو واجهتها دول بكامل قدراتها وقوتها لاستنزفها أشد الاستنزاف في زمن قياسي يتسبب في اسقاطها.

حقاً إن تجربة حماس السياسية جديرة وخليقة أن تدرس بعمق للخروج بنظريات واستراتيجيات ابداعية للخروج من الأزمات أو على الاقل تقليل آثارها.

إن تفحص معالم أداء حماس في الحكم تمنح المراقب والمحلل إشارات واضحة على أن حكم حماس استطاع أن يتجنب إشكالات رئيسة، واستطاع أن يثبت أنه ليس شرطاً أن تترافق المقاومة مع الفلتان الأمني، ويمكن نسبياً الجمع بين المقاومة والحكم.

كما أنه من الملاحظ أن هناك ومنذ سيطرت حماس على القطاع تسييساً عالياً لقضية المقاومة، وتوزيعاً للأدوار على الرغم من اختلاف القوى والجهات الممارسة للمقاومة.

الابتعاد عن الرأي الشخصي مهم، والخلوص بالتحليل الموضوعي والعلمي للأحداث، وعلى الرغم من تشابك المعطيات وتداخل المراحل، لذا طرح بعض جزئيات المواضيع في قالب استفساري قد يفيد وصولاً إلى تقييم محكم للتجربة، أو قد يكون بداية لبحث علمي قادم يخدم تقييم هذه المرحلة الحرجة والحساسة والفاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية.

رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com