نبض الحياة.. العقوبات الجماعية ضد القانون.. عمر حلمي الغول

لا اعتقد اني اضيف للذاكرة الوطنية الجمعية الفلسطينية او العربية جديدا حين اسلط الضوء على العقوبات الجماعية الصهيونية، لانها جزء من فلسفة ومنهجية دولة المشروع الصهيوني الاجلائي الاحلالي. مع ذلك لا يعني وضعها تحت المجهر مجددا ترفا، او إجترارا لا فائدة منه، العكس صحيح. لان هناك حاجة دائمة لابرازها، والكشف عن مخاطرها على الشعب العربي الفلسطيني خصوصا والعرب عموما، ولفضح وتعرية حكوماتها المتعاقبة وخاصة حكومة نتنياهو السادسة الفاشية، لانها تستقي جرائم حربها من ذات المستنقع الفاشي، وأيضا وضعها على طاولة اركان الأقطاب الدولية وفي المقدمة منها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لتدرك حجم بشاعة وهمجية الاستعمار الإسرائيلي، لعلها تعيد النظر في سياساتها المتعامية عن الدولة التي اسسوها على حساب نكبة الشعب الفلسطيني الأعزل، وكذا لادراجها امام هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة وخاصة مجلس الامن والجمعية العامة ومجلس حقوق الانسان، وحث العالم اجمع ليستيقظ للحظة على خطرها على السلم والامن القومي والإقليمي والدولي، وليس على الشعب الفلسطيني فقط، ودفعها للعمل بجدية ومسؤولية لتنفيذ قرار اممي واحد من القرارات الأممية التي زادت عن الالف قرار، وخاصة القرار 2334.
إذا إعادة اثارة موضوع العقوبات الجماعية أكثر من ضروري، لانه يتناقض جملة وتفصيلا مع القوانين والشرائع والمعاهدات الأممية جميعها دون استثناء، وكونه تهديد دائم لخيار السلام، الذي تدعمه كل الدول، على الأقل شكليا من خلال تبنيها الكم الهائل من القرارات التي تصوت عليها تلك الدول، ولكشف زيف ادعاءات دول الغرب الرأسمالي وربيبتهم إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، بأنها “الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، والديمقراطية براء منها، ومن وجودها كدولة طارئة ولقيطة، وترفض القانون الدولي، وتمتهنه وتستبيحه.
كما ان الواجب والضرورة الوطنية والقومية تحتم إزالة اية أوراق تغطي عوراتها مع صعود الفاشية المتجددة، ولادراك العالم والدول العربية المتورطة بالاستسلام، والموقعة على اتفاقيات تتناقض مع مبادرة السلام العربية ومحدداتها الأربعة، وفي ذات الوقت، لفهم الأسباب الموجبة لكفاح الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن ابسط حقوقه السياسية والقانونية. رغم انه مد يده للسلام الممكن والمقبول طيلة العقود الماضية من تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، وتحديدا في العقود الثلاثة الأخيرة بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993.
ومنذ ان تولت حكومة نتنياهو الفاشية مهامها قبل شهر من الان قامت أجهزة الامن الإسرائيلية المختلفة وعلى رأسها جيش العصابات الصهيونية بقتل خمسة وثلاثين مواطنا فلسطينيا اعزلا، بما في ذلك شهداء مجزرة مخيم الفداء والبطولة، مخيم جنين يوم الخميس الماضي، ولم تتوقف عند ذلك، بل انها في اعقاب العملية الفدائية للشهيد البطل خيري علقم يوم الجمعة، اعلن الكابينت المصغر والحكومة عموما عن إجراءات إجرامية جديدة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، منها ما تم الإعلان عنه في اليومين الماضيين، أولا تعزيز الاستيطان الاستعماري في الضفة الفلسطينية عموما والقدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، وهو ما يعني دفن عملية السلام كليا؛ ثانيا اصدار أوامر عسكرية بمنع دخول عائلات يتهم ابناؤها بعمليات دفاعية عن النفس ضد إسرائيل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران 1967، والمصنفة بالمنطقة C، وفرض إقامة إجبارية تشمل عددا كبيرا من أبناء الشعب، ومطالبة الإدارة المدنية الاستعمارية بتحديد المساحة التي يمنع دخولها؛ ثالثا شن حملات عسكرية واسعة بذريعة جمع الأسلحة بهدف التنكيل والبطش بابناء الشعب، وخاصة في العاصمة القدس ومحيطها، وفرض منع التجول على الاحياء والمخيمات الفلسطينية ، ومنها مخيم شعفاط؛ رابعا تسريع الإجراءات لمنح المستعمرين الصهاينة ترخيص الأسلحة لاستخدامها ضد الفلسطينيين العزل، واطلاق الرصاص عليهم دون مبرر، مع ان هناك حسب الإحصاءات الإسرائيلية اكثر من 150 الف ترخيص للسلاح لاولئك المستعمرين، والحقيقة ان المجتمع الصهيوني بمختلف تلاوينه يحمل السلاح. وهذا ما اعلنه وزير الحرب، يؤاف غالانت مساء يوم الاحد الماضي في رسالة موجهة للمستعمرين وجنود وضباط الجيش الاجرامي، ووفق قناة “كان” الإسرائيلية، قال خلال زيارته لفرقة الضفة الفلسطينية مخاطبا قادتها وجنودها إن “كل “مخرب” يلحق الأذى بالمدنيين او الجنود، سيقدم للمحاكمة أو الى المقبرة.” وهو ما يعني اطلاق يد الصهاينة من مختلف المسميات لاطلاق الرصاص الحي بذرائع شتى، وحسب مزاجهم الشخصي على الفلسطينيين دون اية أسباب، ولمجرد القتل والاعدام للابرياء العزل، وأضاف ” وإذا لزم الامر سنرحل الناس ونهدم منازلهم.”، وسحب الهويات الزرقاء من المقدسيين؛ خامسا تسريع فرض قانون الإعدام والسماح باتخاذ القرار بأغلبية القضاة وليس بالاجماع؛ سادسا تكثيف تواجد الجيش والشرطة في القدس العاصمة الفلسطينية والضفة عموما؛ سابعا اغلاق سريع لمنازل العائلات التي يتفذ أبناؤها عمليات فدائية دفاعا عن الذات والشعب، تمهيدا لهدمها؛ ثامنا سحب الحقوق والمخصصات الاجتماعية المقدمة للفلسطينيين في مدينة القدس وبقية مدن ومحافظات الضفة، وأيضا يندرج تحت هذا البند أبناء الشعب في مناطق ال48؛ تاسعا سن قانون لطرد عائلات من ينفذ عمليات ضد إسرائيل؛ عاشرا اعتقالات واسعة وفرض عقوبات جماعية ضد العائلات الفلسطينية التي دافع أبناؤها عن حقوقهم السياسية والقانونية والاجتماعية؛ حادي عشر عدم صرف مخصصات شيخوخة لمن يعتقل على خلفية وطنية، وإلغاء مخصصات التأمين لمن يتم الافراج عنهم في تبادل الاسرى او من خلال مفاوضات سياسية، وغيرها من الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية.
هذه هي الحكومة الإسرائيلية الفاشية التي تدافع عنها وتساندها الإدارة الأميركية، وتغطي جرائمها بغربال ممزق، وتتواطأ معها، وتتبنى خياراتها المعادية للسلام، وفي ذات الوقت تردد مواقف لا تعنيها عن حرصها على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ومع ذلك، فإن كل تلك الإجراءات لن تفت في عضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ولن تثنيهم عن حق الدفاع عن الذات والوطن والمشروع والاهداف الوطنية كاملة غير منقوصة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com