قانون القوميّة … كلّه شرٌّ!!! أمين  خير الدين

     قانون القومية شرٌّ مُسْتَعْجَل ومُسْتَعْجِل…لا يتمهل، كما لم يتمهل مشرِّعوه. جاء على عجلة مع أنه رافقنا، مُكْرَهين، منذ أكثر من نصف قرن، اليمين العنصري المتطرّف لا يضيّع الفُرص، كان هذا اليمين يتربّص كالذئاب الشرِهَة المُفْترسة المحبوسة في أقفاص وانفلَتَتْ أرْسانُها، كالأفاعي المسجونة ، التى خرجت من أوكارها وانفلَتَت أرْسُنُها، وانسابت في كل الاتجاهات. ودخلت المصانع والمطارات وانطلقت بسمومها على شواطئ البحار، وقد نجدها في المستقبل، ما دمنا نعيش في نظام عنصري مدعوم بقانون، ومدجج بترسانة خطيرة من السلاح، سنجده في العيادات والمستشفيات وعلى الملاعب وفي محطات القطارات، وفي سيارات الأجرة وفي كلّ مرافق الدولة اليهوديّة.

   في أحد المصانع في الشمال (الإسم  معروف) ثلاث فتيات درزيات يعملن في مطبخ المصنع،  تلقَيْن قبل عيد الأضحى أمرا خطّيا بعدم التغيّب عن العمل يوم عيد الأضحى، وهُدِّدْن بالفصل إن هُنّ تغَيَبْن عن العمل، وعندما قام أحد العمال من غير العمال اليهود بالتوجه إلى مسؤول أعلى من مدير المطبخ موضحا أن هذا يتنافى مع القانون ومع حقّ العامل، أجيب هذا العامل أنه يحق للمسؤول بموجب قانون القوميّة أن يطلب من أي عامل ألّا يتغيب عن العمل إلا بمناسبة الأعياد اليهوديّة.

     وعلى شاطئ البحر، كان شباب عرب من شفاعمرو، يستجمون كباقي الموجودين هناك، تعرّضوا لاعتداءات عنصريّة خطيرة من زعْران على خلفيّة قانون القومية، لا لسبب إلاّ لكونهم عربا، ولا زالت الشرطة تسعى لفكّ طلاسم اللغز المحلول بديهيّا، بدون عَجَلة نعهدها حين يكون المتهم عربيا.

     وفي 13 يوليو/تموز 2018 وقانون القومية – الحاضر الغائب –  في أقمِطَته، عقد مؤتمر لمئات المعلمين في القدس، بحضور وزير المعارف بينيت، وفي هذا المؤتمر، وقف على المنصة تاجر الأراضي ، موشيه زار، وقال بصوت عالٍ: “بناء بيت – كأنك قتلت مائة عربي. وبناء مستوطنة – كأنك قتلت عشرة آلاف من الأغيار (المقصود عرب – امين)” ، وقد قوبل زار هذا بالتصفيق والهُتاف، لا حاجة لذكر تاريخ هذا الموشيه، يكفي أن نذكر أنه كان عضوا بمنظمة إرهابية يهوديّة سريّة، وشارك في وضع المتفجرات لثلاثة رؤساء بلديات عربيّة منهم رئيس بلدية نابلس، بسام الشكعة، والذي بُتِرَت قدماه نتيجة هذا العمل الإرهابي.

السؤال ما هي الإجراءات القانونية التي اتُّخذت  ضدّ هذا العنصري؟ لو كان عربيا لاتُّهِم بالتحريض والإرهاب، واعتقل لمدة لا يعرف مداها إلا عنصريٌّ في ثياب أو منصب رسميّ. والسؤال الثاني  كيف لمثل الإرهابي أن يكون طليقا  ويدير مصلحة للتجارة بالأراضي العربيّة؟ ومرّة أُخرى لو كان عربيا لكان محكوما عليه بكمٍّ كبير من المؤبدات.

     “بمناسبة عيد الأضحى خططت عائلة من دالية الكرمل، برفقة عائلات أخرى السفر إلى بلغاريا، وحين وصل أفراد هذه المجموعة وعددهم ستة عشرة شخصا، بينهم أطفال، إلى مطار بن غوريون طلبت  منهم فتاة تعمل في أمن الدولة أن تتوقف الحافلة على جانب الشارع، وسألتهم من أين أنتم ، فأجابوا إنهم من دالية الكرمل.

قام أحد ركاب الحافلة، وهو جندي، بجمع جوازات السفر وعددها ستة عشر جواز سفر، بقصد تسهيل العمل على الموظف، في هذه الأثناء استدعت موظفة الأمن موظف أمن آخر، وحين وصل قال، دون أن يعدّ الجوازات، إن جوازات السفر أقلّ من عدد المسافرين بجواز سفر واحد،  فأجابه روني عبود وهو أحد المسافرين، كيف تقول أن الجوازات  أقلّ وأنت لم تعدّها، وخلال ذلك وصل موظفا أمن آخران، وبعد جدال مع روني ،أفرغ موظف الأمن وعاء مملوءا بالفلفل والغاز المسيّل للدموع على وجه روني عبود الذي كان يقف في باب الحافلة، مما جعل الغاز المرشوش بالوصول إلى مَن في داخل الحافلة.

هذه هي إفرازات قانون القومية الشرير، المُسْتَفز، المُسْتَعدي.

هل فكّر المشرعون الذين نفثوه كما تنفث الأفاعي السموم، بتصرّفات المُنفلتين، دون ضوابط في الشارع الملوّث بالعنصرية والتعصّب الديني الأعمى، والمدعوم بسلطة قائمة على العنف المُنظّم، والقائم على الخرافات والأساطير، هذا القانون شرّ، شرّ بفعل عنصريين، سيرافقنا وسيرافق أبناءنا، مادام للظلم أرجُل ورجال، وسلاح يخنق الحق التاريخي والجغرافي والإنساني والمنطقي. أمّا الذين يتستّرون بقبعة دينيّة (כיפה) ويفكّرون كالنعامة، ويُدافعون عن قانون القومية، سيظلّون يمنّون أنفسهم بخدمتهم العسكرية، وبتضحياتهم، وبتاريخهم، ويظنون أن نتنياهو ومَن سيجيء بعده سيتُخْرِجهم خارج القانون كما تُخْرَج الشعرة من العجين، هؤلاء سيعيشون على أوهامهم لأن مَن تلوثت يداه بدم الأبرياء، ومّن يسعى للحروب،ولا يحترم القوانين الدوليّة وحقوق الشعوب، ويسد كل الطرق المؤدِّيَة للسلام، ويعيش في جوٍّ ديني أعمى، لن يصير مسيحا أبدا.

إن نتنياهو وحكومته مسؤولون عمّا يحدث من تعديات على العرب، وعلى الناشطين الأجانب الذين ينادون بالحق والمساواة، ويناضلون ضدّ هذا القانون وأمثاله من القوانين العنصرية، أينما كانت، لأن جرائم التعدي تتمّ وفقا لروح قانون القوميّة هذا،

  سيرافقنا- للألسف – قانون الشر هذا، ما دامت العنصريّة مبدأ، والأبرتهايد إنجازا، وما دام قتلة الجرحى أبطالا، وقتلة الأطفال أبطالا، وما دامت التعديات على العرب تنتهي بترقية، وعلى الأجانب تمر بدون عقاب، وما دام القادة سياسيون أومدنيّون مرشحين للقب “مجرم حرب”

أو  

إلى أن يقضي الله أمرا كان محتوما…!!!

27.8.2018

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com