الشاعر والزجال الشعبي محمد زعبي نبع من العطاء

بقلم: شاكر فريد حسن

محمد زعبي ( أبو شادي ) شاعر وزجال شعبي عرفناه بقصائده وأزجاله وأهازيجه الشعبية وأغانيه التراثية وموشحاته الجميلة ، التي تنوعت بين الإنسانية والاجتماعية والوجدانية والغنائية .

محمد زعبي من قرية سولم ، شغف بالغناء الشعبي منذ الصغر، وذاع صيته من خلال حفلات الأعراس ومشاركاته في الأمسيات الزجلية والغنائية الفنية، ووصل بعاميته وجزالة كلماته وشفافيته إلى مختلف شرائح المجتمع، معبرُا عنها وعن همومها وأفكارها .

محمد زعبي يكتب ويقول الزجل والشعر بأشكاله المختلفة ، وبأغراضه وتلويناته المتنوعة ، وله بصمة في تسجيل وتوثيق الشعر الشعبي والقصيدة التراثية .

وهو يثير الإعجاب في أقواله ، فحين يتغزل يحرك العواطف ويلهب الشجون، وحين ينتقد الأوضاع الاجتماعية والسياسية يجيد التعبير ، وعندما رثى زوجته أم شادي، التي توفيت في حادث طرق أليم ، أثار مكامن الحزن والأسى في القلوب والعيون، والشجن في النفوس .

وفي أشعاره وأزجاله وقصائده المحكية يصور تفاصيل الحياة الإنسانية، في فرحها ومعاناتها ، ويعبّر عما يجول في خاطره، والإفصاح عن مشاعره ومواقفه ، ويعتبر الوطن أغلى ما يملكه الإنسان، والعلاقة بينهما هي علاقة تلازم عضوية متلاحمة متينة لا تنفصم . وما يسم أشعاره النزعة الإنسانية الروحية الوجدانية .

كلمات محمد زعبي موجعة، وأخرى رقيقة ناعمة تنبع من تلقائيته وعفويته ونبضه وارتباطه بالهم الإنساني، بالأرض والمكان . والشعر الشعبي أساسًا يولد من فطرة القوال، فهو تعبيرة تلقائية وصادقة عن خلجات النفس والروح ، ويعرف الشعر الشعبي أنه الذي لهجته العامية ، وموضوعاته شواغل الناس مع ارتباطه بالغناء، وهو ثمرة الارتجال .

محمد زعبي غني للحب ، وتغزل بعيون المرأة وروحها ، وأنشد للإنسان، والعامل، والفلاح ، والمعلم صانع الأجيال ، وللمرأة في عيدها، وللأم الفاضلة ، وتباهى بالقيم العربية الأصيلة ، وانتقد العنف والظواهر السلبية في المجتمع، وقال شعرًا عن السيف والعلم والجمال والوطن والأصالة العربية والقيم والفضيلة والأخلاق والكرم والجود وموت الضمير والعقل والدين وغير ذلك من الموضوعات ، وأثبت أنه سيد القول والكلمة الصادقة المرهفة .

من روائعه ما قاله في عيد الأم :

عيدك يا أمي بآذار

بموسم تفتيح الأزهار

يا أوسع قلب بهالكون

ويا شمعة بتضوي الدار

وكقوله :

ع قلبي شروط عينيكي بِتملي

وفَراغ الكون نظراتك بِتملي

وإذا الملقى على الموعد بِتم لي

بيكون السعد ع جبيني انكتب

ومن شروقياته ، اخترت هذا النموذج :

كُنت بْزماني ال مضى طير وْإلي جِنحان

حَلّق بجوّ الهنا وِتْرِفّ جِنْحاني

وْكان لي بْمُروج الهوى وِالعاطْفِه بُستان

وْتيجي طيور الغِوى تْغرّد بِبُستاني

وْكـان الرّبيع ان نَقَص بِـجْنينتو ألوان

يخطف لزهرو حلا من زَهِر ألواني

وْيسرق عبير وْشذا من روضنـا الفتّان

تَ يْصير عِندو عَبَق وِمْروج فتّانِي

وْنَحْلات عِندي تِجي وِتْحوم عالأغصان

تِجْني رحيق العَسَل مِن زَهِر أغصاني

وِتْهِبْ نسمِـه رقـيقـة تْداعِب الـرّيـحـان

وْمع كُـل نسمِـة هَـوا بِتْمـيل ريحانِي

وْكُنْت بْساعات الصّفا رندِح غِنا وْألحان

وْرقّص بنات الشّعِر عَ نْغـام ألحاني

وِاليوم صفّى فُؤادي مْنشّف الشريان

يا مين دمّ الصِّبا يْردّو لَشِرياني

محمد زعبي شاعر وزجال شعبي رائد ، وينبوع من العطاء ، يتميز بالكلمة العذبة الطلية ، والقول البديع ، أثبت حضوره وجدارته في الغناء والزجل ، في الموشح والمعنى والشروقي والقرادي والمحاورة وغير ذلك من الألوان الزجلية ، وقدم لمسات غنائية في غاية الروعة والأناقة، فله خالص التحيات والأمنيات بالعمر المديد والحياة العريضة وغزارة الإبداع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com