نبض_الحياة .. التحفظ غير المبرر.. عمر حلمي الغول

يسود بعض أوساط الشارع الفلسطيني عدم اليقين، والخشية من تداعيات صفقة القرن على القضية والشعب والأهداف الوطنية. ويرى هذا البعض أن الموقف السياسي للقيادة يفترض أن يكون أكثر قوة وحزما للرد على الرئيس دونالد ترامب، وشريكه الفاسد نتنياهو. وبعض آخر يذهب ابعد من ذلك، حيث ينحو باتجاه التشكيك في تنفيذ ما اتخذته القيادة من قرارات. ويعتقد أنصار هذا الاتجاه، أن النمط السلوكي والمعيشي للنخب السياسية والأمنية خلال ال26 عاما الماضية ستحد من قدرتها على الإقدام نحو خيار كسر العظم مع القيادتين الأميركية والإسرائيلية. لأن الكوابح القائمة، والمكبلة لتلك النخب تلقي بظلال كثيفة على جديتها في تنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات. وأنا هنا لا أتحدث عن قادة وأنصار حركة حماس وجماعات الإسلام السياسي، إنما أشير إلى قطاع من الشارع الوطني.

وبرأي الشخصي، أن هذا الإحباط والقنوط، أو الاستياء يمكن تفهمه كردة فعل آنية، يعود السبب الأساس فيها لفشل مسيرة التسوية السياسية، وإغلاق إدارة ترامب وائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف أفق السلام، وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 كليا، وتراجع وانكفاء الموقف العربي الرسمي، رغم صدور البيان الأخير لوزراء الخارجية العرب يوم السبت الماضي (1/2/2020)، الذي أكد على تبنيه الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية.

لكن التفهم شيء، وتبني الموقف شيء آخر، لاعتقادي أن لدى التيارين آن في الذكر خلل عضوي في الإمساك بالحلقة المركزية في مواجهة التحديات، كما أن أنصارهما تجاهلا القراءة العميقة للواقع وتشابكاته وتعقيداته، أضف إلى أنهم لم يمعنوا النظر في القرارات جيدا، لماذا؟ أولا لم تتراجع القيادة عن القرارات، التي اتخذتها، لا بل عمقتها من خلال المباشرة بوقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية بما في ذلك التنسيق الأمني؛ ثانيا رفض التعامل مع إدارة ترامب، ليس هذا فحسب، إنما تحديها، ورفض إملاءاتها؛ ثالثا رغم المواقف العربية الضبابية والسلبية، التي رافقت الإعلان عن صفقة القرن، غير أن القيادة أصرت على عدم إدارة الظهر للأشقاء العرب، ودعتهم لاجتماع طارىء في الجامعة العربية، وانتزعت رسميا الموقف السياسي، الذي يستجيب لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وفرضت أجندتها الوطنية والقومية على ممثلي الدول المترددة، والمتعلمة؛ رابعا توجهت لمنظمة التعاون الإسلامي، وحصلت على قرار جديد داعم للحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية؛ خامسا كثفت اتصالاتها مع الأقطاب الدولية المختلفة: الإتحاد الأوروبي، الإتحاد الروسي، الصين، اليابان، الهند، الأرجنتين وغيرها من الدول في القارات الثلاث، وعززت رفض صفقة القرن؛ سادسا الذهاب لمجلس الأمن، حيث سيلقي الرئيس محمود عباس كلمة فيه، وسيتم العمل لإصدار قرار ضد صفعة العصر وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني؛

بالتلازم مع ما تقدم، يجري العمل بخطى حثيثة لترتيب البيت الفلسطيني، وترميم الجسور بين جناحي الوطن، وستشهد الساحة الفلسطينية حراكا جديا على هذا الصعيد، رغم كل المحاذير من الخيبات قادم الأيام. كما ان الحكومة الفلسطينية ستنطلق لوضع مداميك مشاريع في المنطقة  C وB ، وتصعيد المواجهة الشعبية في كافة المدن والقرى مع جيش الموت الإسرائيلي، وتعزيز الحضور الفلسطيني في القدس العاصمة، وتطوير عملية الدفاع عن القرى والمدن والمخيمات، والحؤول دون وصول قطعان المستعمرين لأراضي وممتلكات المواطنين مضاعفة الأنشطة والفعاليات في الأغوار والمناطق المهددة بالمصادرة، أو التهويد والأسرلة.

باختصار شديد ودون إطالة، التحولات الكيفية لا تأتي مرة واحدة، إنما تحتاج إلى مراكمة كمية لبلوغ اللحظة المناسبة، وخلق الشروط الملائمة للانتقال للمحطات الكفاحية اللاحقة. ولم تستثني القيادة أي خيار، أو سيناريو في الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com