التنسيق الأمني والحاجة لإنهاء دور السلطة.. المحامي/ سمير دويكات

لا شك أن معادلة إنشاء السلطة كانت وقت أن تم التوقيع عليها هي لجلب المقاتلين إلى الأرض الفلسطينية والبدء بتحرير فلسطين كاملة، هذا ما وصل إلينا سنة الثلاث وتسعون من القرن الماضي، ولم تكن السلطة مشروع آخر، بل كانت لتقريب المقاتلون إلى ارض فلسطين والعمل على التحرير، لكن تجربة الانتفاضة الثانية والتي كانت بلا تخطيط وكان بتنسيق امني مختلف أجهزت على الكثير من الكوادر التنظيمية البشرية والمادية، وأضاعت الكثير حتى روج لها البعض أنها كانت كارثة على فلسطين، لكن وبقراءة اصح وكون أننا كنا نعيشها بكل لحظاتها، أظهرت صمود كبير لم يسبق له مثيل لدى الشعب الفلسطيني وأبدى المقاتلون في الأجهزة الأمنية مواقف كبيرة في التصدي إلى قوات الاحتلال، لكن ما تبع سنة ألفان وخمسة من أمور أدت إلى تعزيز التنسيق الأمني ومنعت خلاله أية أعمال فدائية ضد الاحتلال، فبان التنسيق الأمني على صورته الشريرة بالنسبة للفلسطينيين، وبدا الأمر وكأنه عملية تنسيق للحفاظ على ما هو موجود، دون العمل في نفس الوقت على تعزيز الدولة الفلسطينية من خلال سن القوانين وإقامة المشاريع التي تزيد من الدخل الوطني وغيره، بل أدى منذ تلك السنوات وفي أعقاب الانقلاب في غزة إلى تراجع كل أسباب النجاح والصمود، حتى أن أدوات الصمود لم ترعاها مؤسسات الدولة وبقيت فقط لاجتهادات الأفراد والذي اضعف من خلاله ثقة الناس وجعلها تتصرف لوحدها.

الآن، ومنذ زمن بعيد يعود لسنوات وخاصة بعد ضم أمريكا القدس “لإسرائيل”، تم اتخاذ قرارات لوقف التنسيق الأمني مع “إسرائيل” وأمريكا، لكنها بقيت حبرا على ورق، وهي مسألة ليست دقيقة من حيث سرعة التنفيذ أو مجالاته بل الأمر كان وتعدى مسالة الوجودية للسلطة، وهي أمور يجب تبنيها من خلال رؤية وطنية وخطة عمل تبحث فيها كل المجالات وتكون مرجعية من اول نأات السلطة ولكنها غير موجودة حتى المفاوضات لم يكن لها ارشيفها الوطني وانما هي مجرد افكار ومواقف مبعثرة أو منها ما هو موجود في رأس المفاوض على عكس كيان الاحتلال الذي وفر أرشيفه الوطني وبنى خططه في كل مرحلة.

إن وقف التنسيق الأمني، يجب فيه أن يبحث شعبيا ووطنا في اليوم التالي لوقفه، لأنه سيتم خلاله ومباشرة إلغاء وجود السلطة، وسيعود الفلسطينيون إلى مربعه الأول في شهر اب سنة ثلاثة وتسعون من القرن الماضي، إلا إذا تم ترتيب أمرهم في أمور كثيرة ومنها، إعلان دولة فلسطين على كامل التراب الفلسطيني، واعتبار إسرائيل كيان مغتصب لا شرعية لها، واستنهاض قوى العالم الحر والشريف لمساعدة الفلسطينيين في طرد اليهود من هنا، وبالتالي التكيف مع مرحلة صدام جديدة لم تكن يوما بهذه القوة والحجم.

وان الوضع اللوجستي والجغرافي والسياسي في ظل وجود السلطة واعتداءاتها أصلا ضعيف جدا، وفي ظل غياي السلطة سيكون صعب جدا، وانه سيكون ما بعد إلغاء وجودها بفعل وقف التنسيق الأمني في غاية التعقيد دون خطة وخاصة أن الأعمال الفدائية بكافة أشكالها لن تتوقف، وبالتالي يلزم على الفلسطينيين أن يقدموا خطة عمل لليوم التالي لإنهاء التنسيق الأمني ودور السلطة الوظيفي.

إنني شخصيا لا اقبل باستمرار التنسيق وإنني اعتبر أن أوسلو اكبر عملية تضرر منها الفلسطينيون وإنها شكلت تهديد لحياة الفلسطينيون ولم يستفيدوا منها سوى بعض الأفراد في مناصب متقدمة وعلى صعيد شخصي، أما فلسطين لم تستفد منها لان الأمور فيها لم تصل نواة دولة، فالبنية التحتية بان أمرها أنها تعاني الكثير وخاصة في فصل الشتاء وعلى مستوى الحريات وسن القوانين ومسالة سيادة القانون هناك نزول تدريجي وهو ما حصل في جهاز القضاء الذي ما يزال يعاني الكثير وبالتالي فإن الأمور تحتاج ومنذ زمن إلى عملية تحرير من بعض الأفكار الخبيثة وان يتم إظهار الكفاءات لإيجاد الحلول القادرة على تعزيز صمود الناس.

ليس لدي حلول جذرية هنا، ولكن أرى أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي وان الأمر يحتاج إلى دراسات عميقة وسريعة لأن المواطن لن يتحمل أكثر من ذلك وخاصة أن الهجمة الصهيونية كبيرة وعميقة في الأشهر القادمة، ولن يوقفها سوى أفكار جيدة، وجديدة.

فالتنسيق الأمني معيب، لكن هو أيضا خطأ يجب أن يكون هناك إستراتيجية وطنية للخلاص منه في إطار الحقوق الفلسطينية ومقاومة الامبريالية الأمريكية والاحتلال الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com