“مؤامرة القرن”… هذا ما أوصلنا إليه أوسلو والانقسام.. د. كاظم ناصر

كانت ” صفقة القرن ” آخر المهازل ومحاولات استغلالنا وتضليلنا للنيل منا ومن أقطارنا العربية وشطب فلسطين من خارطة العالم، لكنها لن تكون الأخيرة ما دامت السلطة الوطنية الفلسطينية متمسكة باتفاقية أوسلو، وما دام الانقسام مستمرا، والأنظمة العربية تزداد ضعفا وشرذمة وهرولة إلى تل أبيب، والدولة الصهيونية تزداد قوة وعدوانية وعنجهية، وتغير الحقائق على الأرض الفلسطينية وفقا لخططها التوسعية.

فعلى الصعيد العربي والإسلامي رفض الفلسطينيون الصفقة، وصدرت بيانات عربية وإسلامية متضاربة تتراوح بين الاستنكار الرسمي العلني والترحيب المبطن والمخفي، وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا في القاهرة انهوه ببيان أعلنوا فيه رفض دولهم للصفقة، وعقدت منظمة العالم الإسلامي مؤتمرا وزاريا للدول الإسلامية في جدة وأصدرت بيانا خجولا قالت فيه” ندعو كافة الدول الأعضاء الى عدم التعاطي مع الخطة الأمريكية أو التعاون مع الإدارة الأمريكية في تنفيذها بأي شكل من الأشكال.”

المسرحية ليست جديدة فقد عقدت الدول العربية والإسلامية آلاف المؤتمرات والاجتماعات الوزارية وغيرها من اللقاءات خلال السبعين عاما الماضية، وأصدرت بيانات ختامية طنانة رنانة لم ينفذ منها شيئا حتى يومنا هذا، ولهذا فإن المؤتمرات التي عقدت، والبيانات التي صدرت، والتصريحات الاستنكارية التي أطلقت ضد الصفقة لا تستحق الحبر الذي كتبت فيه.

لكن التطور الأخطر هو أن بعض الدول العربية التي حضرت هذه الاجتماعات وأعلنت رفضها ل” صفقة الفرن “، ناقضت نفسها بإعلان مسؤوليها إنها تقدر وتؤيد الدور الأمريكي المتحيز لإسرائيل في البحث عن السلام، وطالبت الفلسطينيين بدراستها، مما يعني ان هذه الدول وافقت مبدئيا على كل محتوياتها كما ذكر الرئيس الأمريكي، وإنها ستزداد استسلاما للمخططات الصهيونية الأمريكية لتصفية القضية وإعادة ترتيب المنطقة سياسيا؛ والدليل على ذلك هو الاجتماع الأخير بين بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، والأنباء التي ذكرت ان المغرب يفكر بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء الغربية. أي ان الملاحظ ان المعادلة الآن هي … من يمر من تل أبيب، ويطبع معها من العرب والمسلمين … يستطيع الوصول إلى واشنطن، وكسب رضاها والحصول على مساعدات مالية!

للأسف الشديد لا بد من الاعتراف أن القيادات الفلسطينية بتوقيعها اتفاقات أوسلو، وفشلها في إنهاء الانقسام، وانشغال السلطة وفتح وحماس والفصائل الأخرى برذائل الانقسام والمحاصصة والفساد، فتح المجال للإسرائيليين للانشغال بتجذير الاحتلال وسرقت أراضينا والتغول في بناء المستوطنات، وشجع معظم الأنظمة العربية على إدارة ظهورها لنا والهروب من مسؤولياتها تجاه قضيتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com