المرشح الرئاسي الأمريكي السناتور بيرني ساندرز واللوبي الصهيوني ” أيباك”.. د. كاظم ناصر

ولد وترعرع المرشح الرئاسي الديموقراطي السناتور بيرني ساندرز في حي بروكلين في نيويورك لأبوين يهوديين، واشتهر كقائد يطالب بإصلاحات في قضايا مجتمعية أمريكية هامة تتعلق بالمساواة في الدخل، والرعاية الصحية العامة، وإجازات الرعاية الوالدية، وتغير المناخ، والحريات والحقوق المدنية، ويعد من منتقدي السياسة الخارجية الأمريكية، وكان من المعارضين للحرب في العراق، وهو السياسي الأمريكي والمرشح الرئاسي الوحيد الذي ينتقد علنا ممارسات اليمين الإسرائيلي المتطرف وسياسات نتنياهو الرافضة للسلام، ويعارض الاحتلال والاستيطان وممارسات إسرائيل العنصرية، ويتفهم مأساة الشعب الفلسطيني ويتعاطف معه، ويدعم حل الدولتين لتحقيق السلام في المنطقة.
فمنذ أن بدأ حملته الانتخابية للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي له للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى في بداية شهر نوفمبر من هذا العام، لم يتوقف عن انتقاده للسياسة الخارجية لبلاده، خاصة تلك المتعلقة بإسرائيل وعملية السلام في الشرق الأوسط، وكرر القول أكثر من مرة ان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون وسيطا نزيها لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وأن تحضر الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات تحت شعار ” العدالة ” وبعيدا عن التحيز الأعمى لإسرائيل، وقال ” يمكننا أن نفعل ذلك، لدينا الثروة للقيام بذلك. لا يمكن أن نؤيد إسرائيل فقط ونتجاهل احتياجات الشعب الفلسطيني.”

وبالرغم من الخلافات في وجهات النظر بين ساندرز وقادة ” أيباك “، وجهت له إدارة اللوبي الدعوة لحضور أعمال مؤتمر المنظمة السنوي الذي يعقد في واشنطن، لكنه رفض الدعوة وقال إنه لن يحضر مشيرا إلى قلقه من تحيز المؤتمر لإسرائيل وانكاره للحقوق الفلسطينية الأساسية، وقال ” الشعب الإسرائيلي له الحق في العيش بسلام وأمان، وكذلك الشعب الفلسطيني، وما زلت قلقا بشأن المنصة التي توفرها أيباك للقادة الذين يظهرون التعصب ويعارضون الحقوق الفلسطينية الأساسية، ولذلك لن أحضر مؤتمرهم… كرئيس سوف أدعم حقوق كل من الإسرائيليين والفلسطينيين وأفعل ما يمكن لإحلال السلام والأمن في المنطقة.”
مقاطعته ساندرز لمؤتمر” أيباك ” السنوي الذي يمثل أكبر تجمع للمؤيدين لإسرائيل، والذي بدأ انعقاده في واشنطن يوم الأحد 1/ 3/ 2020 ويستمر لمدة ثلاثة أيام بحضور 18000 من قادة الصهاينة والمتعاطفين مع إسرائيل في أمريكا ودول العالم، وتصريحاته المتكرّرة المنتقدة لسياسات إسرائيل والمؤيدة لحل الدولتين أثارت حفيظة ورعب قادة ” أيباك ” من أن تؤدي إلى كشف الكثير من الحقائق المتعلقة بالاحتلال وممارسات إسرائيل التوسعية العنصرية، ومن ثم يتم إيصالها للمواطن الأمريكي العادي، مما سيكون له تأثيرا سيئا على التأييد الذي تحظى به إسرائيل في الولايات المتحدة؛
ولهذا يقوم قادة هذه المنظمة الصهيونية وأنصارهم في أمريكا وإسرائيل بشن حملة شعواء ضد ساندرز تركز عل اتهامه بأنه يساري اشتراكي متطرف، ومعاد للسامية وإسرائيل في محاولة لتشويه سمعته وافشال جهوده للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي له في الانتخابات الرئاسية؛ فقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلية يسرائيل كاتس تصريحاته بأنها ” مروعة “، وقالت صحيفة ” جيروزاليم بوست ” إنه من السخافة أن يقاطع المؤتمر الذي يحضره معظم الساسة الأمريكيين؛ وهاجمه اليميني المتطرف جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق بالقول ان أمريكا ستحصل على جرعة زائدة من التطرف إذا فاز بالرئاسة، وأضاف إنه المرشح الرئاسي الوحيد الذي يمجد كوبا، ويتهم قادة “أيباك ” واليمين الإسرائيلي بالعنصرية والعمل لإفشال حل الدولتين، وأضاف .. متهكما .. انه، أي ساندرز، سيعين الهان عمر عضوة الكونغرس المسلمة المعروفة بدعمها للفلسطينيين ومعارضتها لسياسات الإدارة الأمريكية الحالية وزيرة للخارجية إذا انتخب رئيسا!
حملة ” إيباك ” الشرسة لتشويه سمعة ساندرز وإفشاله ليست مستغربة، بل متوقعة من هذه المنظمة التي تضم في صفوفها أعتى وأغنى الصهاينة الأمريكيين الموالين لإسرائيل، والذين يستغلون نفوذهم في عالم المال والأعمال والسياسة والإعلام للتأثير على صناعه القرار في البيت الأبيض والكونجرس ووزارتي الخارجية والدفاع وتسخيره في خدمة إسرائيل. فهل ستنجح ” إيباك ” في إفشال ساندرز وإبقاء ترامب في البيت الأبيض؟
من المرجح أن تنحصر المنافسة على اختيار مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة بين بيرني ساندرز وجو بايدن، وإن أحدهما سيواجه ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة التي ستجرى في بداية شهر نوفمبر من هذا العام؛ وبناء على المعطيات الحالية فإنه من الصعب التنبؤ بمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكننا نأمل أن يفشل ترامب، وأن يفوز ساندرز أو بايدن فكلاهما يختلف عن ترامب الذي يتحكم بقراراته الشرق أوسطية اللوبي الصهيوني وكوشنر ونتنياهو، وكلاهما يعرف مناورات وألاعيب وأهداف ” أيباك ” ونوايا إسرائيل التوسعية، وقد يلعب دورا مهما في إيجاد حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com