بلدة بيتا مرة أخرى في مواجهة الاستيطان اليهودي.. المحامي/ سمير دويكات

عاشت بلدة بيتا جنوب نابلس، كما باقي الأيام، يوم عصيب ودامي في يوم الجمعة أول أمس، حيث واجهت جيش الاحتلال بكامل عتاده، وهي في إطار إصرار المواطنين العزل على منع المستوطنين من الاقتراب إلى الأراضي الفلسطينية المحاذية للمغتصبات الصهيونية في جنوب نابلس، وقد قام المواطنون بالتعاون مع بلدية بيتا والمؤسسات الأخرى ومنها المحافظة وهيئة مقاومة الاستيطان ووزارة الثار والسياحة والحكم المحلي وكافة المؤسسات الوطنية ومنها الأجهزة الأمنية على الوجود المستمر في الأراضي حتى لا يستطيع المستوطنين الاقتراب منها، وقد حددوا يوم الجمعة صباحا موعدا للقدوم إلى أعلى منطقة وهي ما تسمى “جبل العرمة”، وقد استفاق المواطنون على عدد كبير من جنود الاحتلال وسياراتهم متواجدة هناك وتمنع المواطنون من الاقتراب نحو الجبل، فيما بقي مجموعة كبيرة من الشبان هناك ليلة الخميس على الجمعة وقد تصدوا لقوات الاحتلال على مدار اثني عشرة ساعة متواصلة حتى أرغم الجنود على الانسحاب.

وقد كان لبلدة بيتا تجارب كبيرة منذ بداية الانتفاضة الأولى حيث منعت أي وجود استيطاني فوق أراضيها، وتكرر المشهد قبل بضع سنوات في الناحية الجنوبية المحاذية لحاجز زعترا الاحتلالي في “جبل صبيح” حيث تم منع المستوطنون من الاستيطان هناك وجوبهت محاولاتهم بمزيد من الغضب، والتي أدت في حينها الى إخلائهم من المكان، وحيث أن بلدة بيتا تتوسط الضفة الغربية فإنها تعتبر معقل مهم للفلسطينيين المارين من الوسط إلى الشمال وبالعكس، ويرغب غلاة المستوطنين ومؤسساتهم إلى النيل من المكان بإنشاء استيطان هناك يربط الشرق بالغرب والجنوب مع الشمال الاستيطاني وهي فكرة حتى قبل طرح صفقة القرن وجاءت صفقة القرن لتعزز هذا الطرح الاستيطاني.

ويدعي الصهاينة عبر رواياتهم المزيفة أن لهم أثار هناك، ولكن الموجود هناك عبارة عن خزانات لمياه استخدمها الفلسطينيون في قديم الزمان حتى سبعينيات القرن الماضي من اجل تجميع المياه والإقامة هناك لزراعة الأرض وإنتاج المحاصيل، ولا يوجد كما باقي الأراضي الفلسطينية أي ادعاءات زائفة لليهود، وهي محاولات مفضوحة هدفها تعزيز الاستيطان والاحتلال، وهنا لا يمكن التفريق بين الجيش الصهيوني الذي يحميهم ويقتل ابناءنا وبين المستوطنين الذي يرغبون في الاستيطان وسرقة الأرض طوال الوقت.

وقد طرحنا قبل وقت موضوع كيف لنا مواجهة الاستيطان وخطة القرن والاحتلال؟ ان أي جهود غير جهود الصمود والمواجهة لن تكون مجدية، ولا يجب ان نبقى فقط مدافعين عن وجودنا بل يجب إعادة الأمر وتطويره نحو مواجهة هجومية ضد الاستيطان واقتلاعهم من المستوطنات وهي الطريقة الأسلم لرد المستوطنين وإجبارهم على الرحيل عن أرضنا الفلسطينية.

وبيتا على موعد آخر في مواجهة المشروع الاستيطاني في جنوب نابلس وهو الطريق الالتفافي الذين ينوون شقه بمحاذات الطريق القديم المار في أراضي بورين وحواره وبيتا وزعترا، وهو هدف المستوطنين منه ربط كافة المستوطنات في الضفة ببعضها وهو مشروع خطير يكون تأثيره مضاعف على كل المناطق الفلسطينية وسيمنحهم السيطرة عن مداخل القرى والمدن بطريقة لم يسبق لها مثيل.

لذلك على القيادة الفلسطينية الاستمرار في مواجهة هذه المشاريع إلى جانب شعبها وعليه بإعادة تدوير موازنة الدولة نحو تعزيز صمود الناس بدل من بعثرتها على أمور ورفاهية البعض هنا أو هناك، وهي مسالة مصيرية سيكون أثرها في السنوات القادمة، أما ان نبقى نأمل في قدوم حكومة إسرائيلية أو أمريكية أصلح وقتها لن نجد لا ارض ولا مواطن، وهي يجب أن تقوم على فلسفة الحق الفلسطيني في الأراضي وان تكون على قاعدة أن الحق له قوة تحميه في مواجهة الاحتلال.

وان مقاومة الاستيطان من خلال المواطنين والمؤسسات الداعمة يجب أن يكون على توسيع المخططات الهيكلية وزرع المواطنين في بيوت آمنة، وان يتم منحهم جميع التسهيلات وهي أن كانت متأخرة كثيرا لكن ما يزال الأمل معقود على كافة المؤسسات والناس التي ترغب في إحداث أثر وطني في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com