الكورونا وعيون الحقيقة.. بقلم/ جمال ربيع أبو نحل

هل كان العالم بحاجة إلى كل هذا الوقت ليدرك أن تطوير وإنتاج الأسلحة التقليدية والنووية لا تستطيع حماية البشرية من الموت المحقق من الأوبئة والأمراض ولا تتمكن حتى حماية من ينتجها ويخزنها لاستخدامها ضد الغير.

بين عشية وضحاها وقفت دول العالم المتقدمة والنامية حائرة وعاجزة عن وقف انتشار الفيروس القاتل كوفيد -19، وقد أثبتت الوقائع عن سوء تقدير المجتمع الدولي للقدرة الفتاكة للفيروس في الانتشار والعدوى والموت المحقق.

اعتبرت معظم دول العالم أن هذا شأنا صينيا وتأخرت منظمة الصحة العالمية في اعتبار الكورونا جائحة حتى ضرب الوباء القارة الأوروبية ولم يكن حال الآخرين أفضل فتعاملت إدارة الرئيس الأمريكي باستعلاء واستهتار.

في حين تميزت قيادة الحزب الشيوعي الصيني بالقدرة الفائقة في محاصرة الوباء في ووهان ومنعت انتشاره في أكبر بلد تعداد سكان على وجه الأرض.

تؤكد كل الأدلة والبراهين أن حاجة سكان الكرة الأرضية هو في وجود مراكز للرعاية الصحية أكثر من حاجتها الماسة لأسلحة الدمار الشامل وأن المواطنين في كل دولة بحاجة إلى أجهزة التنفس الاصطناعي أكثر من حاجتهم إلى طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، وكذلك أن بناء المستشفيات أهم بملايين المرات من الصواريخ الفرط صوتية.

وأن الاستثمار في مراكز البحث العلمي وتمويل الدراسات والبحوث العلمية مفيد للإنسانية أكثر من الغواصات النووية، وان إنتاج وتخزين الكمامات الطبية والقفازات والمآزر المعقمة والمطهرات أكثر حيوية من تخزين القنابل والأسلحة الكيماوية.

أثبت الكورونا أن جميع العاملين في القطاع الصحي أطباء وصيادلة وممرضين وفنيين هم أولى بالتقدير والتكريم.

وأثبتت جائحة كورونا أن سلبية المواطنين في الصمت على سياسات الدول والتي تخصص الميزانيات لبرامج التسلح على حساب التعليم البحث العلمي والصحة والرعاية الاجتماعية يعنى ذلك أن المواطن سيواجه الموت للنقص في الخدمات الصحية عند أول وباء فالإنفلونزا الإسبانية قتلت حوالي 50 مليون نسمة بما يساوي تقريبا ضحايا الحرب العالمية الأولى و الثانية.

قوى اليمين المتطرف والذي يدفع بالعالم نحو مزيد من رفع الموازنات العسكرية وارتماء الملايين من المواطنين في احضناهم يعنى انكشاف البشرية أمام الأوبئة المميتة.

حيث انهارت أنظمة الرعاية الصحية في دول وفي دول أخرى أصبحت تسابق الزمن لبناء مستشفيات ومراكز طبية للحد من نسبة الوفيات بين المرض.

جائحة فيروس الكورونا يجب أن تفتح عيون الجميع بأن عدد الجياع في العالم 820 مليون نسمة وفقا لتقرير الأمم المتحدة في العام .2019

حجم الإنفاق العالمي على التسلح ارتفع بنسبة 2.6% ليصل حوالي 2 تريليون دولار العام الماضي وفقا لمعهد ستوكهولم لدراسات السلام.

العالم و الذي سيصبح عدد سكانه 8 مليار نسمة في العام 2050 سيكون حوالي 2 مليار منهم فوق الستين عاما ، يعني ذلك أنه بحاجة إلى توجيه المزيد من الموارد المالية نحو حماية ورعاية الإنسان و ليس العكس.

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com