نصائح وإرشادات للتعامل مع الأطفال في وقت الأزمات/ بقلم: د. عبد الكريم عبد ربه المجدلاوي

في المحن الشديدة، يصاب معظم الأشخاص بالحزن والضيق الشديد كردود فعل نفسية طبيعية مؤقتة، وهناك فئة من السكان تسبب لهم هذه الظروف مشاكل نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب كرب ما بعد الصدمة أو اضطراب الحزن الطويل الأمد، وهي جميعها اضطرابات من شأنها أن تُقوض بشدة الأداء الوظيفي اليومي للأشخاص.

وبلا شك أن الأطفال من ضمن الفئات الهشة والأكثر عُرضة لهذه الأنواع من الاضطرابات وذلك بسبب محدودية خبراتهم في الحياة. أطفال فلسطين وأطفال غزة على وجه التحديد عندهم مستويات من الصلادة النفسية أعلى من أقرانهم في المجتمعات الأخرى، وذلك بحكم خبراتهم التراكمية مع الأزمات والمحن الشديدة التي تعرضوا لها، فالطفل الذي يبلغ من العمر 13 عام قد شهد أربعة حروب مدمرة على غزة ناهيك عن جولات عديدة من الاعتداءات الصهيونية على غزة, ولكن بما أن منحنى العدوان تصاعديا، أي أن مستوى العُنف والجريمة والقوة النارية وطبيعة الأسلحة المستخدمة  في كل عدوان يكون أعلى من العدوان الذي سبقه، يبقى الأطفال دائما بحاجة إلى الاهتمام والرعاية، وبما أن درهم وقاية خير من قنطار علاج ، نضع بين أيديكم بعض النصائح والإرشادات لتجنيب أطفالنا هذه الاضطرابات:

1-     الأب هو البطل في نظر أطفاله، فلا يجب أن ينهار الأب أو يظهر عليه علامات التوتر والخوف أمام أطفاله، بل عليه أن يكون متماسكا وصلبا وقويا أمام الأطفال، لأن الطفل حين يخاف يريد أن يأوي إلى ركن شديد وبطل يعطيه الأمان والطمأنينة، فلتكن أنت أيها الأب الركن الشديد، ومصدر الأمان والطمأنينة لأطفالك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

2-     العمل على إشغال الأطفال بالألعاب والأنشطة الجماعية وليشاركهم الأب والأم بهذه الألعاب.

3-     فتح التلفاز على أفلام الكرتون أو أغاني الأطفال، وبصوت مرتفع كي يغطي على ضجيج وأصوات القصف والانفجارات البعيدة نسبيا.

4-     الاجتهاد قدر الإمكان أن يكون صوت المذياع أو التلفاز الذي تتابع عليه الأحداث منخفض الصوت، ولو أمكن استخدام سماعة الأذن يكون أفضل، وذلك لأن الصوت المرتفع مع الأغاني الحماسية يثير الأعصاب ويُهيج النفوس، ويخلق حالة توتر عند الأطفال، مثلا لو كنت تسكن محافظة غزة فما هي الضرورة وما الحكمة في أن يعرف الأطفال بالمجزرة أو القصف الذي يحدث في رفح مثلا وأن يسمع المناشدات والصراخ وغيره، نحن نعمل على ألا يسمع ولا يتأثر بما يحدث في المحيط فما بالنا بما هو أبعد. 

5-     العمل على إشغال الأطفال بالألعاب التفاعلية على الحاسوب واستخدام سماعات الأذن، كي نعزلهم عن الواقع الصعب، ونحرف انتباههم عما يدور حولنا. 

6-     الحرص على عدم انخراط الأطفال في المتابعة الميدانية للأحداث والأخبار العاجلة واحصائية الشهداء والجرحى، وعدم مشاركتهم فيديوهات قصف البيوت أو الشهداء والجرحى، والحرص على عدم عرضها أمامهم.

7-     العمل على تأخير ساعة نوم الأطفال من خلال الهائهم بالألعاب أو التلفاز حتى ساعة متأخرة من الليل، لأن الطفل لو نام مبكرا سيستيقظ فزعا على أصوات الانفجارات والقصف الذي يحدث غالبا في الليل، ولأن أصوات القصف يكون في الليل أعلى منه في النهار، لذلك نحن بحاجة إلى أن ينام الأطفال في الليل نوم عميق، وذلك يتأتى من خلال أن نشغلهم طوال اليوم بالأنشطة والألعاب الحركية، وكذلك تأخير ساعة النوم، وبذلك نحصل على نوم عميق كفيل بأن لا يستيقظ الطفل على أصوات القصف والانفجارات. 

8-     الحرص على اختيار غرفة آمنة في البيت للنوم والمكوث بها، ومن المهم أن يتواجد الوالدين أو أحدهما على الأقل بين الأطفال وهم نيام، لأنه لو حصل وأن استيقظ أحد الأطفال من النوم على صوت انفجار أو قصف ووجد الأب بجانبه يربت على كتفه ويُطمئنه فسيعود الطفل للنوم بهدوء، وسيحصل العكس لو استيقظ ولم يجد أحد بجانبه سينفجر بكاء ورعب.

9-     لا يجب إطفاء النور في غرفة نوم الأطفال في الأوقات العصيبة، لأن الظلام لوحده عامل خوف عند الأطفال، فكيف لو أضفنا صوت الانفجارات والقصف ويستيقظ الطفل على الأصوات ليجد الظلام قد لف المكان، بالتأكيد ستكون الصدمة أشد والخوف أكبر.

وفي الختام نسأل الله أن يُعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما 

حفظ الله شعبنا من كل مكروه وكرب

  • مدير الصحة المدرسية بوزارة التربية والتعليم العالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com